الحلقة الاولى: عِلْم الجَهْل !
ان يسود الجَهْل بصفته عِلْماً فهذا مالايُتَوقّع حدوثه ولايمكن حصوله ! بالتاكيد لايمكن ذلك ولكن الأأكد انه حدث وحصل وشاع في اوساطنا !! فلماذا شاع ولماذا اصبح علماً؟؟
يقسم المناطقة الجهل الى قسمين هما:
1- الجهل البسيط :وجعلوا ضابطه التفات الانسان الى جهله كجهلنا في الطب ان لم نكن اطباء فنراجع المختص عند شعورنا بالمرض وهذا الصنف من الجهل يمكن تداركه اما بالتحصيل او الرجوع الى العالم في مسائله لادراكها .
2- الجهل المركب: وهو عدم الالتفات الى الجهل ، بل قطع الجاهل انه من اهل العلم غير ملتفت الى جهله وغير معترف بقصوره .
وهذا الجهل من الخطورة بمكان لانه آفة كل مفسدة تستند الى توهم معرفي وحجة كل مهرطق في تجديفاته ومغالطاته خاصة اذا توفرت البيئة الاجتماعية الملائمة للخرافات والمغالطات وتتضاعف الآفة اذا تغلف هذا الجهل بدثار ديني وتصدى لاشاعته متدينون ظناً منهم انهم يُحسنون صُنعاً ويُقدمون لدين الله مالايقدمه غيرهم ! او مايجهله الناس ! وللاسف الشديد يقع الكثير من الوعاظ والروزخونية تحت طائلة هذا القسم من الجهل اما جهلاً او عمداً باستغلال بساطة الناس وانجذابهم للمواعظ والارشادات الدينية تارة وتارة اخرى لتضمن مايقولونه على احداث مستقبلية او تعليلات مقرفة وسمجة ولاتمت للدين بصلة لاحداث معاصرة تجذب المتلقي وتسيطر على تفكيره وتمنع بما يحيطهامن قداسة اي تفكير مضاد آخر ولو كان على سبيل الاحتمال او الاطروحة ، اعتماداً منهم على الذاكرة القصيرة للمستمع العراقي كما يتوهمون اذ يعتقدون جميعاً ان الذاكرة العراقية قصيرة الى ابعد الحدود وتنسى آهات الامس كما تنسى احسانه لكنهم واهمون فالذاكرة العراقية حديدية ولاتتحطم وسُرعان مايستدعي الفرد العراقي التاريح اما للمعايرة او للتقييم ! ، ومع ماتقدم يبقى التساؤل قائماً : لماذا انتشر الجهل بصفته علماً في مجتمعنا؟ وهل نحن مجتمع يضم وفرة من الاغبياء؟
ان الفرد العراقي ليس غبياً بطبيعته وهو فرد شديد الذكاء وفطن واي مجتمع لايخلو من افراد شديدي النباهة واخرين شديدي الغباء غير ان الغالب على العراقيين هو الفطنة والنباهة ، يقول الجاحظ المتوفي في 255هـــ في شرح ماقاله عمر بن الخطاب واصفاً حال اهل العراق( ان اعجب فما اعجب الا من مائة الف لايرضون عن امير ولايرضى عنهم امير) ان اهل العراق اهل فطنة ونباهة فاذا جاءهم الامير عرفوا معايبه فعابوه بها ، لكنهم فضلاً عن ذلك يمتازون ايضاً بالعقل الجدلي ايضاً وهو عقل يُفتح للحوار ولايقف عن حد معين ايضاً!
ان ميزة الفطنة والنباهة لدى العراقيين تخالطها ايضا عفوية عاطفية وروح ثورية متمردة ولترويضهم تجري محاولات اغباءهم والغاء دور العقل لديهم عبر تقديم مُثُل عليا عراقية اهم مايميزها هو الغباء او التغابي وهذا الامر ينهض به صنفان من المجتمع تخادما كثيراً للقضاء على العقل العراقي وهما:
اولاً :- السياسيون
ثانياً:المثقفون السلطويون و الروزخونية السياسية
اما الصنف الاول فقد نجحوا باستثمار الحماس الطائفي والعرقي واشاعوا الرعب في المجتمع من المجتمع العراقي ذاته بصفته آخر وغريب مذهبياً أو عرقياً ! عبر خطاب ديماغوجي يستند الى اثارة المخاوف التي تستدعي التخندق خلف المنقذ المُفتَرَض !!! وهكذا برزت قيادات طائفية واخرى عرقية دفع العراق ثمنها دماءً مرشحة للمزيد في كل حين ، فيما تولى الصنف الثاني استثمار الموجة والاندكاك في التجهيل للوصول الى هدف ذاتي وجماعي وكل عبر الياته ووسائله المتعددة التي ليس من بينها قطعاً وسيلة ثقافية صحيحة او نص ديني لاغبار عليه ، وللحديث تتمة ان شاء الله تعالى