صدر للرسام والناقد التشكيلي خالد خضير الصالحي كتابه المعنون “قيم تشكيلية في الشعر العراقي”* والعنوان يشمل مساحة شعرٍ عراقيٍّ واسعة ممتدة في الزمان والتاريخ، إلا أننا نعتقد أن خضير قصد به” الشعر العراقي الحديث” حصراً وهو ما كان يجب عليه أن يحدده بدايةً، خاصّة من المعروف عن الصالحي اهتمامه بمكونات الغلاف وعنواناته وإشاراته، لا أن يجعلنا نؤول ذلك من متون الكتاب الذي يسعى فيه بإيجاد وشائج متينة بين الشعر والرسم، إضافة إلى أن الناقد الصالحي قد بحث في كتابه بعض نتاجات الشعراء البصريين فقط وهو ما لا ينطبق فعلياً على عنوان كتابه الذي خص به “الشعر العراقي” عامةً. يحتوي كتاب الصالحي على دراسات في كتب شعرية صدرت حديثاً، أو سابقا، لشعراء بصريين ، فيفرد دراستين بالشاعر حسين عبد اللطيف، إحداهما عن ديوانه” أمير من أور” وهو في رثاء الفنان الراحل أحمد الجاسم، وصدر عام 2011 ، وسبق لحسين عبد اللطيف أن نشر قسمه الأكبر، في مجلة الأقلام العراقية، والأخرى عن ديوانه”نار القطرب” /دار الشؤون الثقافية العامة- بغداد-1994 / ويخص قصيدة” عيد البوقات” بمساحة واسعة من دراسته له،بعد أن يبحث في مكونات غلافه والذي صممه – خالد – بالحبر الصيني”بطريقة الصورة السلبية(النيجاتيف)ويمثل واحداً من مجموعة من أقدم الدمى والتماثيل الحجرية المجسمة العراقية التي ارتفعت فوق مستوى الحرفة الصرف إلى مرتبة الفن الحقيقي”(ص28 ). في قراءته “لأمير من أور” يرى أن أي دراسة له تحتم أن ينظر إليه بصفته مجموعة من”النصيصات” ابتداءً من الغلاف الأول وكذلك الأخير الذي يعدّه الأول- أيضاً- كونه يحمل صورة “المرثي” معتمراً قبعته، مع رثاء قصير للشاعر” سعدي يوسف” يستشهد فيه بـقول (نوفاليس):
“يموت شاباً مَـنْ تعززه الآلهة”
كيف إذاً سينام احمد أمير؟
كيف يرخي قبعته الخفيفة على جفنيه؟.
يلاحق خالد خضير الكتاب عبر ملاحق لم تعنون معتقداً أن عبد اللطيف أراد بهذا أن يكشف الصلة التي تربطه بالمرثي بصفة “احتفاء” فاحمد الجاسم لم يغادر عبد اللطيف روحيا بل هو في سفرة، حتى وان بدت طويلة للتغلب على هذا الرحيل الذي يعيد إلينا رحيل انكيدو عن كلكامش الذي لم يقتنع به في البداية. ويكرر عبد اللطيف تلك الرؤيا متجسدة في فقدان القناعة بالأشياء الحياتية المحيطة به، لكنه من جهة أخرى يقر بواقعة الغياب الواقعي مرغماً وبانكسار يقود للهزيمة المحزنة :
“الآن…/ وقد انتهينا من كل شيء/ فلم يعد من طائل وراء السعي المحموم/ في هذا العالم/ حيث الغلبة للأفعى/ في اقتناص الأبدية وحيازتها منك/ الجهود، كلها، باطلة “.
والناقد يرى أن المرثية مشتركة بين الراثي والمرثي، إذ يقف الشاعر- الحي- في اللحظة الراهنة مستعيداً الماضي، مقتنعاً بما حصل بمرارة:
” فالذي كان..كان
والذي قد جرى..قد جرى”.
