هناك احزاب اوروبية كثيرة تحمل اسم الديموقراطية المسيحية او الجمهوري المسيحي وغيرها من الاسماء المقترنة بالمسيحية ، والحقيقة ان هذه الاحزاب ليست احزاب دينية بقدر ماهي احزاب تحمل ماتدعيه من القيم الانسانية المسيحية في فكرها السياسي . ونحن لانناقش هنا مدى صدقها ، ولكننا نذكرها لانها تتخذ من هذه القيم وسيلة للاستقطاب الشعبي والتثقيف بها باعتبارها اسس حضارية لايمكن التفريط بها . في حين ان كثيرا من الاحزاب والتكتلات الاسلامية عندنا تتبنى وتنشر القيم الاسلامية السلبية او المتعارضة مع المفهوم الحضاري الانساني . . وتتخذ من الاحاديث النبوية الضعيفة كحجج لهذه المواقف . اوتقدم التفسيرات القرآنية التي توافق هذا الهوى او النهج على غيرها من التفسيرات الايجابية والانسانية التي تزخر بها المكتبة العربية والاسلامية . وشواهد ذلك كثيرة فانهم يبيحون الكذب مثلا اذا كان لاصلاح ذات البين او لاعلاء شأن الدين . ومن كثرته والقياس عليه تحول الى عادة عند كثير من الناس ، وكثيرا مانقرأ او نسمع قصص دينية كاذبة او ملفقة لترويج دعاية ما او هدف مغرض . او الادعاء الذي يفتقر الى المصداقية في موائمة العلوم والطب مع المقولات الدينية والمبالغة في ذلك . اضافة الى ان مفاهيم الشرف عندنا قد ارتبطت بالمرأة وسلوكها وملابسها اكثر من ارتباطها بالمروءة والشهامة والعدل اوالتسامح ونكران الذات . وكذلك تكفير الناس على اتفه المسائل واباحة قتل الانسان الذي حرمه الله في كل الشرائع السماوية . وتضييق العيش من خلال التحريم والتجريم ، وما اكثر المحرمات عندنا في حين ان الاصل الاباحة في كل شئ الا ماجاء بنص صريح لالبس فيه ولاغموض . يضاف الى ذلك النميمة والنفاق وخيانة الامانة والرشوة والفساد الاداري والسياسي بحجة نصرة الحزب اوالطائفة اوالانفاق على دعوة اسلامية مزعومة . حتى شاعت القيم السلبية في مجتمعاتنا . . مع اهمال واضح للقيم الانسانية الايجابية واستبدالها بالطقوس الكثيرة والعبادات حتى استغرقت هذه الطقوس كل حياتنا تقريبا . . وحلت محل الايمان بالاسس الدينية العليا التي تستند على التعامل النزيه مع الفرد والمجتمع ، واعتبار الانسان الذي كرمه الله كقيمة عليا . . وبدلا من ان يكون العمل عبادة اصبح التهرب منه والاتكالية هو اساس حياة الفرد حتى انتشر الكسل في مجتمعاتنا ، والتطرف اصبح بديلا عن روح التسامح والاخوة . اما إعمال العقل والتفكير فقد تم تركه من خلال مقولة اسأل العالم ونام سالم ، حتى انتشر الجهل والتخلف في كل مجتمعاتنا تقريبا . واستبدلنا العلم بالسحر والشعوذة . . والرقية الشرعية محل العلاج الطبي . وكثير غيرها من القيم السلبية التي يصعب عدها واحصائها . وحلت القيم القبلية والعشائرية المتخلفة محل القيم الدينية الايجابية التي تشجع على العمل والصدق وحفظ الامانة والعدل ونصرة المظلوم وكف يد الظالم والتسامح وافشاء السلام والدعوة الى المودة وصلة الرحم وكثير غيرها من القيم الانسانية التي جاء بها الدين الحنيف
ورب سائل يسأل ربما كان ذلك نتيجة مؤامرة كبرى لطمس الروح والقيم الاسلامية الانسانية النبيلة واشاعة القيم السلبية كبديل عنها . وفي هذا كثير من الصدق والحقيقة . . ولكن اذا كانت هناك مؤامرة او التخطيط المتقن من قبل دهاقنة الاعداء وهم كثر . فلماذا ننفذ بايدينا مايخططون لنا دون تفكير او روية او عقل ونخضع لتوجيهات مريبة وننشرها احيانا بحسن نية واحيانا كثيرة بسوء النية ولماذا لانفكر بالبديل المنطقي السليم والعقلاني . في نشر القيم الايجابية البناءة بدلا من اشاعة القيم السلبية المتخلفة واللاانسانية . فطريق الحق واضح بين لايمكن ان يخطئه الفرد العاقل . . واين دور المثقف الواعي من هذا الذي يجري عندنا . . وبدلا من ان نطبل ونزمر مع المطبلين ، ونلعن الظلام علينا ان نوقد الشموع . . وننشر القيم الايجابية البناءة وندعو لها كبديل عن كل ماهو سلبي متخلف . حتى . لايجهل احد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا