22 نوفمبر، 2024 11:38 ص
Search
Close this search box.

من أدب الرحلات/ رحلة الى منتجعات المكسيك وحضارة “المايا”/ الجزء الثاني والأخير

من أدب الرحلات/ رحلة الى منتجعات المكسيك وحضارة “المايا”/ الجزء الثاني والأخير

ذكرتُ في الجزء الأول ما فاجئني بعدم تطابق مطلبي للجناح السكني المنفصل والمطل مباشرة على البحر مع الواقع الذي فرضته عليّ إدارة المنتجع بالسكن في وحدة سكنية هي جزء من أربعة وحدات سكنية وعدم إشرافها على البحر بشكل كامل، وتحريري لطلب إحضار فطور اليوم الأول الى جناحي السكني، وسأبدأ الجزء الثاني من صباح أول يوم في المنتجع وملابساته!!.

بدأتُ صباحي كالمعتاد بأخذ حمام سريع وحلاقة ذقني فلاحظت خروج الماء خارج حوض السباحة المحاط بالمرمر وفيضان الأرضية من حولي وذلك بسبب خطأ في التصميم الهندسي مما حدا بأحد السوّاح (الأذكياء!!) قبلي أو أحد عمّال التنظيف الى كسر زاوية المرمر قليلاً للسماح للمياه بتسربها بين جدران البناية بدل سقوطها على أرضية الحمام!!!، أزعجتني هذه الحالة التي تزامنت مع عدم إرتياحي لعدم توافق متطلبات حجزي لوحدة سكنية منفصلة ومطلّة بشكل مباشر على البحر ـ ـ ثمّ جاءت “القشّة التي قصمت ظهر البعير” عندما وجدتُ طلبية الفطور التي جلبها “الساعي” تختلف تماماً عن ما طلبتهُ في القائمة!!!، فرفعت سماعة الهاتف على موظفة التشريفات وقلتُ لها بعصبية واضحة أوصليني بمدير المنتجع؟؟!! ـ ـ وحالاً تكلم معي الرجل بكل أدب وإحترام لكنني كنتُ قد فقدتُ الهدوء وقلتُ له بإنفعال: “جئتُ هنا للراحة والإستجمام وليس لأفقد أعصابي”، وأغلقت سماعة الهاتف ليس لإهانة الرجل لكني خشيتُ من تتطور إنفعالاتي أكثر!!، تركنا جناح السكن الساعة التاسعة صباحاً في اليوم (الأول) الذي كانت بدايته ليست على ما يرام وذهبنا لتناول طعام الفطور في أحد المطاعم الذي يبلغ عددها ثلاثة عشر مطعماً متباينة السعة والبعض منها جاهزة على مدار الساعة لتقديم الطعام المتنوع ما بين الأوربي والأسيوي والمكسيكي ـ اللاتيني، وعند عودتنا بعد ساعة ونصف من الزمن وجدتُ رسالة صيغت بإسلوب مهذّب فوق العادة تدعوني للذهاب الى المكتب الإداري الخاص بمجموعتنا السكنية، وحين وصولي أدركت ـ ـ وأقولها للحقيقة مدى أخذهم للأمر بجديّة وخوفهم من تطور الأمور أكثر وتعاملوا مع الموقف بمهنية عالية من خلال طلب موظفة الإستقبال لي وبإرباك وخوف واضحين للتفضل بلقاء المدير في الغرفة الداخلية!!، فقلتُ لها لا داعي لتلك الإجراءات فأنا أعرف كيفية التصرف بشكل متحضر، لكنها إستدركت بإبتسامة مجبرة عليها من أنّ المدير يرغب برؤيتي على إنفراد (طبعاً هذه الطريقة المهنية واردة في أغلب الأماكن السياحية والخدمية في العالم وذلك لمحاصرة المشكلة وعدم رغبتهم في سماعها من قِبل أي من الزوّار أو الزبائن الآخرين عدا المعنيين بها لكي لا تؤثر سلباً على سمعة المنتجع)!!، إستقبلني المدير بحفاوة وحَذَرْ وهو يحاول قراءة أفكاري!!!، بادرته بالكلام لأطمئنه ولتسهيل مهمته وللتخفيف من تحرجه من أين يبدأ وعرضتُ عليه ما حدث منذ وصولنا، وبعد إنتهائي من الحديث سألني قائلاً: “هل لي أن أسأل من أي بلد بالأصل أنت”؟!