لن يكون بوسع المسيحيين العراقيين في مدينة الموصل إحياء مراسم أعياد الميلاد مثل أقرانهم في دول العالم داخل الكنائس والأديرة بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في المدينة وخشية تعرض المسيحيين لأعمال عنف من قبل الجماعات المسلحة التي تنشط في مدينة الموصل .
ويقول المطران لوقا الثاني من دير متى شمالي مدينة الموصل “ستقتصر مراسم الاحتفال هذا العام على قرع الأجراس فجر اليوم 25 من الشهر الجاري وهذا الشيء الوحيد الذي لا نستطيع الاستغناء عنه تضمانا مع جميع الكنائس في العراق والعالم اجمع لنعلم الناس انه اليوم الأول من أعياد المسيحيين والمسيح والتي تعودت عليها جميع شرائح المجتمع”.
ويضيف ” المراسيم الأخرى غيبت في مدينة الموصل بسبب العمليات الإجرامية التي تطال المسيحين قبل كل عيد لهم ومع استقبال عشية أعياد الميلاد وأننا اليوم وحرصا على أبناء طائفتنا المسيحية سنكتفي فقط بدق أجراس الكنائس فجر يوم الثلاثاء”.
ويضم العراق أربع طوائف مسيحية رئيسية هي الكلدان أتباع كنيسة المشرق المتحولين إلى الكاثوليك والسريان الأرثوذكس والسريان الكاثوليك وطائفة اللاتين الكاثوليك والآشوريين أتباع الكنيسة الشرقية، إضافة إلى أعداد قليلة من أتباع كنائس الأرمن والأقباط والبروتستانت.
واختفت طقوس أعياد المسيحيين في مدينة الموصل والتي اعتادت عليها شوارع المدينة بالأعوام الماضية بتزيين الأشجار والنشرات الضوئية بالقرب من الكنائس وأديرة العبادة الموزعة في مدينة الموصل ابتهاجا بأعياد مولد المسيح وتستمر حتى فجر اليوم الأول من بداية أعياد راس السنة الميلادية الجديدة.
واكتفى البعض بتبادل التهاني عبر الهواتف النقالة وشبكات التواصل الاجتماعي، وحملت الرسائل طابعا حزينا ومؤلما بسبب أعمال العنف المستمرة ضد المسيحيين.
وقال القس أبلحد أدور من كنيسة الطاهرة وسط الموصل إن “المدينة تشهد اليوم الاثنين إجراءات أمنية مشددة مع تكثيف حركة الدوريات العسكرية في محيط الكنائس والأديرة و الأحياء التي يقطنها المسيحيون في الموصل “.
وأضاف أن” الإجراءات الأمنية اضطرت الكثير من العوائل المسيحية إلى ترك منازلهم والذهاب إلى منطقة سهل الموصل ذات الغالبية المسيحية من اجل إقامة مراسم أعياد الميلاد بهدوء وامن”.
ويتعرض المسيحيون العراقيون منذ العام 2003 إلى أعمال عنف من قبل الجماعات الأصولية، حيث تم اختطاف وقتل المطران بولس فرج رحو عام 2008، كما أدى الهجوم على كنيسة سيدة النجاة عام 2010 مقتل وإصابة 125 شخصاً.
وتبنى تنظيم “دولة العراق الإسلامية” التابع للقاعدة الهجوم، مهدداً باستهداف المسيحيين في العراق مؤسسات وأفرادا.
وقال الفريق الركن باسم الطائي قائد العمليات الأمنية في الموصل في تصريح صحفي إن قيادة عمليات الموصل قامت بنشر قوات أمنية إضافية بالأحياء التي يقطنها المسيحيون تزامنا مع أعياد الميلاد.
واعتاد العراقيون من الأديان والمذاهب الأخرى إلى مشاركة المسيحيين في احتفالاتهم بأعياد الميلاد والسنة الجديدة من خلال تقديم الهدايا وشراء الزينة وشجرة الميلاد ودمى بابا نويل، لكن أعمال العنف اضطرتهم إلى أخفاء جزء من هذه المراسم والاقتصار على أحيائها في المنازل من دون الظهور في الأماكن العامة والحدائق والمطاعم .
وقالت ميسون سرسم (طبيبة أسنان) “لقد تسببت أعمال العنف في إخفاء مباهج أعياد الميلاد مما اضطرنا إلى أحيائها بشكل هاديء في المنازل حتى لا نخسر إخواننا وابائنا ورجال الدين وستقتصر الاحتفالات يوم غد على زيارة الأقارب وتبادل التهاني بين الأصدقاء والأقارب”.
وذكرت أن” طقوس الأعياد اختفت ليس في هذا العام فحسب بل منذ أعوام عديدة بسبب التفجيرات التي شهدتها محافظات العراق وتسببت بقتل الأبرياء من سنة وشيعة ومسيحين وكرد وعرب وغيرهم”.
وحتى وقت قريب، كان المسيحيين يشكلون 3 بالمئة من سكان العراق، وبلغ عددهم في الثمانينيات حوالي مليوني نسمة، لكن هذه العدد انخفض كثيرا بسبب هجرة الآلاف إلى الخارج نتيجة أعمال العنف التي تضاعفت بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003.