شعارات وأناشيد تعبر عن الأزمات السياسية المتلاحقة في البلاد
نقلت مواقع عراقية إلكترونية أن معظم الشعارات التي رددها زوار “كربلاء” – وهم يحيون الليلة السبت الأحد، ذكرى استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب – كانت سياسية، وموجهة إلى جميع القادة المشاركين في العملية السياسية في العراق الجديد.
وبدا واضحاً لدى الزائرين لكربلاء، أن تلك المراثي الحسينية، التي كانت ترفعها المعارضة الإسلامية لنظام حزب البعث (أحمد حسن البكر وصدام حسين)، وتحمل تحدياً للسلطة، عادت تُسمع من جديد، حيث يحرص الكثير من المواكب والهيئات والتكايا، على بثها بواسطة مكبرات الصوت، وهي توجه نقداً لاذعاً للسلطات الثلاث ولكل من يسمونهم بالمقاولين السياسيين، ويجري تشبيه رجالاتها بشكل مباشر بصدام، والتأكيد على أن الظالم هو الحاكم دوماً في العراق، حيث انتشرت صيحات مثل: ”علينه افرضوا أحكام، بلا رحمة ولا رأفة”.
وذكر موقع “ميدل إيست أون لاين” أن زوار كربلاء يسيرون من العتبة العباسية إلى العتبة الحسينية، في مجموعات تردد أناشيد اختاروا أن يمزجوا فيها هذا العام بين مأساة الإمام الحسين قبل نحو 1330 عاما، ومعاناة العراقيين اليوم.
الرئاسات الثلاث
وبصوت واحد، تنشد مجموعة مؤلفة من مئات الرجال الذين ارتدوا ثيابا سوداء، حداداً على الإمام الحسين، ثالث الأئمة المعصومين لدى الشيعة، شعرا شعبيا موزونا على وقع الضرب بحركة إيقاعية على الصدور، حيث يقول هؤلاء: “ألف ليلة وليلة خلصت، وما خلص هم العراق، والرئاسات الثلاث ما حصل عندهم وفاق، كلْها تركض على المناصب، والشعب حصته المتاعب، يا حسين وياك (معك) للموت، للموت وياك”.
وتغص مدينة كربلاء، حيث يوجد مرقد الإمام الحسين ومرقد أخيه العباس، منذ أيام بأكثر من مليوني زائر يسيرون في شوارعها ضمن مواكب يطلق عليها اسم “المواكب الحسينية”، في مراسم سنوية تبلغ ذروتها في العاشر من شهر محرم، ليل السبت/ الأحد.
وإلى جانب المواكب التي تردد الأناشيد، ويقودها منشد يعرف باسم “الرادود”، تنتشر في شوارع المدينة أيضا مواكب تعرف باسم “التطبير”، ويرتدي المشاركون فيها ملابس بيضاء ويحلقون رؤوسهم قبل أن يقوموا بالضرب عليها بالسيوف على وقع الطبول، للتعبير عن المشاركة بمصاب الإمام وعائلته.
وعادة ما تحمل الأناشيد بعض الإسقاطات السياسية، إلا أنها المرة الأولى التي يمزج فيها الزوار بهذا الشكل تفاصيل معاناتهم اليومية بذكرى العاشر من محرم، كما ذكر أيضاً موقع “كتابات” الذي نقل عن حامد ميري، أحد أرباب المواكب الحسينية في منطقة العباسية في كربلاء: “لقد أخذنا على عاتقنا تجسيد ثورة الإصلاح التي نهض بها الإمام الحسين قبل أقل من نحو أربعة عشر قرناً، من أجل تحقيق الإصلاح هنا”.
ويضيف “علينا اليوم ألا نكتفي بإحياء وقفته باللطم والعزاء وتوزيع الأطعمة فقط وإنما بإطلاق صرخات عالية لإصلاح الأنظمة الحاكمة”، مشيراً إلى أن “تزايد الفساد والتدهور في البلاد دفعنا إلى زيادة الأناشيد لانتقاد الأوضاع”.
الصراع على السلطة
وتشير المواقع العراقية الإلكترونية إلى أن ذكرى عاشوراء هذا العام تأتي في وقت يعيش العراق على وقع أزمات سياسية متلاحقة، عنوانها الصراع على السلطة بين مكوناته والمحاصصة المذهبية والطائفية، التي باتت تطبع نظام الحكم فيه. ويقول العراقيون إن هذا الصراع يولد سخطا لدى عامة الشعب الذي يواجه نقصاً كبيراً في الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه النظيفة في بلاد غنية بالنفط تبلغ موازنتها السنوية نحو 100 مليار دولار.
ويعلو صوت خلف ميري صوت المشاركين في الموكب وهم يهتفون بصوت واحد “نبني البنى التحتية بجدارة، ندري الدفع بالآجل خسارة، فلوس النفط جاوين (أين)، وتغرقونه بالدين”. ويضيف هؤلاء “الفساد المالي فد عمله ويه (عمله يوازي) الإرهاب، على من تعتب ومن يسوه العتاب (من نعاتب)، وحك اجفوف (بحق يدي) العباس، سمجنا (اسماكنا) فاسد الراس”.
ويقولون في هتاف آخر “بُكت كلشي (سرقت كل شيء) وتريد تبوك (تسرق) صوتي، ما خليك لو حتى على موتي، تخالف الدستور يلي اصعدت بالزور، يا بو اليمة يا بو اليمة (يا والد الأئمة) هاك اسمع حجينا (اسمع حكينا)”.
وتضيف هذه المواقع أن الشعارات ركزت إلى جانب النقص في الخدمات، على أعمال العنف اليومية كالاغتيالات والعبوات والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة، التي يُقتل فيها عشرات الآلاف في العراق منذ اجتياحه على أيدي قوات تحالف دولي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
ولم توفر هتافات زوار كربلاء صفقة الأسلحة الروسية التي شابها فساد، فقد هتفت مواكب ضد المفسدين الحاكمين. وقالت إحدى المجموعات: “صفقات السلاح انكول (نقول)، يا فاسد لعب بيها (تلاعب فيها)، واجب على الحكومة صار تحكي ولا تغطيها، كافي موجزه (لا يجوز)، الفاسد لا أحد يرده”.
ويعتبر العراق الذي يبلغ عدد سكانه نحو ثلاثين مليون نسمة أحد أكثر دول العالم فسادا بحسب تقارير منظمة الشفافية الدولية، حيث يستشري الفساد في المؤسسات الحكومية من أعلى إلى أدنى درجاتها.
ومؤخرا قرر العراق إعادة التفاوض مع روسيا بشأن صفقة تسليح ضخمة بسبب شبهات فساد. وكانت روسيا أعلنت خلال زيارة لرئيس الوزراء نوري المالكي في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول أنها وقعت مع العراق عقود تسلح بقيمة تفوق 4.2 مليار دولار.
* العربية نت