، فأجبته: من العراق ـ ـ لكنني مقيم في كندا، فقال لي: هذه المرّة الأولى التي يأتي فيها عراقي الى هذا المنتجع!!!، فقلتُ في نفسي ربما تتمنى يا هذا أن تكون المرّة الأخيرة لزيارة عراقي بعد الموقف الذي حصل!!!، طلب مني الرجل مهلة لساعة واحدة ليرتّب لي كل شئ بعد أن وافقني تماماً على إنزعاجي بعد إطلاعه على التفاصيل المثبتة في أوراق الرحلة، عدنا بعد جولة سريعة في المنتجع الى جناحنا السكني لأجد رسالة أخرى تطلب مني الذهاب مرة أخرى للمكتب الإداري، لكن هذه المرّة إستقبلتني الموظفة بإرتياح واضح وطلبت مني إنتظار المدير لثواني وسيخرج لمقابلتي!!، عرض عليّ المدير أثناء لقائه بتغيير السكن بآخر يلائم متطلباتي وإذا لم يعجبي فسيجدوا حلاً آخراً أفضل!!، الحقيقة عندما ذهبنا لرؤية الوحدة السكنية التي كانت عبارة عن مشتمل أو دار منفصلة جميلة جداً تحمل الرقم (2719) وتبعد أمتار قليلة عن ساحل البحر وتحتوي على مرفقات إضافية عن الوحدة السكنية السابقة كوجود حمام شمشي إضافي خارجي محاط بجدران صخرية عالية لا تسمح بالتطفل ولكنه مفتوح من الأعلى (لا يوجد سقف للسماح بدخول الشمس) وبشاور (دوش) رأسه كقرون حيوان “الآيل” ويأتى الماء اليه مباشرة من البحر أي غير صافي وغير معقم كمياه الحمام الداخلي!!، كذلك يوجد طاولة إضافية لتناول الطعام وسرير إضافي لشخصين في “البالكون” الخلفي المطل مباشرة على البحر للقيلولة أثناء الظهيرة ومحاط بـ “التول” أو القماش النافذ للتمتع بمنظر البحر ولمنحه الخصوصية!!، وبعد قناعتي بمطابقة الوحدة السكنية البديلة مع ورقة الحجز وافقتُ عليها (سأرفق صورة الوحدة السكنية مع هذا التقرير)، لكن طلبوا ساعتين إضافيتين لتهيئتها علماً من أنها كانت وحسب ما بدت لي لا ينقصها أي شيء مطلقاً!!، بعد ساعتين نقلوا حقائبنا من السكن الأول الى الثاني وسلموني المفتاح، عند دخولنا وجدنا الفارق ولماذا طلبوا الساعتين الإضافيتين!!، فالسرير قد كان مرتباً بشكل مغايرٍ وزاهياً بالورود التي نُثرت عليه!! ـ ـ ووضعوا عليه أيضاً المناشف التي صنعوا منها أشكال للحيوانات الأليفة كالأرانب!! ـ ـ والبانيو “الجاكوزي” قد ملئ بالماء الفاتر المطيّب بالعطور والفقاعات للمواد الصابونية المنثورة عليها وريقات الورود مع قنينة “شمبانيا” على حافته موضوعة داخل حاوية ثلجية!!، والحمام الداخلي المنعزل قد جهز بكل ما يحتاجه السائح من مواد معطرة، إضافة الى قنينة شراب “واين” وإناء فيه أنواع من الأجبان الغالية الثمن موضوعة على الطاولة وسط الغرفة (من المعروف أنّ لكل نوع من الشراب الجيّد هنالك أجبان خاصة غالية الثمن تؤكل معه، والبعض من الشراب يُكتب على القنينة نوع الجبن المفضّل تناوله مع ذلك النوع)، إضافة الى كيكة “كعكة” كبيرة كتب على صفيحة قطعة الشوكولاتة الموجودة عليها “عيد زواج وميلاد سعيد”، مع تهيئة الثلاجة بالسندويشات المختلفة والمشروبات بأنواعها الروحية والغازية وكل مستلزمات الخدمات الأخرى!!!.

