19 ديسمبر، 2024 1:50 ص

رضا الناسِ غايةٌ لا تُدركُ

رضا الناسِ غايةٌ لا تُدركُ

أحببتُ إعادة نشر هذه المقالة التي كتبتُها بتاريخ الاثنين 26/4/2004 اي قبل أربعة عشر عام تقريباً وقد نُشرت أيضا وقتئذ في جريدة الحوزة وإليك عزيزي القاريء النص الكامل لذلك المقال:

(( كثيراً ما تنطبق هذه الكلمات وهذه الفكرة على عظماء البشرية كالأنبياء والرسل والأئمة والمصلحين وهذا الأمر واضح وجلي بضرورة التاريخ وكانت ولازالت الحوادث تؤيد هذه الفكرة….
أن المراد من رضا الناس رضا جميع الناس يعني الرضا المطلق وليس النسبي, لان الرضا النسبي موجود بطبيعة الحال فكل هؤلاء العظماء لهم نصيب من الرضا النسبي وأحيانا يكون هذا الرضا النسبي أكثر من عدم الرضا وهو أيضا نسبي…
فنحن حينما نريد تطبيق هذه المقولة على سيد الخلق وسيد المرسلين محمد ( ص ) نجد انه لم يحصل على الرضا المطلق من قبل الناس منذ اللحظة التي بُعث بها إلى يومنا الحالي!
بالرغم من انه ( ص ) أكثر الناس يُحسن الظن به من قبل كل المسلمين والكثير من غير المسلمين بل هو يمثل المرتبة الأولى في ذلك وهذا الأمر لا يمنع من وجود الحاقدين عليه وغير الراضين عنه وهذا هو ظاهر القرآن الكريم ” ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم ”
إذن فالرضا المطلق غير متحقق لا للرسول( ص ) ولا لغيره…
وينبغي أن يكون الأمر اشد وضوحاً في غير الرسول( ص ) من أئمة وأنبياء وعباد صالحين وجميع المجاهدين وهذا ما عشناه في مسيرة غير واحد من رجال ديننا وقادتنا وعلى رأسهم السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس) والسيد الشهيد محمد الصدر(قدس)……الخ
و اليوم هذا الأمر ينطبق على السيد مقتدى الصدر(دام توفيقه) الابن البار للرسول ( ص ) والأئمة المعصومين(ع) وبالتالي فهو ابن بار للإسلام وللقرآن على حد سواء…
بالرغم أن الخصم هو أعدى أعداء الإنسانية وهو الشيطان الأكبر أمريكا لكننا نجد هناك عدم رضا عن هذا السيد المجاهد القائد العابد وهذا يعني أن الرضا سوف يكون لأمريكا من قبل هؤلاء فيحشرون معها ” الراضي بعمل قوم يحشر معهم “…
ونحن لابد لنا من معرفة أسباب حدوث هذه المقولة(أي عدم الرضا) باستمرار وحتى في المستقبل…..
كلنا يعلم أن أفراد الإنسان مختلفون من حيث الإدراك و الوعي وبتعبير أدق يختلفون في عقولهم وقلوبهم مع أننا نعلم أن العقل والنفس واحدة فهذا الاختلاف والتفاوت هو شيء عرضي ينشأ من عدة أسباب وعوامل قد تكون داخلية وذاتية وقد تكون خارجية ولما كانت هذه العوامل وتلك الأسباب أمرا متحققاً خلال مسيرة الإنسان التاريخية فان التباين في العقول والأفكار والنفوس والقلوب أمرا متحققاً وحاصلاً أيضاً علـــــى ” مر العصور والدهور…… “.
وهذا الاختلاف والتباين كان بعد التوحد وقد صرح القرآن الكريم : ” كان الناس أمة واحدة ” أي بعدم عروض الطوارئ من عوامل وأسباب…..
