22 نوفمبر، 2024 7:37 م
Search
Close this search box.

بيت السبع مايخله من العظام

بيت السبع مايخله من العظام

وهذا المثل يضرب لما يدل على بقايا النعمة والهيبة لدى من ذلّ أو افتقر، ويضرب أيضا للشخص يعرف بامتلاك أموال أو حيازة متاع ونحوه، فيسأله البعض اليسير، فينفي أن يكون تحت يده من ذلك شيء، وهذا ما سيحدث في مؤتمر الدول المانحة، فكل الممنوحات لا تساوي سرقة واحدة قام بها فلان او فلان، ولو شاءت الحكومة لطالبت اللصوص بالأموال التي سرقوها وأجبرتهم على إرجاعها، لكان أفضل من ألف مؤتمر للمانحين، التسول أمر يمارسه عديمو الكرامة، ومؤتمرات الدول المانحة اردأ من التسول بكثير، والدولة حينما توصم بأنها متسولة لن تقوم لها قائمة أبداً، ويحكى في التسول الكثير الكثير، حتى صار له أدب وشعراء، وفي وقتنا صار له رؤساء، فبعض الدول معروفة ومشهورة بالتسول وانضم إليها بلدنا بعد ألفين وثلاثة.

وكان خالويه المكدي معروفاً بالبخل والتسول مع وفرة في المال، وقف عليه سائل ذات يوم في مجلس من مجالس بني تميم، فمد يده في الكيس ليخرج فلساً، وفلوس البصرة كبار معروفة، فغلط بدرهم فلم يفطن حتى وضعه في يد السائل، فلما فطن استرده وأعطاه الفلس فقيل له: هذا عمل قبيح، فقال عند من؟ إني لم اجمع هذا المال بعقولكم فأفرقه بعقولكم، وبعد ذلك فهذا المسكين، ليس من مساكين الدراهم، انه من مساكين الفلوس، وقال الأصمعي وقفت على سائل بالمربد وهو يقول:

قد رهنت القصاع في شهوة الخبز ……فمن لي بمن يفك القصاعا،

فقلت أتممه، فقال أتممه أنت، فقلت:

ما رهنت القصاع يا قوم حتى … خفت والله أن أموت ضياعا

فقال والله أنت أحوج إلى المسألة وأحق بها مني، وهذا ما يفعله وطن السواد بعد أن أضاع الأرض وذل وافتقر ، صار يتسول المليون والمليونين، حتى الآن ميزانيته تعادل ميزانية الكويت أو غيرها من الدول بأضعاف، بلد يصدر يومياً خمسة ملايين برميل من النفط الخام وفيه ثلاثون مليون نخلة، وحقول من الغاز ، ولديه نهران عظيمان وأرضه أخصب من أراضي الدول مجتمعة وفيه سياحة دينية واهوار وجبال ، طبيعة خلابة ومقتنيات لا يمكن توفرها لأيّ بلدٍ في الأرض، لكنه بلد متسول للأسف، بلد النفط يتسول في مؤتمر يصطحب اليه 158 مسؤولاً، عفواً 158 متسولاً ، سيعودون بخفي حنين مع ظهور المتغيرات الجديدة في المنطقة، واحتمالات نشوب حرب كبيرة تقودها اسرائيل.

ربما يكون التسول طبعاً من طباع الناس، فانا اعرف عائلة متوسطة الحال وغير محتاجة، ولكن أباهم يتسول في الإشارات الضوئية، استخدموا معه كل الأساليب لثنيه عن هذا العمل، ولكنه يخرج متخفياً ليعثروا عليه ثانية في إشارة ضوئية فيعود معهم الى البيت، العراق صار التسول طبيعة من طباع قادته ولكنهم استبدلوا المفردة بمفردة لطيفة، وهي الدول المانحة، واقنعوا أنفسهم أن العراق بلد فقير يستحق الصدقة، ويذهبون إلى التسول زرافات وعشائر ومحافظات، بلد هم من أفقره وهم من حطم قطاعه الخاص وهم من دمر ثروته الحيوانية ومعامل التعليب بيعت ( تفصيخ)، وهم من أجهز على الأراضي الزراعية فيه ، وحتى النخيل لم يسلم من أحقادهم، فهم يستلذون المسكنة ويحبون الكدية، قضوا أعمارهم على موائد الدول المانحة من اللجوء الى المسؤولية، وهذا ديدنهم ولا نستطيع أن نطالبهم بأكثر من هذا، فهم متسولون حتى وان كان في بيت السبع (عظام).

أحدث المقالات