توقفتُ تماماً عن الكتابة السياسية.. سواء في النظم السياسية.. أم في الفكر السياسي.. كما توقفتُ عن ممارسة التحليل السياسي.. سواء كتابة أم مباشرة عبر الفضائيات.. على الرغم من إنني المتفوق الثالث على دفعتي بالكلية في العلوم السياسية.. وكانت رسالتي للماجستير في النظم السياسية مع توصية اللجنة العلمية بطبعها على نفقة الجامعة.. أما أطروحتي للدكتوراه فكانت في الفكر السياسي وبدرجة الامتياز.. وطبعت كل منهما مرتين ونفذت من المكتبات.. إضافة الى حصولي على شهادة الدبلوم العالي في اقتصاديات العمل بتفوق من ألمانيا.. ومثلها في الصحافة الدولية من روما.. كما صدر ليً أكثر من 25 كتاباً في العلوم السياسية.. والفكر والتاريخ والأحزاب السياسية.. لكنني اليوم أقولها أمام الأشهاد لن ولن أتكلم في السياسة.. ولا التحليل السياسي.
التوقف الأول لي كان العام 1990 بعد احتلال صدام للكويت.. فلم أجد إلا إن الدولة العراقية أصبحت حرامي كبير.. وتربي شعبها على القتل والخطف والسرقة.. وطلبت مني جريدة الجمهورية مقالاً عن الحالة آنذاك فلم أجيبهم.. بعد أسبوع كرروا الطلب فاعتذرت.
بعد 2003 رجعت للكتابة والتحليل والدراسات.. بل عينتُ مسؤولاً عن ملحق آفاق إستراتيجية في جريدة الصباح..وأنشأتُ مركزاً للدراسات الإستراتيجية للجريدة.. لكنني وجدتُ أمامي أطفالاً في السياسة.. وآخرون منافون.. وكذابون.. وطائفيون مع سبق الإصرار.. ونوابناً حدث بلا حرج.. وكتاباً في السياسة لا يعرفون حتى ابسط مبادئ السياسة.. فتوقفتُ ثانيةً عن الكتابة والتحليل السياسي.. بل حتى توقفتُ عن إلقاء محاضرات سياسية في الكليات والجامعات.
ـ يسألني البعض لماذا توقفتً عن الكتابة والتحليل السياسي ؟
أقولها بصراحة متناهية.. أنني لم أجد في المحللين السياسيين الحاليين.. سوى مهرجين لا يستحون من أنفسهم.. وأكثر الفضائيات والصحف.. الكتاب أو استضافة أناس لا يفقهون حتى في الذوق.. وأكثر هذه الفضائيات أما ليس لديها مختصون في السياسة لفرز الغث من السمين.. أو إن هذه الفضائيات لا تحترم نفسها. أما المحللون السياسيون الحقيقيون فلن يسمح لهم.. فالفضائيات والمسؤولين والكتل والأحزاب الكبيرة تحابهم وتهمشهم.. بل وتهددهم.
اليوم: أجد محللين أمنيين أميينً.. والبعض لا يستحي من أن يضع لقب الدكتوراه.. وهو لا يملك سوى البكالوريوس.. ليس في الدراسات الأمنية.. وليس له خبرة أمنية.. وهناك بعض المرتزقة ممن يحمل الدكتوراه لكنه لا تخصص سياسي أو امني وليس لديه خبرة أمنية.. ويكتب خبير أمني.. أفٍ عليكم.
ـ أجد نفسي اليوم خجلاً.. وأنا اسمع وأشاهد قمماً لكتل سياسية لا تفقه حتى بأصول الحوار.. ولا يستحون من شعبهم عندما أجد قادة كتل لا يخجلون من الكذب والتحدث بعبارات نابية.. ولا يتذكرون ما قالوه أمس.. ليعودوا في اليوم التالي يصرحون بالضد منه.
ـ أجد ألأقلام الملوثة بالمال العام ازدادت..وأيدي بعض ألكتاب خفيفة لتناول المال من المسؤولين.. وعقول بعض الإعلاميين ماكنة في خدمة الفاسدين.. ومثقفين أصبحوا أدوات صماء.. وآخرون أشبه بالقرقوز.
ـ أغضب وأثور وأنا أجد سياسيين يتاجرون بدماء العراقيين.. وأجد سياسيينً يتبرؤون من السياسة وجماعتهم ليعودوا ناسيين ما قالوه بالأمس.. ويشتغل عمالة بالسياسة وكأن السياسة عمالة في الطين والكرك!!.