ومن خلال التدقيق في المعنى اللغوي لكلمة الكفر يتضح المعنى فالكفر لغة هو الحجاب والستر واستعمل لفظ الكفر فيما يقابل الإيمان بالله سبحانه وتعالى لان الله خلق الإنسان مفطوراً على الإيمان، فالكفر هو حجب وستر هذه الفطرة التي تنبض بالإيمان وهنا يأتي الكفر كمصداق للأسباب والعوامل التي عرضت للأمة التي خلقها الله واحدة و بالكفر اختلفت وخرجت عن وحدتها فبعث الله الأنبياء مبشرين ومنذرين لإرجاع الأمة إلى الفطرة والى الوحدة….
وهذه الاختلافات وعدم الوحدة قلنا أنها عارضة بأسباب وعوامل داخلية وخارجية فالداخلية هي ما يعبّر عنها بنظرية التدرج أو السير نحو التكامل فأفراد الإنسان في عصر آدم تختلف استعداداتهم العقلية والقلبية عن أخوانهم في عصر النبي محمد (ص) وقد عبر الشهيد محمد باقر الصدر عن هذا التطور والتدرج في الاستعداد لدى معاصري النبي محمد ( ص ) من بني البشر بالفهم المكتمل لأساليب الاستدلال…
إن التفاعل بين العقل والفكر والذي جعل عملية التفكير أكثر تعقيداً وعرضة إلى الوصول إلى أفكار خاطئة أو متوهمة جعل من الضروري وضع آلة تعصم العقل من الخطأ في الفكر وهي ما يسمى بالمنطق….
وهذا الاحتياج يؤكد أن العوامل لها دور في التباين والاختلاف بين الناس وبالتالي اختلاف قناعاتهم ورضاهم …..
ونحن إذا أضفنا أن الإنسان ليس مجرد فطرة وضمير وعقل أو نفس عاقلة وحواس بل هو أيضا غريزة وشهوة ونفس أمارة بالسوء وحب ذات وهذا المركب بين هذه القوى هو الذي يتشكل منه الإنسان وبالتالي تكون مدركاته وقناعاته خاضعة لكل ذلك وهذا هو السبب في جعل الناس أمة مختلفة وليس أمة واحدة ولذلك ورد في الزيارة ” لعن الله أمة قتلتك ” فالمراد بالأمة هنا هي الأمة الكافرة التي اختارت النفس الأمارة بالسوء مرشداً لها…
فالناس من خلال طغيان الشهوات المحرمة وسلطة النفس الأمارة والانقياد لها وعدم ذلك أصبحوا أمتين لا أمة واحدة…
ودور النبوة والإمامة هو خلق التوازن بين العقل والقلب والنفس والروح لكي يرجع الإنسان إلى فطرة الله التي لا تتبدل ولا تتحول وبالتالي ترجع الأمة إلى وحدتها التي بدأت بها مشوارها…
مع العلم بالفرق بين تلك الوحدة وهذه الوحدة فتلك الوحدة بين الناس بسبب سيطرة الفطرة على الإنسان لعدم تطور وتكامل قوى الفكر والنفس والذي يعبر عنها السيد محمد باقر الصدر(قدس) في كتاب اقتصادنا عصر الفطرة والغريزة فلا يوجد أي مبرر للاختلاف والتفرقة ولكن حينما دخلت هذه العوامل اختلف الناس فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين لأنهم سوف ينذرون الناس عن ابتعادهم عن الفطرة وميلهم نحو صوت النفس الأمارة بالسوء ونحو الظلم والعصيان فمن يستجيب إلى صوت النبوة فهو لا يدع لقوى النفس المتصارعة بأن تجره إلى الهاوية بل إلى التوازن والتكامل …..