مكثنا في المنتجع لسبعة أيام كاملة بلياليها ما عدا نهار واحد كامل في منتصفها ذهبنا خلاله في رحلة لرؤية آثار حضارة “المايا” وزقوراتها (أهراماتها) التي لا تضاهي بأي حالٍ من الأحوال زقورة “أور” الأثرية بحجمها وقِدمَها ورمزيتها كمسقط رأس وموطن لأبو الأنبياء والتي أهْمَلتها الحكومات العراقية المتعاقبة!!، وقد أجاب المرشد السياحي المكسيكي على سؤالي (الإختباري) له عن الغاية من تشييد تلك الزقورات بهذه الإرتفاعات العالية لأسمع منه نفس الجواب الذي كنتُ قد قرأتُ عنه في إعتقاد الأولين من إنّ هذا الإرتفاع يقرّبهم الى السماء التي فيها الخالق!!!، فإستغربتُ كيف وصل نفس الإعتقاد من أبناء الرافدين القدامى الذين شيدوا زقورتهم حوالي سنة (2050) قبل الميلاد الى أبناء حضارة المايا الذين بدأت حضارتهم بعد حضارة وادي الرافدين بمدة ليست بالقصيرة!!، فهل كان هنالك تواصل بين الشعوب مثل شعب وادي الرافدين وشعب المايا؟؟؟!!!، أم إنه توارد الخواطر للعقل البشري بأزمان مختلفة (أعتُبِرَ موقع “تشيتشن” الأثري المكسيكي الذي يحتوي على الأهرامات أحد عجائب “الدنيا السبع الجديدة” وقد تم إضافته الى لائحة التراث العالمي لليونسكو، وحيثُ أستبدلت أيضاً جنائن بابل المعلقة العراقية بمدينة البترا الإردنية على لائحة عجائب الدنيا السبع!!!)، وقد شاهدنا مدى الإهتمام بموقع “تشيتشن” الأثري الذي يدر على الخزينة المكسيكية مليارات الدولارات في نطاق السياحة الشاملة والذي بمجمله لا يتعدى واحد من الألف من المواقع الأثرية المهملة الموجودة في العراق!!، ومن المفارقات التي حدثت أثناء تلك الزيارة طَلبْ المرشد السياحي من جميع السوّاح الإصغاء لما سيقوله وكنّا بحدود عشرين سائح وسائحة في مجموعته إضافة الى وجود مجموعات سياحية أخرى حولنا مؤشراً بزهوٍ الى جدارية أثرية محفور عليها رجال المايا وهم ينتعلون الأحذية ومردفاً بصوت مرتفع ليسمعه الجميع: “لاحظوا أجدادنا أبناء المايا القدامى كانوا ينتعلون (الصندل) منذ ذلك الحين للحفاظ على أقدامهم”!!، فسألته بصوت يسمعني فيه الجميع أيضاً وبهدوء وحيثُ كنتُ في آخر المجموعة: “متى فعلوا ذلك”؟!، فأجابني بزهو واضح: “حوالي القرن الثاني بعد الميلاد”، فقلتُ له وبهدوء أيضاً: “أجدادنا قد سبقوا أجدادكم باكثر من الف عام في إنتعال الصندل”!!، وعندها التفت نحوي جميع من كانوا حولنا ونظر اليّ المُرشد السياحي سائلاً : “من أي بلد أنت”؟؟، فقلت له: “من العراق ـ ـ من حضارة وادي الرافدين”، فأوْمأ الرجل برأسه تأييداً وإحتراماً لشعب وادي الرافدين.

وسأورد أدناه ملاحظات لِما سجلته ذاكرتي وقلمي عن المنتجع والرحلة الى الأهرامات الأثرية ليطلع عليها القرّاء الأعزاء:

ـ كلمة التحية أينما ذهبنا خارج وداخل المنتجع هي “هولا” وهي كلمة باللغة الإسبانية وتعني “مرحباً”.

ـ التعامل كان راقياً جداً ومهنياً من أبسط عامل وعاملة في المنتجع الى أعلى درجة وظيفية فيه والجميع يتكلمون الإنكليزية إضافة الى الإسبانية.

