أكّد «هوشيار عُمر علي»، مُنسق غرفة العلاقات الدّبلوماسيَّة في حركة «التغيير، في حِوار عبر إذاعة صوت التغيير بالكُرديَّة»، في 20 كانون الثاني 2018م، أن ما يعيشه شَماليّ العِراق اليوم فشل عمليَّة الحُكم الذاتي 100%، “الفشل السّياسي، في المرتبة الأُولى، إذ أن الكُرد كانوا قبل عام 1992 أصحاب قضيَّة انفِصام وقضية تأسيس كيان يعيش مواطنو كُرد العِراق في ظِلِّه بحرية وكرامة ويضمن لهم حياتهم، إلّا أنَّ هذا الهدف تمَّ وأده طيلة 26 عاماً مِن قِبَل الاتحاد الوَطنيّ والحزب الدّيمقراطيّ عبر ترسيخ نظام مُؤلَّف مِن عدَدٍ مِن الاجهزة العسكريَّة والأمنيَّة، تقليداً لِما فعلَه اللّا نظام البعثي والأنظمة الأُخرى في المِنطَقة. الفشل المُؤسَّساتي، المرتبة الثانية، إذ لابد للمُؤسَّسات أن تؤدّي دورها بشَكل مُؤسَّساتي إذا أرادَت نظام حكم جيد، فقيادتي الحزب الدّيمقراطيّ والاتحاد الوَطنيّ اختزالهما في شخصي جلال طالباني ومسعود برزاني، لم تؤمِنا مُنذ البداية بالمؤسَّسات. كانتا خارج الحكومة والبرلمان والسّلطة القضائيَّة، وتصدران الفرمانات للوزراء والسّلطات القضائيَّة. وانَّ الإدارتين كانتا تعزلان قاضياً وتعيّنان آخر بجرَّة قلم، ما معناه أنَّ أُسلوبهما في الإدارة اتباع إدارَة مُنطلقة مِن عقليَّة قبليَّة بدلاً مِن الإدارَة المُؤسّساتيَّة والحكوميَّة. الفشل الاقتصادي، المرتبة الثالثة في عمليَّة الوأد هذه، إذ أنَّ الاقتصاد الأساس للسّياسة وللدَّيمومة، فالدُّول تهتم بالتنميَّة الاقتصاديَّة وتعزيز قطاعيّ الصّناعة والزّراعة وبقيَّة القطاعات في ستراتيجياتها السّياسيَّة، أمّا السُّلطة السّياسيَّة في الإقليم فقد عملت مِن أجل الاستئثار بالموارد الاقتصاديَّة مِن أجل بقائها في السُّلطَة”. وفي ذات اليوف أكّد عضو الخليَّة التنفيذية في حركة التغيير، «شورش حاجي» في كلمة ألقاها خلال افتتاح مكتب تيار الحكمة في مدينة السُّليمانيَّة، ضرورَة أن لا تتم مُعاقبة المُجتمَع بجرائر ساسته، فيما دعا إلى أن يكون الدُّستور مَرجعاً لحل النقاط الخلافيَّة. شرف كبير لي ولزُملائي في حركة التغيير التواجد اليوم معكم ونحن نقف معاً في لَحظةٍ تاريخية لنسطِّرَ ليومٍ جديد، ولنعطي معنى آخر للأُخوة بيننا ولطالما كان يجمعنا النضال المُشترَك معاً في رحاب جبال شامخة. والفتوى التاريخيَّة التي أصدرَها المَرجع الدّيني الأعلى السَّيّد محسن الحكيم في 5 تموز 1965 بتحريم قتال الكُرد، اليوم نقف أيضاً استذكاراً ووَفاء للسَّيّد محسن الحكيم (رحمه الله) ولفتواه التاريخيَّة الشُّجاعة بحُرمةِ مُقاتلَة الكُرد، ولَطالَما عرفتم الكُرد بالوفاء، ولَطالَما كانت المَرجعية الكريمة مُنذ الأمس واليوم صمّام أمان لحِفظ وحَقن دِماء العِراقيّين بغضّ النظر عن الولاء والانتماء. يومٌ جديد لنا ولكم بالتواجد معاً في هذه اللَّحظات كما كُنا معاً في زَمنٍ كُنا نقارع فيه سويَّةً الظُّلم والاستبداد الصَّداميّ البغيض. فاليوم نحن معاً أيضاً نتواصل للتلاحم لرفع الظُّلم وإبعاد الفاسدين وتأسيس دولَة المُواطنة وتثبيت أُسس الشراكة الحقيقيَّة في العِراق. وأنَّ المُشتركات تجمع أكثر مِما يُفرّق”.
