يعتقد البعض انطلاقا من نموذج التفكير الاحادي الجانب الذي تعودنا عليه في مجتمعاتنا أن هدف المعارضة الفكرية او السياسية هو هزيمة الخصم أو إنهاء وجوده … بينما تخبرنا التجارب في هذا المجال أن المعارضة هي جزء من الارتقاء بالحلول والتجارب وتشذيب الأفكار والمذاهب وتحسين العملية السياسية … فالمعارضة والبحث عن نقاط الضعف في طرح الخصم هي وسيلة اكتشاف العيوب والثغرات واصلاحها عند من يتعاملون بشكل طبيعي مع الموضوع … لذلك تحرص كل الدول المحترمة الى اتاحة الفرصة أمام الانتقاد مهما كان حادا وقويا بل انها تعتبر هذه العملية جزءا لايتجزأ من نظام حكمها او نظام انتاج الأفكار لديها .. فالنقد في الاخير هو مجرد وجهة نظر مختلفة تنبهنا غالبا عما غفلنا عنه او تجاهلناه عند طرحنا لبرامجنا وأفكارنا … في المقابل حق الرد ونقد النقد متاح ايضا … هذه العملية الجدلية كفيلة بوصولنا عبر جولات من النقد والنقد المضاد الى الوصول الى الأحسن والأكمل والأقرب للواقع والأنفع لقطاع أكبر من الناس لأننا عبر النقد نوسع قاعدة المنتجين للأفكار والسياسات ولا نجعلها حكرا على من طرح الفكرة الأولى والتي تكون عادة متأثرة بضعفه البشري وميولاته ومصالحه مهما حاول ان يكون موضوعيا … العاقلون يحترمون منتقديهم ويستفيدون منهم ويشكرونهم … والحمقى يعتبرون النقد عداءا ويقيمون الحروب لمجرد مخالفتهم وهم بذلك يحولون أفكارهم ومواقفهم وذواتهم الى أصنام يعبدونها بشكل لاشعوري … اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم وأكرمنا بنور الفهم وافتح علينا ابواب رحمتك و انشر علينا خزائن علومك برحمتك يا أرحم الراحمين.