17 نوفمبر، 2024 7:17 م
Search
Close this search box.

العقل والدين!!

العقل: الحِجر والنُهى , ضد الحُمق , والمعقول ما تعقله بقلبك , والقلبُ العقل, وعقل الشيئ يعقله عقلا : فهمه.
ويعقلون: يفهمون.
وكلمة يعقلون تكررت كثيرا في القرآن , الذي فيه تأكيد وتعظيم للعقل ودوره وضرورته للحياة والوعي والإدراك السليم لجوهر الأفكار ومعاني الدين.

فبدون العقل ينتفي الدين , ولولا العقل ما معنى الدين , وإن “إقرأ” الكلمة الأولى التي ترددت في غار حراء وهي نداء موجه للعقل , وإقرار بأن الدين خطاب عقلي , ومن ضرورات سلامته وإستقامته العقل السليم.

فأين العقل في منطق ومناهج المدّعين بالدين؟

إن العديد من الأديان لتهمل العقل أو تقلل من شأنه , لكن القرآن يركز على العقل بأسلوب واضح ومتكرر وبخطاب شديد , وكأن الآيات التي تنتهي بكلمة “يعقلون” , ذات شحنات إيقاظية ونداءات قوية وطاقات إمعانية.

وكم ترددت كلمة ” أفلا يعقلون” , وكلمة “يتفكرون” لكن الدين الذي يبدو في الواقع المعاصر بلا عقل , أو أن العقل ممنوع من الدين , فلا يجوز للعقل أن يكون حيث يكون الدين , وما على الناس إلا أن تتبع وتخنع وتخضع لمن يدّعي بأنه يمثل الدين أو هو العارف بالدين , بل أن الأمر قد إتخذ أساليب عجيبة نقلت البشر إلى مصاف القدسية وربما التفويض الإلهي , وغيره من الإضفاءات التي ما تمتع بها حتى الأنبياء والرسل في تأريخ البشرية , فما عاد للعقل وجود ودور في الحياة الدينية وإنما هي الإنفعالات والعواطف , والنفوس الأمارة بالسوء الداعية لإطلاق المطمورات السيئة الكفيلة بتدمير الحياة والسعي للموت الذي تحسبه الحياة.

إن “إقرأ” , “تعقل” , تفكر” , أركان أساسية من أعمدة الدين الذي يتلخص في القرآن , وبدون العقل والتفكّر لا قيمة للدين ولا دور إيجابي له في الحياة , والذي يتبع دينا بلا تفكّر وتعقّل لهو كالبهائم الراتعة في مرابع الجزر الأكيد.

إن ظاهرة عزل العقل عن الدين من أخطر الممارسات التي عانت منها البشرية على مر العصور , وبرغم التأكيد على العقل في القرآن فأن الإجتهاد بنفي العقل وإقصائه من أفظع الممارسات التي عانت منها الأمة على مر العصور , وأسهم في تعزيزها المئات من أدعياء الدين المتنعمين بعطايا الكراسي والسلاطين الذين يريدون تمرير رغباتهم وفقا لرؤى وتصورات دينية , وما هي إلا أضاليل وبهتان مشين.

وعليه فأن الأمة بحاجة لإذكاء العقول وتحفيزها وإطلاقها حرة في مواكبة التحديات وصناعة الحياة , وإن الدين في جوهره يدعو إلى حرية العقل والتفكير , وينكر التحجيم والإنغلاق والتعفن والتحجر في أقبية السكون والخواء , وإن الدين في العقل , والعقل هو السبيل الأنور للدين , أما الذين يعطلون العقل وفقا لأهوائهم , فأن الدين عندهم بضاعة يتاجرون بها , ولا تعنيهم سوى مكاسبهم الدنيوية الباهتة.

و “كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون” 2:242

فأين العقل يا أمة يعقلون؟!!

أحدث المقالات