ـ المنتجع نظيف جداً وعمال النظافة يتجولون ليل نهار لإدامة نظافته.

ـ يبدو هنالك تعليمات صارمة للعاملين بنقل أي ملاحظة سلبية أو إنزعاج يظهر على السوّاح والإخبار عنه فوراً، وهذا ما حدث معي في اليوم الأول كما ذكرتُ سابقاً، وكذلك موقف آخر حدث في اليوم الخامس من إقامتنا عندما حجزنا مسبقاً في مطعم يدعى “ضوء الشموع الرومانسي” على الشاطئ الرملي وفي الهواء الطلق وعلى ضوء الشموع والقمر!!!، وهو المطعم الوحيد الذي يجب الحجز عليه مسبقاً قبل أيام من بين الثلاثة عشر مطعماً، لكن من سوء الحظ وحال جلوسنا بدأ رذاذ المطر الخفيف بالتساقط، ففضلنا المغادرة من دون إشعار فتاة التشريفات التي لم تكن متواجدة في مكانها عند مغادرتنا، وذهبنا لتناول العشاء في مطعم آخر، وبعد تسجيل أسمائنا ورقم الجناح السكني في المطعم الثاني جاءت “النادلة” لأخذ طلباتنا وبادرتني بالقول: “من أنّ هذه المرّة الأولى التي تراني فيها في هذا المطعم”، ثمّ أردفتْ بسؤالي: “هل هناك مناسبة خاصة لزيارتنا المنتجع”!!، بالمختصر قلت لها كان من المفروض أن يكون عشاءنا في مطعم “ضوء الشموع” لكن سقوط المطر حال دون ذلك، فقالت: “لا عليكم سنعوّضكم بشئ أجمل”!!، وخلال أقل من نصف ساعة عادت برفقة زميل لها يدفع بعربة تحتوي على قنينة “شمبانيا” في حاوية ثلجية وكيكة عيد الميلاد وعليها الشموع وإناء فيه بعض أنواع الأجبان ثمّ الحقت الطلب بصحنين كبيرين من المأكولات البحرية وبقية المقبلات وقنينة شراب أحمر وـ ـ و ـ ـ الخ، وهنا لا بد أن أذكر من إنهم يقدمون المشروبات الكحولية بكثرة وبمختلف أنواعها بغض النظر عن أنّ الزبون سيشربها أو يكتفي بكأس صغيرة فقط!!، تفاجئت بعدها بلحظات لرؤيتي موظفة التشريفات لمطعم “ضوء الشموع” الذي غادرناه وهي واقفة عند مدخل المطعم مع مدير المنتجع لوجبة العمل الليلية وكانت تؤشر عليّ بإرتباك (يبدو إنهم إتصلوا بجميع المطاعم ليعثروا علينا عن طريق تسجيل أسمائنا في التشريفات)!!!!، حقيقة أنا الذي كنتُ محرج وليس هما!!، وشجعتُ المدير بالدخول بإبتسامة خفيفة من عندي، جاء الرجل مستفسراً بعد القاء التحية عن سبب مغادرتنا المطعم الأول وهل هنالك مَنْ أخطأ مِن العاملين فيه نحونا!!!، فبادرته بالقول بأن كل شئ على ما يرام والجميع لم يقصّروا بالخدمة وسبب مغادرتنا المطعم الأول كان نتيجة لتساقط الأمطار ففرح والقى تحية المغادرة بعد أن تمنى لنا الإستمتاع بالطعام وطيب الإقامة بالمنتجع!!!.

ـ بسبب فرق العملة فإن العاملين أغلبهم يتطلعون الى تقدير خدماتهم من قبل السوّاح بتكريمهم ببعض الدولارات كإكرامية، وهي لا تتجاوز بكل الأحوال لكل فرد بين دولار واحد الى خمسة دولارات أمريكية في كل مرّة والتي تعني لهم مبلغاً كبيراً!!.