في اليوم التالي، بيّن مُمثل قائد الثورَة في المجلس الأعلى للأمن القوميّ الادميرال «علي شمخاني» لرَئيس الإقليم نيجرفان برزاني زائِر طهران؛ بأنَّ أمن الجُّمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة يُمثل خطاً أحمر.. لا ينبغي السَّماح بتنفيذ المُخططات الاستعمارية المُستورَدة، فأن تقوم بعض الجَّماعات المُعادية للثورَة باغتيال جُنودنا ومُواطنينا انطلاقا من التواجد الكُردي ثم تعود إلى مناطق الإقليم ثم تعلن مسؤوليتها عن ذلك في مُقابلات مع وسائل الدِّعاية الكُرديَّة المسؤولَة، فهذا لا يمكن تحمّلَه مُطلقاً. الخطأ السّتراتيجي في اجراء الاستفتاء في الإقليم وأنَّ البعض كانوا يعتقدونَ أنَّ هناك إمكانيَّة لإدارَة تهديد داعش والإرهاب عبر التفاوض والتعامل. ثمَّ بيّن الرَّئيس الإيرانيّ الشَّيخ «د. حسَن روحاني» لبرزاني: ندعم العراق الواحد والإقليم جزء مِنه و”مِما لا شكَّ فيه أنَّ القوى والدُّول خارج المِنطقة ليست مُتعاطفة مع شعوب المِنطَقة ولن تفكر سوى في تحقيق مصالحها على الآماد الطَّويلَة”.
وموقع Middle East Online الإلكتروني، يعلن مع بَدءِ عام 2018م، بَدء مَوسِم نزوح مُستثمري شَماليّ العِراق إلى وَسطِه وجَنوبه.
https://kitabat.com/2018/01/21/%d8%b9%d9%8e%d8%af%d9%90%d9%8a%d9%91%d9%8f-%d8%a8%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%91%d9%90%d9%82%d9%8e%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%85%d9%90%d9%84%d9%8a/
بعد جيل دَولَة «الجُّمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة» التي وُلِدَت على أرض فارس إثر اندلاع شَرارَة الثورَة الشَّعبية مِن أُوار تحت الرَّماد، صيف 1978م، وانتصارُها على السُّلالة القوميَّة الشّاهنشاهيَّة الطّاعِنة في ما قبل التاريخ، رَبيع العام التالي، بعد ذاك الجَّيل الأوَّل، ينمو القميء القَزَم بديلٌ، ليستطيل الشَّرعيّ الثوريّ ويتظاهر بطهوريَّة ثورَتِه ضدَّ العوز نابذاً المُندَسينَ في تظاهراتِهِ نهاية العام المُنصَرم، المُدنسينَ ثورَته، إنَّهُ جيل أبناء الثورَة، بالفارسيَّة: «بَچَّه هایَ انقلاب». الأديبُ الإيرلَنديُّ السّاخر Jonathan Swift (1667-1745م)، صاحِب كِتاب «حرب الكُتب 1704 Battle of the Books»، يوحي بورطَة الكلب في الجّامع إيران، ويروي في باكورَةِ أعمالِه «رحلات جوليفر Gulliver’s Travels»، قصَّة الطَّبيب الإنجليزي بليد الأعصاب Gulliver، الجَّرّاح بارد الجَّوارح وردود الفِعل على ظَهر سفينة تتجه إلى الشَّرق، فواجهت السَّفينة عاصفة حطمتها. لكن Gulliver استطاع