وفي خضم هذا نشأت ثقافات متضادة ومتناقضة أو ما يسمى بالصراع الحضاري بين الحق والباطل فالناس اختلفوا من حيث الحق والباطل……
إن بعث الأنبياء لإرجاع الناس إلى الحق،، فلو كان الناس كلهم مع الحق فهم أمة واحدة وهذا ما يسعى إليه الأنبياء والمرسلون والأئمة والمصلحون وهذا ما يسعى إليه مولانا صاحب العصر والزمان المهدي عليه الصلاة والسلام….

ونحن نجد أن ثقافة الكفر قد تعمقت وتعقدت كلما تطورت المعارف لدى الإنسان، وتعمقت و تلونت وسائل وأساليب الاستدلال خصوصاً بعد الاتجاه الحسي للمعرفة الذي طوّر الخبرة البشرية في الكون والطبيعة….
فأصبح دعاة الكفر والإلحاد يحاولون عقلنة أفكارهم الكفرية وإلباسها الثوب العلمي…
ونحن نجد أن فكر الكفر والإلحاد قد ملئ الأرض ولكن يقابله الفكر الإيماني الذي استطاع أن يتفوق على الفكر الإلحادي وتصدي له في كل مرحلة من مراحل الصراع كما هو الحال للتصدي الرادع الذي حصل على يد السيد محمد باقر الصدر (قدس) والسيد محمد الصدر(قدس) في عصرنا الحاضر ……
إن أي فرد يؤمن بالكفر ويعتقد به فهو معارض وغير راضٍ عن الإيمان وعن تصرفات المؤمنين بمختلف رتبهم أئمة كانوا أم مؤمنين…
وهذا الأمر نجده في حركة السيد المجاهد مقتدى الصدر(دام توفيقه) وهذا واضح بالنسبة لكل من سمع تصريحات أئمة الكفر من بوش وبلير وبريمر ومارك كيمت ومن كان خاضعاً لهم وعميلاً لهم ومن يحسن الظن بهم ومن يعتقد بقدرتهم أمام قدرة الله سبحانه وتعالى وكل مفتون بهم من الكافرين وعبدة الطاغوت ووعاظ السلاطين وطلاب الدنيا ومحبيها…..
أما الفرد المسلم أو المؤمن الذي له عقيدة صحيحة وملتزم بالشريعة الإسلامية يجد من السيد مقتدى الصدر أملا له وممثلاً له فهو يرضى عنه حبا بالحق وأهل الحق الإيمان….
و نحن نلاحظ أن جميع من يتقول على السيد مقتدى الصدر(دام توفيقه) ولم يرض عنه نجده أسيرا لشهواته ولحب الدنيا الدنية ومقصراً في معرفة أحكام دينه وعقيدته أو متسامحاً في التطبيق…
نحن نرى نفس الأفواه ونفس الوجوه التي حاربت وتقولت على السيد محمد الصدر (قدس) وبعد استشهاده اعترفوا بذنوبهم ولكنهم لم يرتبوا أثرا على ذلك وهم نفسهم الذين حاربوا السيد محمد باقر الصدر(قدس)!!
وهم أيضا امتداد طبيعي لأعداء الأئمة(ع) والمشككين بهم وأعداء الرسول(ص) وإن ادعوا الإيمان والولاء فهو ولاء كاذب وخادع كالسراب ولو كان الرسول ( ص ) حياً أو الأئمة(ع) ماذا نتوقع منهم؟
هل نتوقع منهم الوقوف مع أمريكا المجرمة ومع المحتل أم يقفوا مع الكفار وأهل الفسق والزنا والخلاعة والرذيلة والظلم….
أم يقفون مع المجاهدين ومع الشهداء الذين لا يريدون إلا الحق
أم يقفون مع السيد مقتدى الصدر(دام توفيقه) ؟
فلولا دعاءهم(عليهم السلام) و رعايتهم(ع) لماّ أصبح بيننا من المؤمنين والمؤمنات من ضحى بنفسه وفاز بالشهادة
ونحن نتحدى الكفار وأمريكا وهؤلاء أن يأتوا لنا بحجة على بطلان ما قام به السيد مقتدى الصدر(دام توفيقه)…
وأنى لهم ذلك وقد عصوا الله وخالفوا شريعته ونصبوا الحرب والعداء على المؤمنين والناس أجمعين….
أن أسباب هذا البهتان وعدم الرضا هو حب الدنيا وعدم الوعي وعدم التمسك بالإسلام والشريعة بل يكفي السيد المجاهد مقتدى الصدر(دام توفيقه) فخرا أن معظم مؤيديه هم أبناء الشعب العراقي من سنة وشيعة و مسيحين وسائر القوميات والطوائف ويكفيه فخراً انه أكثر من مرجع سني ومرجع شيعي يؤيد السيد مقتدى الصدر دام توفيقه…
بل أن أنصاره يمثلون شرائح مختلفة من الشعب العراقي بمختلف مستوياتهم العلمية والثقافية والأمر أكثر أهمية أن أكثرهم هم من المخلصين المجاهدين الملتزمين الذين يتورعون عن المحرمات وأكثرهم حبا للوطن وتضحية في سبيل الله..))

أحدث المقالات

أحدث المقالات