ـ خلال تجوالنا ظهراً داخل المنتجع عرض علينا أحد كبار السن (البسطاء) من العاملين المساعدة لأخذ الصور لنا وكان يرتدي بدلة العمل الخاكية والخوذة الخاكية الصلدة كالتي يلبسونها في الأدغال الأفريقية في رحلات الصيد وتصورته أحد الذين يعتنون بالحدائق، وعندما التقط الصور بطريقة فنيّة شككت بمركزه وسألت إحدى العاملات التي إجتازتنا بعد القاء التحية عن هوية هذا الرجل؟!، فقالت أنه مالك المنتجع ويعيش هو وأبنته الوحيدة بشكل دائم داخل المنتجع!!!!.

ـ يعيش في المنتجع كمحمية طبيعة بعض الكائنات الحيّة مثل التماسيح المحاطة مستنقعاتهم بسياج معدني من الـ “بي.آر.سي” للحيلولة دون خروجهم الى الوحدات السكنية ـ ـ كذلك أنواع من السحالي والزواحف الغير عدوانية وبأحجام مختلفة والتي تتجول بشكل حر بين السوّاح داخل المنتجع ومن الممكن الإقتراب منها لحد لمسها!!! ـ ـ وطيور نادرة مختلفة الأنواع، وسأرفق بعض الصور لها مع هذا التقرير.

ـ يتجول العاملون في المنتجع من أقصاه الى أقصاه حاملين الحاويات المبرّدة التي تحتوي على الوجبات السريعة “السندويشات” والمشروبات الروحية والغازية بإنواعها لتلبية طلبات السوّاح مجاناً بلحظات وفي أي مكان في المنتجع!!.

ـ هنالك فعاليات مختلفة متوفرة للسوّاح على طول النهار من لعبة كرة الطائرة الساحلية أو داخل المسابح ـ ـ الى الطيران بالبرشوتات التي تسحبها الزوارق ـ ـ الى الجولات البحرية بالزوارق السريعة الرياضية ـ ـ الى رياضة “اليوغا” والمساج ـ ـ الى مشاهدة الأفلام السينمائية ـ ـ الى الجلوس بملابس البحر على السواحل الرملية تحت أشعة الشمس والسباحة مع الإستمرار بالأكل والشرب طوال النهار ـ ـ الى التجوال سيراً على الأقدام بين معالم المنتجع ـ ـ الى الذهاب للتسوق داخل “المول” الصغير الذي يحتوي على التذكارات السياحية والملابس المكسيكية التراثية وكذلك ملابس السباحة وغير ذلك ـ ـ الى الجلوس في غرف خاصة للأنترنيت أو مشاهدة الأفلام والقنوات الفضائية داخل الجناح السكني الخاص، أما ليلاً فهناك برنامج ترفيهي يومي يبدأ في التاسعة والنصف ليلاً على المسرح الكبير الذي يشمل فرق الإستعراضات الراقصة والكروباتيك والألعاب السحرية والفرق الموسيقية للبحر الكاريبي مع تقديم كافة الخدمات من مأكل ومشرب الى ساعات متأخرة من الليل.

ـ كانت درجات الحرارة معتدلة ما بين (18 ـ 25) درجة مئوية والرطوبة لا تتجاوز الخمسين الى الستين في المئة خلال فترة إقامتنا تخللتها بعض الأيام الممطرة رذاذاً خفيفاً.

ـ يوجد في المنتجع كنيسة صغيرة لعقد القران ويوجد موقع جميل على الساحل لأقامة الإحتفال على الرمال، وغالباً ما يحجز الخطيبان هذا المكان لعقد قرانهما في المنتجع بإحتفالية رائعة يحضرها أقاربهما وتتكفل إدارة المنتجع بتوفير جميع مستلزمات الحفل ولكن بأسعار إضافية بسيطة.

ـ يوجد بحيرة مياه معدنية صغيرة ملاصقة للبحر من الممكن السباحة فيها والتمتع بالمياه المعدنية الدافئة.

ـ تُكثر في المنتجع أشجار جوز الهند المثمرة.

ـ للمنتجع بناية خاصة لألواح تجهيز الطاقة الشمسية للحفاظ على البيئة.

ـ تذكرت أيام زمان في العراق من خلال رؤيتي لسيارة رش المبيدات “أم الدخان” وهي تجوب الشوارع الخارجية المحيطة للمنتجع دون الدخول الى شوارع الوحدات السكنية الداخلية، وهذا الإجراء لابد منه لكثرة البعوض خاصة في الصيف لوجود المستنقعات.

