تشهد العملية السياسية في العراق وضعا جديدا من الصراع على السلطة ،وهو صراع يكتنفه الكثير من الالتباس والتعمية ،ويشوبه التعقيد والتوتر حد الانفجار ،فبعض المراقبين يسمونه صراعا سياسيا هدفه الهيمنة على مقاليد السلطة والتفرد بالحكم وصولا الى الدكتاتورية الطائفية التي يقودها الحزب الحاكم،والآخر يعتبرونه صراعا قوميا هدفه الاستيلاء على اكبر قدر ممكن من الأراضي العراقية بحجة واهية عنصرية(يسمونها الأراضي المستقطعة زورا وبهتانا ووقاحة )،فيما يعده البعض إن هذا الصراع هو صراع ديكة لإغراض دعائية انتخابية ،بعد ان وصلت الأوضاع الأمنية والسياسية الى طريق مسدود من التفاهم وتقاسم النفوذ الطائفي والقومي،وفشل مهمة جلال طالباني بعقد مؤتمره الوطني المزعوم ،وخرق اتفاقية اربيل الأولى التي تم بموجبها تشكيل حكومة المالكي،حيث صدرت تصريحات كردية من التحالف الكردستاني تعير المالكي بتنصيبه رئيسا للوزراء ولولاهم لما صار نوري المالكي رئيسا للوزراء،إذن هي صفقات وغنائم ،وليس برنامجا لحل أزمة العراق امنيا وسياسيا، بعد هروب المحتل الأمريكي من العراق(أين أصبحت أكذوبة المصالحة الوطنية الحقيقية وأين عام الأعمار وتوفير الأمن والوعود الوردية لحكومة المالكي)،اليوم تكشفت النوايا وانفضحت الكتل السياسية كلها ،وظهر (أكذوبة التحالف الشيعي –الكردي)،وعلى لسان جلال طالباني نفسه،وبانت حقائق وأهداف ونوايا هذا التحالف المشبوه والذي دفع ثمنه باهظا شعب العراق كله وليس فئة بعينها،اذن كانوا يضحكون على شعب العراق لإغراض وأهداف سياسية ومصالح فئوية وقومية عنصرية ،والآن هم يكشفون نواياهم بأيديهم لكي يطلع الشعب أي قادة فاشلون يحكمون العراق ،وكيف بأول خلاف بينهم ظهرت نواياهم ووصلت الخلافات بينهم الى مواجهات عسكرية وتهديدات وتصريحات نارية وتسقيطات سياسية (تصريحات سامي العسكري وحسن العلوي وأعضاء التحالف الكردستاني وعزة الشابندر وغيرهم)،وكلها تذهب الى فضح بعضهم البعض. والتي فجرتها قضية إنشاء عمليات دجلة وعمليات حمرين،وسهل هذا التوتر والانفجار العسكري داخل العملية السياسية دخول أطراف دولية وإقليمية على خط الأزمة ،فإيران اصطفت مع التحالف الوطني في حين اصطف حزب العمال الكردستاني التركي مع التحالف الكردستاني مهددا حكومة المالكي بالقتال مع الأكراد إذا هاجم كردستان ،في حين تدخلت إدارة اوباما واقترحت إرسال قوات أمريكية في المناطق المسماة متنازع عليها،إذن تحول الصراع من صراع سياسي على المناصب السيادية والأمنية والمكاسب ونهب ثروات البلاد ،ونشر الفساد وحماية الفاسدين الكبار في الأحزاب الى صراع قومي بين العرب والأكراد ،هكذا يريده التحالفان(الكردستاني –الشيعي)،هذا المشهد السياسي يأتي في خضم تغيرات دراماتيكية في المنطقة العربية كلها ،والتي ستنعكس حتما على الوضع الداخلي في العراق(ثورة سورية وأحداث غزة الدموية الصهيونية وما يجري في الكويت والأردن من حراك سياسي وتظاهرات شعبية هدفها التغيير) ،فتفجير الوضع الأمني العراقي وهو متفجر أصلا ينذر بحرب أهلية قومية-طائفية تقود العراق الى الهاوية السحيقة كما يراها مسعود بارزاني وتؤكدها الوقائع على الأرض،فمن وراء هذا التصعيد يا ترى..؟ ومن هو المستفيد منه..؟،تشير الدلائل أن من وراء هذا التصعيد جهات إقليمية ودولية وداخلية ،فالإقليمية بالتأكيد هي ايران التي تريد وضعا متفجرا في العراق لكسب الوقت وحرف أنظار المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن نهايات برنامجها النووي العسكري وتصدير مشاكلها من الداخل الى الخارج ،خوفا من ربيع إيراني حتمي قريب ،وتخفيف الضغط عن النظام السوري الذي يواجه ثورة شعبية عارمة يشترك في قمعها حكام طهران وحزب الله،أما الدولية فان أمريكا وحلفاؤها ينفذون خططهم ومشروعهم ألتقسيمي المعروف في المنطقة التي تريد الأوضاع العربية في المنطقة متضعضعة وقلقة ومتفجرة باسم الربيع العربي المزعوم، أما غرماء العملية السياسية الفاشلة فيحملون أجندات فئوية قومية وطائفية للهيمنة بعيدة عن مصلحة الشعب العراقي المبتلي بعنصريتهم وطائفيتهم وأهدافهما،إضافة الى أن هذا الصراع بينهما هو صراع سياسي دعائي بالدرجة الأولى للتمهيد للانتخابات المحلية القريبة ،فالعراق يعيش صراعا سياسيا بغطاء قومي عربي –كردي ،وهنا يكمن الخطر على مستقبل العراق من اندلاع حرب كردية –عربية كما يريدها الآخرون ،ولا يدرك نتائجها سياسيو العملية السياسية والأحزاب الطائفية المتنفذة في العراق …………….