ـ أجد من دمر الفلوجة والنجف والموصل يقف ليدافع عن ماذا؟.. لا أدري؟.. أجد من قتل شبابنا في قاعدة سبايكر بطلاً مغواراً!!.. وأجد من سلم الموصل والانبار وصلاح الدين ينبحون في السياسة كالكلاب المسعورة!.. وأجد رئيس مجلس الشعب يسقط مجلس الشعب.. وأجد من يتحدث بالقدرات.. ولا يهرع لنجدة الحلة وطوزخرماتو وبشير.. التي نكبة عشرات المرات.. أجد وزير عدلٍ سابق لا همً عنده سوى تجزئة المسلمين في العراق.
ـ أغضب وأثور عندما أجد المسؤولين عن رعاية النازحين حرامية ساقطون.. بل أسوأ أخلاقاً وسلوكاً من داعش.. بل أجد من سرق تخصيصات وأموال النازحين.. اليوم في مؤتمر الكويت للمانحين.. ينتظرون ما يرزقه الله من حرام جديد لهم.. باسم شعبنا.
ـ اندهش.. والغضب يأخذني.. وأنا أجد في الصفوف الأولى في مؤتمر إعادة بناء العراق.. محافظون حكموا بتهم فساد.. وأطلق سراحهم قانون العفو العام.
ـ أجد مجلس النواب يرفض تعديل قانون الانتخابات بمنع الفاسدين الذين أدينوا بجرائم فساد وأطلق سراحهم قانون العفو العام.. من الترشح للانتخابات.
ـ مسؤولون في دولة لا يستحون: الكل تقول إنهم من حملة (شهادة الدكتوراه).. وبعضهم لا يحمل سوى شهادة الثانوية.. أجد الكل تتحدث بالنزاهة.. وأكثرهم لصوص حتى براجيتة الدواء.. وعلاج قشرة الشعر.. والبواسير.
ـ أجد وزراء ومحافظون ورؤساء مجالس محافظات لا يخجلون عندما تصدر بحقهم أوامر إلقاء قبض بتهم فساد.. وبكل صلافة يظهرون على شاشات الفضائيات ويتحدثون بالنزاهة ويقولون نتحدى !! أية نزاهة.. وأي تحدي.. يا حرامية..
آخرون يؤجرون سياراتهم المصفحة لمن؟.. لا يدرون ؟ وقد يكون المؤجرون إرهابيون ؟.
حرب الأنبار كانت تجارة ونهب؟.. والمشرفون على النازحين أصبحوا ملياردرية.. والنازحون الحقيقيون يموتون جوعاً وعطشاً.. ننتظر فضائح السرقات لتخصيصات النازحين وأعمار الموصل.
مثلما كان الجيش في الزمان السابق يستمر في حربه على الأكراد.. ليس من أجل القضاء على العصاة الأكراد كما يقولون.. بل من أجل النهب.. فهم تجار حروب في كل زمان ومكان!!.. تجارة جديدة بدأت تينعُ.. وهي تجارة الأعمار وإعادة بناء ما دمره الأشرار.. والله أنتم أسوأ من الأشرار.. وألان ستبدأ عمليات السرقة الشرهة لأعمار الموصل والمناطق المحررة وإعادة ألأعمار.. وحادين سنونهم على مؤتمر الكويت للمانحين.
من يحترم نفسه أن يسكت.. ولا يستخدم أموال الدولة لتسقيط الآخرين.. معظمكم ساقطون.. فلا داعي للتسقيط.. من يحترم نفسه أن يعلن التوبة أمام الشعب.. ويعتذر ويذهب من حيث أتى !!
مع كل ذلك أحترم الصفوة القلية جداً جداً.. بل الذين يعدون بأصابع اليد في التحليل السياسي والأمني .. السيد حيدر ألعبادي..وعدتً وعدً الرجالٍ الشرفاء..إنكً ستكنس كل الفاسدين من بلادي.. تحت أي عنوان كانوا..وأعلنت حربك على الفساد منذ ستة أشهر.. لكننا نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً.
المرجعية العليا أفتت الأسبوع الماضي بوضوح محدد: (إن مثلي لا يبايع مثله).. وشرحها ممثل السيد السيستاني السيد عبد المهدي الكربلائي بالتفصيل قائلاً: لا ننتخب الفاسدون.. ولا القتلة.. ولا المرتشون.. ولا الأقرباء. ولا على أساس العشيرة.. ولا الصداقة.. أو المصلحة.
ـ وأكد السيد أن ننتخب التكنوقراط.. الصالح..والكفاءة.. والمخلص.. وأكد على النزيه.
ـ وننتخب الذي يخدم البلد والشعب وليس يخدم نفسه وأهله وعشيرته.. وكرر ذلك عدة مرات.
أللهم إني بلغت .. أللهم إني بلغت