النَّجاة مِنَ العاصفة ووَصلَ إلى أرضٍ نامَ مِلء جَفنِه فيها، وأكتشف لاحِقاً أنها أرض لأقزام، مُتوسط طول الواحد مِنهم 15سم. قام الأقزام بحبسه وأطعموه، ثم تعلَّم لُغتهم وزار عاصمتهم، ثم أطلعه أحد مُستشاريّ المَلك على المشاكل في Lilliput (اسم الدَّولَة الجَّزيرَة ذات الحزبين)؛ قريةً مُشابهةً لها مُتخيَّلة توجد بالفعل على الأطراف الشَّرقية لـ«الجُّمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة»، وعلى بعد نحو 75 كلم إلى الغرب مِن الحدود مع أفغانستان. قبل نحو قَرن مِنَ الزَّمان، كان طول بعض سكان هذه القرية – التي يعود تاريخها إلى نحو 1500 عام وتحمل اسم ماخونیک في دهستان دُرُح بخش مرکز شهرستان سربیشه استان خراسان جَنوبی- يبلغ نحو مترٍ لا أكثر، أي أقصر بنحو 50 سم عن مُتوسط الطُّول السّائد في إيران آنذاك. عام 2005م عُثِرَ في هذه المِنطقة على جسدٍ مُحنط لا يزيد طوله على 25 سم، ما أذكى الاعتقاد بأنّ هذا الجّزء النائي مِن إيران الذي يتألف مِن 13 قرية – تشمل ماخونیک – شَكّل يوماً ما “مدينة للأقزام”. رُغم أن الخبراء خلصوا إلى أن هذه المومياء لطفلٍ خديج فارق الحياة مُبتسر قبل نحو 400 سنة، فإنهم أكّدوا في آنٍ أنَّ الأجيال السّالِفة من سُكّان هذه القرية الإيرانيَّة، كانت في واقع الأمر أقصر قامة مِن المُعدَّلات الطَّبيعية التي سادت في الحُقب التي عاشت فيها. وقد أسهم سوء التغذية بنحوٍ كبير في الخلَل الذي عانى مِنه سُكّان ماخونیک، في ما يتعلق بقِصَر القامة. إذ كانت تربية الحيوان أمراً عسيراً في هذه المِنطَقة الجّافة القفر، التي لم يُزرع فيها سوى اللّفت، والحبوب والشَّعير، فضلاً عن ثمَر يُشبه التمر يُطلق عليه اسم «عُنَّاب= خرمای قرمز و خرمای چینی». ولذا كان أهل هذه القرية يقتاتون على أطعمة نباتية بسيطة المُكوّنات، مِثل طَعام يعرف باسم “كشك-بيِنه”، الذي يُعَدُ باستخدام مصل الحليب ونوعٍ من الفستق الذي يُزرع في الجّبال، وطعام “بوختيك” الذي يُشَكّل مَزيجاً مِن مَصل الحليب المُجفف واللّفت. لكن يمكن القول إن الاختلاف الأكثر إثارة للدهشة في النظام الغذائي لسكان ماخونيك عن باقي الإيرانيين، تمثل في استنكافهم احتساء الشّاي، الذي يُكوّن أحد السّمات المُميّزة للضيافة في إيران، وللمشروبات المُفضَّلَة هناك أيضاً. وفي هذا الشَّأن تذكّرَ أحمد رحناما (61 عاماً) وهو أحد سُكّان ماخونيك أنّ “أحداً لم يكن يحتسي الشّاي” حينَ كان طفلاً. وإذا ما شرب أحدٌ الشّاي، كان الناس يمزحون ويقولون إنه مُدمِنٌ”، مُشيراً إلى تلك الصُّورة النمطيَّة السّائِدَة لدى البعض