خلال المواجهة الضارية المستمرة بين المقاومة الايرانية من جهة و بين النظام الايراني من جهة ثانية و التي تدور رحاها منذ قرابة أربعة عقود، زعم النظام کثيرا و ملأ الدنيا زعيقا و صخبا بأنه قد قضى على المقاومة الايرانية ولم يعد لها من وجود، وقد إستفاد النظام کثيرا من الامتيازات و الامکانيات المتاحة و المتوفرة لديه من أجل تصعيد مواجهته ضد المقاومة و عزلها او تهميشها في سبيل الادعاء بأنه قد قضى عليها قضائا مبرما، لکن المقاومة الايرانية التي تشکل منظمة مجاهدي خلق رأس حربتها و عمودها الفقري، لها خبرات و ممارسات و تجارب لايستهان بها أبدا في مجال مقارعة النظام الايراني، ولئن کانت الهجمات التي قادها النظام وعلى مختلف الاصعدة قوية و قاسية، لکن المقاومة الايرانية بخبرتها الطويلة و العريقة و بممارساتها النضالية، نجحت في إمتصاص زخم تلك الهجمات و لم تسمح لها بتحقيق الاهداف النهائية المرجوة منها.
أقوى و أشرس هجمتين قادهما النظام ضد المقاومة الايرانية، من غرائب الصدف انهما تتصادفان في عهد رئيسين يقال انهما إصلاحيان و الاصلاح منهما براء وهما: محمد خاتمي و حسن روحاني، ففي عهد الاول”خاتمي”، وعبر صفقة سياسية مشبوهة تم على أثرها إدراج منظمة مجاهدي خلق في قائمة الارهاب على أمل تأهيل النظام الايراني و تطبيع العلاقات معه، أما في عهد الثاني”أي روحاني”، فقد شن النظام اقوى هجمة سياسية ـ عسکرية ـ إعلامية من أجل توسيع و تعزيز التدخلات في المنطقة و کذلك من أجل تطوير الصواريخ الباليستية و توسيع مدياتها وکذلك من أجل محاربة المقاومة الايرانية و کبح جماحها بعد أن نجحت في إحراج النظام و فضحه عالميا و إقليميا على مختلف الاصعدة.
هاتان الهجمتان و مع ماقد خصصه النظام من جهد و إمکانيات غير محدودة من أجل إنجاحهما، لکنهما وعلى الرغم من ذلك لم تتمکنا من تحقيق الاهدف الاهم و الاستراتيجي هو القضاء على المقاومة الايرانية عبر إسکاتها، لکن الاهم من ذلك ان المقاومة الايرانية وهي تقوم بواجبها النضالي الوطني بالتصدي للهجمتين، فإنها لم تقف عند حد إمتصاص زخم الهجمتين و إفراغهما من تداعياتهما المستقبلية على المقاومة الايرانية، وانما ردت الصاع صاعين عندما صعدت من نضالها و کفاحها حتى وصلت الى حد نجاحها الکبير في أن تقود الانتفاضة الاخيرة للشعب الايراني التي إندلعت في 28، ديسمبر/کانون الاول الماضي کما إعترف بذلك المرشد الاعلى للنظام و العديد من القادة و المسؤولين الآخرين، وهو مايعني إن النظام يمر الان بأوضاع بالغة الصعوبة تستحق و بجدارة إطلاق تسمية”المأزق” عليها، ذلك إن معظم الطرق باتت مسدودة بوجه النظام، وإنه قد صار وجها لوجه أمام رفض الشعب و مواجهته له و التي لن تکون نهايتها إلا کما کانت نهاية نظام الشاه!