23 نوفمبر، 2024 12:49 ص
Search
Close this search box.

حتى أنتِ يا .. نيو دلهي !!

حتى أنتِ يا .. نيو دلهي !!

تابعت الأسبوع الماضي بحيرةٍ ، خبراً مصوراً عن زيارة رئيس وزراء اسرائيل نتن ياهو الى العاصمة الهندية نيودلهي .. وهو يجوب شوارع المدينة بسيارة مع مضيفه رئيس الوزراء الهندي ، وكان هناك حشد من الأطفال والنَّاس يلوحون بالعلمين الاسرائيلي والهندي !

شخصياً لم استغرب الموضوع وهو يأتي في سياق علاقات متنامية ومتطورة بسرعة الصواريخ بين الجانبين في كل المجالات وعلى مختلف المستويات وبصورة سرية او علنية ، ولكنني قارنت بينه وبين مشاهد ستينية وسبعينية عندما كان زعماء وقادة عرب ، وعلى رأسهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وهم يجوبون شوارع نيودلهي وبومباي برفقة الساسة الهنود الذين كانوا منحازين بالفطرة والعقل ( والمصلحة ايضاً ) الى العرب في قضية الصراع العربي الاسرائيلي ، تتزاحم لهم الملايين ويُحتفى بهم احتفاء اهل الدار والاصدقاء المقربين والزعماء والقادة الافذاذ ، او زيارات الساسة الهنود الكبار كنهرو او انديرا غاندي الى العواصم العربية في مشاهد احتفاءٍ مماثلة وترحيب كبير ، ويوم كان صوت حركة عدم الانحياز مسموعاً ، بل مدوياً بسياسات وأفعال وتكاتف أقطابها الكبار ( عبد الناصر وتيتو ونهرو ونكروما وسوكارنو وغيرهم ) فما الذي تغير ياترى ، وما حدا مما بدا ؟؟.

اولا : ان الدولة اليهودية لم تترك فرصة الا واستغلتها في علاقات تجارية او سياسية او علمية او تكنولوجية وتمددت معها الى الشرق ( آسيا ) او ألى الجنوب ( افريقيا ) متبرعة بتقديم الدعم اللوجستي والخبرات والكوادر البشرية لتحقيق غايات واهداف محددة مهمة جداً للمصلحة العليا للدولة ، وثانيا : انها لم تدّخر وسعاً لإيجاد مواطيء قدم لها كلما كانت الفرصة سانحة ، فكيف بهذه الفرصة وقد أتت اليها من جانب الهند بعد عقود من الصداقة والعلاقات التقليدية بين العرب والهنود ؟ ، وكيف لا تستغلها اسرائيل بقوة وسرعة متناهية باعتبارها الفرصة التي لا تعوض وهي تلامس الخاصرة الخلفية لقوتين نوويتين ناشئتين تعتبرهما اسرائيل اعتى اعدائها والمهدد ، بل والخطر الاول لكيانها ومستقبلها واقصد بهما الپاكستان ومن خلفها ايران ؟؟.

لقد سمحت حالة التمزق العربي ، وانشغال العرب الرسميين بالحروب والنزاعات المسلحة وغير المسلحة فيما بينهم او بالانابة عن اخرين وتصفية الحسابات فيما بينهم ، وتقلص وتقادم الحميمية في العلاقات العربية الهندية ، اضافة الى الفشل الذريع ومنذ عقدين من الزمن لحزب المؤتمر في العودة الى واجهة الحكم في الهند منذ غياب زعاماته الكبرى ( آل غاندي ) الذي أرسى العلاقات التقليدية مع العرب ومنذ عقود ، كما ساهم تراجع الناتج القومي العربي ( منفرداً او مجتمعاً ) بعد مؤامرات ما اسمته اسرائيل قبل غيرها بالربيع العربي ساهم بتراجع الميزان التجاري بين العرب والهند .. وساهم كل ذلك بدفع اسرائيل لاقتناص الفرصة الذهبية للتوجه الى الهند نكاية بالعرب وحرف الدولة الآسيوية الكبيرة الى التوجهات الإسرائيلية خلافاً لمنطق التاريخ ، فارتفع الميزان التجاري بين الجانبين ودخلا عصراً جديداً من التعاون الاستراتيجي في مجالات الفضاء والاتصالات والاستخبارات والبحوث العلمية والزراعة والتصنيع والبنى التحتية .. وحتى التنسيق السياسي !! .

لقد نجحت اسرائيل بامتياز بإبقاء الساسة الهنود تحت ضغط هاجس الخوف من سياسة الإسلاموفوبيا و ( خطر الارهاب الاسلامي ) المحدق بهم من الشرق ( بنغلاديش ) ومن الغرب ( الپاكستان وافغانستان ) ومن الشمال ( الصينيون الايغور ) ، سيما ان الهند تنازع منذ عشرات السنين جارتها الباكستان ، وخاضت معها اربع حروب حتى الان ثلاث منها حول كشمير ذات الغالبية المسلمة ، وهي ( الهند ) تعاني من ارهاب نَفَر من الإسلاميين المتطرفين الذين حولوا القضية الى مسالة استهداف لكيان الدولة الهندية والتعايش الديني والمذهبي المعقد والهش فيها .. مع سعي جهات وقوي معروفة الى استهداف الدولة والجيش الهندي مثل تنظيمات جيش محمد او عسكر طيبة اضافة الى التنظيمات الإرهابية التقليدية او الجديدة ( القاعدة – طالبان – داعش ) .

واذا نظرنا الى الهند على انها ثاني اكبر تجمع بشري على وجه الارض ، وهي اكبر دولة ديمقراطية في العالم ( نسبة الى عدد الذين يحق لهم التصويت والمشاركة في الانتخابات البرلمانية ) ، وتتمتع بامكانيات بشرية هائلة وتقدم علمي مرموق ، وموقع جيوسياسي متفرد ، وثقل حضاري وسياسي فريد ، وعلاقات ومصالح ندّية ومتوازنة
..

أحدث المقالات

أحدث المقالات