مبادرة رئيس الوزراء بدفع رواتب موظفي الأقليم هي سابقة لم تسبقها سابقة من قبل ! بالرغم من تصدير قيادة الأقليم لكميات من النفط العراقي والتي لا تعرف الأحزاب الكردية الأخرى ولا الحكومة العراقية اين تذهب وتختفي اثمان تلك النفوط .!
إذن طالما تعهدت الحكومة الأتحادية بتسديد تلك الرواتب , فماذا بقي من نفقات الأقليم ! اليس هي الخدمات العامة في كلّ مدن كردستان ! فماذا لو ” جدلاً او مجازاً ” قامت حكومة العبادي بصرف تكاليف تلك الخدمات وخصمها من حصّة الأقليم من الميزانية او الموازنة الجديدة لعام 2018 .!
من جانبٍ آخر , وبعيداً عن المثال الأفتراضي والمجازي اعلاه , فكيف يراد تسليم حصة الأقليم من الموازنة مع الإدراك المسبق أنّ جزءاً كبيراً منها سوف تذهب لتسديد رواتب ومخصصات قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني , وهذه القوات هي تقف بوجه الجيش العراقي رافعةً اسلحتها وفوهات مدفعيتها لمنع تقدم القوات العراقية لفرض السيادة الوطنية وفق الدستور والمنطق على كافة المنافذ والمعابر الحدودية , بل كافة الحدود العراقية مع ايران وتركيا وسوريا .! وهل على العراق دفع اجرة من يقفون منه بالضدّ .!
شهورٌ مرّتْ على اجراء ذلك الأستفتاء وافرازاته وحكومة البرزاني ترفض القبول والأنصياع لشروط الدولة العراقية , وهي تحرّض دول العالم ضدّ الحكومة الأتحادية , فهل تُكافأ قيادة البرزاني على موقفها المناهض .! وألا يعني تسليمها حصة الأقليم المالية انها ستتمادى اكثر والى حدّ الغيّ .!
إعلام قيادة الأقليم يستخدم ويكرر بكثافة كلمة ” الحوار ” ويستثير بها الرأي العام العالمي وحكوماته , وهم يدركون بالمطلق أنه ” حوار اللاحوار ” وعلى ماذا يتحاور العراق ؟ على تقديم تنازلاتٍ للقيادة البرزانية .! ولعلّهم في ذلك يستغلون عنصر الوقت لبيع اكبر كمياتٍ من النفط العراقي , مع ادراكٍ أنّ مثل هذا الوضع سوف لايستمرّ .!
وعلى الرغم من انهماك الدولة في مسألة الأنتخابات وسواها , لكنّ السيد العبادي يمتلك اوراق ضغطٍ كثيرة ضد حكومة الأقليم وتعنّتها , لكنه من المؤسف عدم استخدامه وممارسته لتلك الضغوط ولغايةٍ لا تقتصر على ” حاجة في نفس يعقوب ” < سورة يوسف – آية 68 > .
الأزمة او المعضلة القائمة مع حكومة الأقليم لا يظهر لها حلاّ في الأفق السياسي وغير السياسي , ولربما تستمر ويجري تمديدها الى ما بعد الأنتخابات القادمة , ولا شكّ اطلاقاً بأنّ السيد العبادي اذا ما فاز في الأنتخابات القادمة فسيكون متحرراً من اية اعتبارات في تعامله مع القيادة البرزانية , وسيغدو موقفه متشدداً وصلباً بأضعاف ما هو عليه في الظرف الحالي , أمّا بأفتراض ترشيح وفوز رئيس وزراءٍ آخر, فسيكون القادة الكرد في وضعٍ لا يحسدون عليه .!
والى ذلك وبعيداً عنه ايضاً , لا يمكن رؤية ايّ اهتمامٍ من حكومة الأقليم بمصالح الشعب الكردستاني الشقيق , وما التظاهرات التي عمّت معظم مدن الأقليم في الأسابيع القليلة الماضية , سوى جرس إنذارٍ مبكّر , ولا تبدو اية استفادةٍ واعتبارٍ منها من القادة الكرد , بل ما يمكن ملاحظة ملامحه في الأفق أنّ قيادة ” الديمقراطي الكردستاني ” تتعرّض للإهتزاز , ولعلّ التدخل العسكري التركي في سوريا سيضحى له انعكاسات على قيادة الأقليم .!