ـ تصاميم جميع الوحدات السكنية والخدمية بأغلبها هي تراثية وتم بنائها بالطرق التقليدية للقارة اللاتينية مع تداخل الحداثة والمواد الحديثة للبناء فخرجت بشكل يسر الناظر بالنظر اليها، فيما عدا المطعم الأوربي الفخم وصالة الإستقبال الرئيسية “اللوبي” وبعض المرافق الأخرى.

ـ تُكثر القنوات المائية والمسابح الجميلة جداً الملحقة بالوحدات السكنية في الطوابق الأرضية والعلوية أيضاً وخاصة في الجزء الذي أقمنا فيه على الرغم من وقوع المنتجع مباشرةً على البحر وذلك لتنويع خيارات السباحة للسوّاح!!، وسأرفق صورة للوحدة السكنية العلوية النافذ “بالكونها” على مسبحها الخاص!!!.

ـ هنالك إستثمارات لهذه المنتجعات من قبل رؤوس الأموال الأمريكية بشكل خاص، وكذلك محاولة مشاركة السائحين ذوي المدخولات العالية بهذا الإستثمار مقابل تقديم تخفيضات سنوية للإقامة في المنتجع، وكذلك تخفيضات مجزية للإقامة في بعض الفنادق العالمية حول العالم مثل مجموعة فنادق “هيلتون” وغير ذلك من الإمتيازات.

ـ غادرنا المنتجع في اليوم الرابع من إقامتنا فيه متوجهين بالحافلات السياحية الساعة الثامنة والنصف صباحاً (الخامس عشر من كانون الثاني/ 2011م) الى الموقع السياحي للأهرامات وإجتازت الحافلة السياحية عدّة قرى مكسيكية جميلة، وتوقفنا لتناول وجبة الغذاء في أحد المطاعم الذي أعد لنا برنامجاً راقصاً لأحدى الفرق الفلكلورية خلال تناولنا للغذاء، ثمّ توقفنا مرة أخرى في موقع سياحي لإحدى البحيرات للمياه الجوفية الموجودة تحت سطح الأرض ويتم النزول اليها من خلال نفق صخري بمئات الدرجات، وقد تفاجئتُ عندما رمى الكثير من السوّاح صغيرهم وكبيرهم ملابسهم الخارجية وظهروا بملابس السباحة ورموا بأنفسهم في البحيرة التي حذر المرشد السياحي من تلوث مياهها وأنهم غير مسؤولين عن الإصابات المرضية وخاصة الجلدية التي قد يصاب بها السوّاح نتيجة سباحتهم في هذه البركة!!، بعدها واصلنا السير الى منطقة الأهرامات وكان الدليل السياحي يلبي طلبات الجميع من قناني المياه والمشروبات الغازية والبيرة المثلجة والسندويشات التي جلبها معه من المنتجع بحاوية كبيرة مبردة خلال هذه الرحلة ذهاباً وإياباً!!.

ـ مثلما ذكرت في بداية هذا التقرير تجولنا في موقع شعب المايا والأهرامات الأثري لساعات وكان محاطاً بسياج والدخول اليه ببطاقات خاصة دفعنا أجورها مع المبلغ الإضافي لهذه الرحلة الخاصة، وحول الموقع يوجد محلات لبيع التذكارات السياحية والأعمال الفنية اليدوية الغالية الثمن نسبياً، لكن على السائح شرائها لتبقى ذكرى جميلة بين مقتنيات وديكورات منزله.

ـ عادت الحافلة السياحية بنا الى المنتجع بعد أن أسدل الليل سدوله في ذلك اليوم وكنّا متعبين جداً وبعد تناولنا وجبة العشاء ذهبنا الى المسرح للإسترخاء ومشاهدة الفعاليات الإستعراضية!!، فلا مجال لتفويت الفرص في مثل هذه الرحلات السياحية المعدودة الأيام!!.

لقد حققت هذه الرحلة غايتها بإزالة الإرهاق الذي كنتُ أشعر به من جرّاء عملي السابق!!، وللحقيقة كانت الخدمات ونوعيتها المقدمة وكادرها المتمرس بمهنيته العالية الأثر الكبير في حصولي على مبتغاي من الهدوء والتسلية والإستفادة من رؤية مواقع أثرية وضعت على لائحة “عجائب الدنيا السبعة الجديدة” ولزيادة رصيدي المعرفي الشخصي وتوسيع دائرة الثقافة العامة عن عادات الشعوب وتراثها.

