بعد التدخلات السياسية و الامنية و العسکرية و الاقتصادية لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في بلدان المنطقة، فإن هذا النظام کما يبدو، يعد العدة من أجل تمهيد الطرق أمام تدخلاته الفکرية ـ الثقافية التي من شأنها أن تعمق و ترسخ من هيمته و نفوذه على بلدان المنطقة.
من المثير للسخرية أن يکون أول من يعلن على فتح أبواب بلاده أمام التدخلات الفکرية ـ الثقافية للنظام الايراني، هو رئيس النظام السوري بشار الاسد، الذي أصدر قرارا بفتح فروع لجامعة”آزاد”الاسلامية في جميع المدن السورية، ذلك إن النظام السوري قد صارت في الواقع مجرد تابع ذليل لإيران، لکن الذي يلفت النظر أکثر، هو ماقد أشار إليه علي أکبر ولايتي مستشار الاعلى للنظام الايراني للشؤون الدولية، خلال لقائه الرئيس الجديد للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي، همام حمودي، تمت الموافقة أيضا على تأسيس فروع للجامعة في المدن العراقية، لافتا الى أن مذكرة تفاهم قد تم التوقيع عليها مع عمار الحكيم، لفتح فروع للجامعة في النجف وكربلاء وبغداد والبصرة واربيل. کما إن ولايتي نوه أيضا عن إستعداده لتطوير فروع الجامعة في لبنان خلال لقائه زعيم ميليشيات “حزب الله”، حسن نصر الله، حيث اعلن عن استعداده لاكتساب الرخصة من وزارة التعليم العالي في لبنان، ووصف مستشار المرشد الايراني نشاطات فروع الجامعة بـ “الناجحة” في مختلف البلدان، وقال إن الجامعات “تعمل حاليا على تدريس اللغة الفارسية والثقافة الإسلامية الشيعية بفضل اقتدار إيران وقوتها”.
هذه الموجة الجديدة من التدخلات و التي يجب أن نلاحظ جيدا بأنها تجري عن طريق قادة جماعات شيعية تابعة للنظام الايراني في العراق و لبنان بشکل خاص، وهذا مايقرع ناقوس الخطر بقوة خصوصا حين نتمعن في ماذکره ولايتي عن تدريس والثقافة الإسلامية الشيعية بفضل اقتدار إيران وقوتها، وهو مايعني بأن من المهام الاساسية لهذه الجامعات هي التبشير لأفکار و مبادئ النظام، غير إن الذي يثير السخرية أکثر هو إن هذه التدخلات المشبوهة الجديدة تأتي في وقت أعلن فيه الشعب الايراني في إنتفاضته الکبيرة التي بدأت في 28 کانون الاول المنصرم، عن رفضه لتدخلاته النظام الايراني في بلدان المنطقة و مطالبته بإنهائها، وإن توقيت إعلان هدا الغزو الايراني الجديد بعد إندلاع الانتفاضة الايرانية، هو من أجل الإيحاء بأن النظام لايزال يقف على قدميه من جانب وإن أذرعه في بلدان المنطقة هي من تمتلك زمام الامور.
الاوضاع الحالية في إيران أکثر من صعبة و بالغة التعقيد خصوصا وإنه وفي خضم الانتفاضة الايرانية نرى تصاعدا ملفتا للنظر في العقوبات المفروضة على النظام الى جانب قبول إيران بإجراء مفاوضات مع البلدان الاوربية بشأن الصواريخ الباليستية إستجابة لضغوط أمريکية وهو مايعني إن الضغط الدولي يتصاعد على إيران وإن الاخيرة مضطرة للخضوع لها، غير إن الذي يجب الانتباه إلي أيضا بهذا السياق هو تزايد الدور و الحضور الجماهيري لمنظمة مجاهدي خلق في داخل إيران کما إعترف بذلك المرشد الاعلى للنظام الايراني، وهدا مايعني بأن إيران تقف على مفترق التغيير، ولذلك فإن هذه التدخلات الجديدة لابد من أن يتم مجابهتها و الوقوف بوجهها و عدم السماح بإستفحالها قبل فوات الاوان، وأن تقف بلدان المنطقة على فاصلة من ما يجري في إيران وعدم الانحياز الى جانب النظام الايراني.