مِمن يعتقدون أن مُدمني الأفيون يحتسون كميّات كبيرة مِنَ الشّاي. ويدير هذا الرَّجل حالياً مُتحفاً مُكرَّساً للتاريخ المعماري لقريته، ولنمط الحياة التقليديّ فيها. بيدَ أنَّ حياة منتصف القرن الماضي في هذه القرية شهدت تغيراً ملموساً في عصر «الجُّمهوريَّة الإسلاميَّة » بشقّ الطُّرق وتزايد عدد المركبات لتمكين مُواطِنيها مِن الحصول على مواد غذائيَّة لم تكن مُتاحة لهم آن كانوا رعايا آخر مُلوك فارس المخلوع، مِثل الأرز والدَّجاج رشته. ويقول رحناما في هذا الصَّدَد “عندما ظهرت المركبات، استطاع الناس جلب الطَّعام مِن البلدات المُجاورة، فصارَ ثمَّت (أنواعٌ مِن) طعام أكثر مِن الخبز الحافيّ وكشك-بيِنه”. رُغم أنَّ غالبية مُواطِني تلك القرية – البالغ عددهم نحو 700 نسمة في الوقت الحاضر – باتوا الآن مُتوسطي الطُّول وليسوا قصار القامة، فما تزال هناك علاماتٌ هنا وهناك تُذَكِرُ بما كان عليه الأجداد الأقصر قامةٍ. فمن بين نحو 200 منزل مُشيّد بالحجارة والطّين اللّبِن تتألف مِنها القرية القديمة، يوجد بين 70 و80 دارَةً مُنخفضة الارتفاع بشكل استثنائي، تراوح ارتفاعها بين متر ونصف المتر ومترين، بل إن ارتفاع سقوف بعضها لا يزيد عن 140سم. ينقسم هذا المكان، الذي تراوحت مساحته بين 10 و14 م2، إلى جزءٍ لتخزين القمح والحنطة يُطلق عليه اسم “كانديك”، بجانب مساحة مُخصصة لموقدٍ للطّهي تنور طين يُعرف باسم “كارشاك”، فضلاً عن مهجعٍ للنوم. كان من اليُسر على الأهلين في الماضي إقامة دور أصغر مِثل هذه لا تتطلب مُستلزمات بناء كثيرة، نظراً لأنهم كانوا يضطرون في ذاك الزَّمن القديم لحمل تلك المُستلزمات بأنفسهم على كواهلهم، والسَّير بها لعدة كيلومترات لمرّات عديدَة. إذ أن الحيوانات الأليفة كبيرة الحجم التي تستطيع سحب العربات كانت نادرَة آنذاك، وعدَد الطُّرق السّالِكة لمرور تلك العربات كان محدودَاً. ويقول راحمانا “شباب اليوم يذهبون للعمل في المُدن القريبة، ويجلبون المال والطّعام معهم. وتقوم النسوَة بحياكة بعض الكسوَة. لكن بخلاف بعض الزّراعة لا يوجد عمل”. أما السكان الأكبر سناً، فيضطرون إلى الاعتماد بشكل كبير على إعانات «دَولَة الجُّمهوريَّة الإسلاميَّة». ويشعر راحمانا بالأمل في أن يجتذب الاهتمام بالطّابع المعماري الفريد والمُميز للقرية الزّائرين مِن خارجها، وأن تخلق حركة السّياحة مزيداً مِن الوظائف والأنشطة التجاريَّة والاقتصاديَّة، وأضاف راحمانا ضاحكاً “الأُمور الآن أفضل مِما كانت عليه؛ فالناس في الماضي كانوا قصيري القامة أما الآن فهم طويلو القامة، ويمشون أجسادهم ممشوقة”.