إستقلينا الحافلات السياحية الساعة الثالثة عصراً بالتوقيت المحلي للمنتجع في يوم الثامن عشر من كانون الثاني/ 2011م متوجهين الى مطار “كانكون” للعودة الى أدمنتن/ كندا، لكننا فوجئنا بتأخر الطائرة القادمة من مدينة “أدمنتن” لساعتين بسبب رداءة الأحوال الجوية وهبوب عاصفة ثلجية قوية في إقليم “البرتا” الكندي كما ذكروا في المطار!!، وعند هبوط الطائرة القادمة من أدمنتن في مطار “كانكون” المكسيكي ونزول السوّاح الجدد القادمين من هنالك سألتُ أحدهم عن المناخ والعاصفة الثلجية التي سنصل اليها بعد ساعات أربع!!، فنظر الى طولي وأشّر بيده فوق رأسي قائلاً: “إرتفاع الثلج يصل الى هذا الحد” (أي بإرتفاع مئة وثمانين سنتمتراً عن الأرض)!!!، لم أصدق ما قاله وإعتقدتُ بأنه يمزح على الرغم من علمي من أنّ إقليمنا من ضمن ثلاثة أقاليم تأتي بشتائها القاسي بعد الأقاليم الشبه قطبية الشمالية!!!، لكن عند وصولنا فوق أرض المطار وقيام الطيّار بالدوران عدّة مرات حول محيطه لإعطاء الفرصة لفرق وآليات تنظيف المدرج للقيام بعملها ومن ثمّ هبوط الطائرة بصعوبة بعد أن إنزلقت عجلاتها ومال جناحها الأيمن الذي كان مقعدي بجانبه ورؤيتي للجناح وهو يميل قليلاً على إرتفاع أمتار لملامسة الأرض مع إنحباس أنفاس جميع الركّاب وهم يشاهدون من خلال النوافذ سيارات الإنقاذ والإسعاف وهي متأهبة للتدخل وبدأت بالحركة بإتجاهنا فعلاً وبعد أنْ تداركت مهارة قائد الطائرة الموقف لهذه الثواني الطويلة والصعبة للحيلولة دون وقوع الكارثة إستقر وضع الطائرة وأخذت مسارها الصحيح بالسير فوق المدرج وبدأ الجميع بأخذ أنفاسهم وكأنّ لسان حالهم يقول: “راحت السُكْرة وإچتْ الفِكْرة”!!.

إستقلينا بعدها سيارة الأجرة التي كانت بإنتظارنا لإنني كنتُ قد أخبرت سائقها عندما أوصلنا الى المطار في طريق الذهاب بالعودة الينا في اليوم والساعة المحددين في بطاقة السفر مع تزويده برقم الرحلة ولهذا كان مكتبه على علم من تأخر رحلتنا (طبعاً هنالك سيارات أجرة خاصة في المطار لكن أثناء قدوم الرحلات يُصعب في بعض الأحيان الحصول عليها دون الإنتظار قليلاً خاصة في فصل الشتاء)!!، وكادت التاكسي التي أقلتنا أن تنزلق أيضاً على الخط السريع وتحصل الكارثة نتيجة رداءة الجو وإستمرار تساقط الثلوج، وسأرفق صورة التقطتُها بعد يومين من رجوعنا لممشى السابلة حول دورنا السكنية لتأكيد ما ذهبتُ اليه في سردي ولبيان الفرق بين مناخ المنتجع في المكسيك ومناخ محل إقامتي في إقليم البرتا الكندي لنفس الفترة الزمنية.

وختاماً أتمنى أن أكون قد وفقتُ في نقل الصورة الكاملة عن المكسيك ومواقعها السياحية والأثرية والبعض من منتجعاتها وحيثُ بإمكان القرّاء الكرام الدخول الى (جوجول) وطبع إسم المنتجع باللغة الإنكليزية لمشاهدة عشرات الصور والقيام بجولة في مرافقه.

أحدث المقالات