عادت مشكلة عودة النازحين الى الاماكن التي نزحوا منها بقوة الى الواجهة السياسية والمطالبة في تصريحات اتحاد القوى ، بل ان هذه العودة اصبحت شرطا لاجراء الانتخابات البرلمانية والمحلية في ايار المقبل ، و بعد ان كادت الكثير من القوى السياسية ان تنساها بما في ذلك الحكومة التي تصدر بين الحين الاخر تاكيدات وتعهدات على ضرورة عودة النازحين فورا ولكن ذلك يبقى مجرد كلام ليس الا ، لا اثر له على الارض او انه هناك تهيئة لمستلزمات النزوح المعاكس ..
معضلة النزوح صارت اكبر تحد للعملية السياسية وعامل مساومة بين القوى السياسية وخرجت في بعض الاماكن من يد الحكومة وقرار قوى الامر الواقع بعناوينها المختلفة ، بل كبار القادة في البلد اتهموا قوى اقليمية بانها وراء بقاء المشكلة من دون حل ، وان الجميع يستثمر فيها…حتى ان قوى رفضت انذاك وجود النازحين في جغرافية المدن المتنفذة فيها ، الان تدعو الى حلها والاسراع في ذلك الا انه لفظا بلا اي تغيير على موقفها منهم .
الواقع ان القوى السياسية على اختلاف مشاربها وانتماءاتها توظف هذه المشكلة سياسيا وتتصارع بحدة على اصوات هؤلاء المكتوين بنار النزوح الكارثي بعد ان شعر قسما منها انه مرفوض ومن سابع المستحيلات ان ينخدع النازحون بانتخابه مجددا لانه طوال السنوات الماضية لم تعمل هذه القوى ان تقدم لهم شيئا يكفي للتخفيف من ماساتهم واعمار ماخربته الحرب على الارهاب وتاهيل مناطقهم ومعالجة نتائج الارهاب الاخرى. بقوا يعانون من شظف العيش والمشكلات المتعددة ، بل الاموال والاعانات المخصصة لهم جرى السطو عليها وغول الفساد التهم جزءا كبيرا منها .
الان يطلب منهم العودة وربما سيرغمون على ذلك في ظل عدم وجود بنية تحتية ولا اعانات لصيانة منازلهم وتعويضهم عن الاضرار ، فحقا عن اي انتخابات يتحدثون واي دعاية ستبث بينهم وعن اي مكتسبات قدمت لهم ، لذلك القلق والتخوف يستحق التوقف عنده والعمل قدر الامكان على توفير ظروف افضل للعمل بين النازحين .
هناك تقدير سياسي يقول في الحال الراهن لن تحصل القوى السنية على ذات المقاعد من حيث العدد الكلي بغض النظر لاي الجهات تكون هذه المقاعد وان القوى الشيعية في حال عدم عودة النازحين سوف تستفيد من رخص سعر المقعد والعتبة الانتخابية الادنى لزيادة عدد مقاعدها بشكل غير طبيعي اي انها ستاخذ اكثر من استحقاقها.
ان عودة النازحين مسالة في غاية الاهمية ليس لانها قضية انسانية وحق من حقوق المواطنة فحسب وانما ضرورة للعملية السياسية السليمة والاستقرار في البلد وعودة الحياة الطبيعية وازالة الشعور بالمظلومية لدى اعداد غفيرة من المواطنين وبالتالي الضمان اللاحق لمساهمة نشطة وفعالة في الحياة السياسية وتجنب الطعن في نزاهتها والتشنيع عليها بهذه الحجة .
تمتلك الحكومة وقتا ليس بالقليل لمدواة جراح النازحين ومعالجتها يمكن القيام بحملة اعادة تاهيل سريعة لبعض المناطق الاقل تضررا وتقديم مساعدات مالية لترميم النازحين لبيوتهم بانفسهم وما الى كل من شانهم تسهيل العودة من النزوح . اذا ما لمس المنكبون جدية في العمل سوف يتفاعلون بشكل كبير مع الاجراءات ويلبون النداءات في الاسهام ببناء بلدهم وتعميره .