يرى خضير بأن أهم خصائص الشعر عموماً لدى حسين عبد اللطيف تنحصر في كبح الكثير من رومانسية الذات المتوجهة إلى الآخر وهو دائم الاشتغال بنصوصه من اجل كبح الذاتية قدر إمكانه(ص 20 ) وفي الواقع فأن هذا حكم يثير جدلاً في شعر حسين عبد اللطيف السابق، فما كتبه عبد اللطيف منذ ديوانه الأول “على الطرقات ارقب المارة” نجد صوت الأنا عالياً لديه و معتمداً درس(ارشبالد ماكليش) “كيف يكون الشعر: هاجساً لغوياً لعيناً وجنوحاً نحو الشكل” ، لكنه مع تقدمه في العمر، وتعزّز مكانته كشاعر مثابر اتسعت رؤاه ، لم يتجاهل “إن فن الشاعر طريق للمعنى- طريق تجعل العالم يعني شيئاً” كما يذكر ماكليش أيضاً. ويرى خضير أن عبد اللطيف أثث نصه بحشد من أسماء الأمكنة والشخصيات التي تتعلق بالرسم، والرسامين، وأسماء اللوحات، وأماكن لعبت دورا مهماً في تاريخ الرسم الحديث. لكنه- خضير- لم يبحث كثيراً في القيم التشكيلية التي تثيرها تلك العناصر في “مرثاة من أور” ولا الكيفية التي وظفت شعرياً عبر اللغة فيها. كما انه يحيل لعدم تأثر عبد اللطيف بشعراء آخرين وهو ما لم يشخصه الناقد الراحل عبد الجبار عباس في كتابه “مرايا على الطريق”- وزارة الثقافة/1981- بغداد- عاداً ذلك من الضرورات الشعرية لشاعر شاب،حينها، مؤكداً أن التأثر لدى حسين لا يعود إلى استلهام منهج هذا الشاعر أو ذاك بل تشبعاً بتيارات الشعر اللبناني الحديث التي تدين بالكثير لمفهوم الحداثة في الشعر الأوربي منذ الموجة الرمزية بجناحيها الفرنسي والألماني، حيث يكف الشعر عن أن يكون وصفاً أو سرداً لعاطفة مشاعة، بل رحلة تنشد كشفاً وعالماً سرياً، وهي لحظة هاربة، لكنها: لحظة الكشف والوهم والرؤيا(ص55 ).
2
يقدم خالد خضير دراسات عن كتب أو قصائد شعرية لمؤيد حنون وعادل مردان وجبار الوائلي ورنا جعفر ياسين ووديع شامخ والهام ناصر، وكاظم اللايذ، وأحمد العاشور، والراحلين محمد طالب محمد / ديوانه (التسول في ارتفاع النهار) صدر في النجف عام 1974/ ومصطفى عبد الله- يدرس بعض قصائده التي كتبها في المغرب ، نهاية السبعينيات والثمانينيات، وعلي النجدي وعبد الخالق محمود/ (مراثي الشمس.. وقصائد أخرى- منشورات اتحاد الأدباء في العراق /1994) وسلام الناصر، ويفرد مقالاً خاصاً (ص43) لقصيدة عنوانها(حمامة خضراء) للشاعر مجيد الموسوي وهي مهداة لذكرى الراحل مصطفى عبد الله. وقد شخص الناقد خالد خضير ، في أن العمل الفني، شعرا أو رسماً واقعة تتألف من مستويين بنائيين مستقلين: مستوى تحتي مادي شيئي ينتمي إلى جوهر العمل الفني المادي ومستوى دلالي فوقي ينشأ كهامش سردي على الواقعة الشيئية، و المستوى الفوقي، وان كان موجوداً ضمن جوهر العمل الفني ، فإنه لا ينتمي إلى البنية المادية للعمل الفني، وذلك بسبب أن الحقل الجماليّ، ليس معرفة، لذا هو مستقل عن معايير العقل وقيمه الأخلاقية والتقوي . وما هو ملتبس في هذا الجانب مسألة الكيفية التي يبدو فيها((الحقل الجماليّ ليس معرفة))!؟. موضوع الجمالي وحقوله من المواضيع المعقدة جداً عبر رؤى وتصورات فلسفية/مثالية – مادية/ وتم تقديم كثير من الأجوبة المترافقة بالأسئلة الشائكة حول هذا الموضوع من قبل الفلاسفة والمفكرين على وفق توجهاتهم تلك وتفرعاتها المتعددة ، وتضارب مقولاتها حتى بين الطرف الواحد ، والمرجعية الفكرية الواحدة والمشتركة، وفي هذا الجانب بالذات يمكن مراجعة كتاب(الجمال في تفسيره الماركسي/ ترجمة يوسف الحلاق ومراجعة أسماء صالح- دمشق) وبالضبط الفصل المعنون(الجمالي علاقة) ولسنا نسعى في مماحكة مع الزميل خالد حولها ،كونها ،لم تستنفد حتى اللحظة وستظل كذلك لكننا نرى إن ” الإدراك يسبق الحكم دائماً. ويعطي قبل كل شيء معرفة (معرفة لا علاقة)،بصفات الشيء الموضوعية التي تتكشف أمامنا خلال عملية التأمل الحي(…) ويمكن لنا / من خلال العلاقة الجمالية فقط/ كشفنا لماهيتها الاجتماعية، ان نفسر تلك الجوانب في الشيء الذي تتجه إليه هذه العلاقة وكذلك ميزات الوسائل التي تظهر (العلاقة) فيها(…) يوجد الجمالي فعلاً كعلاقة اجتماعية، {نطلق عليها اسم علاقة- فردية- اجتماعية} لا كشيء خاص أو كصفة في هذا الشيء،كشكل خاص، مستقل، من أشكال المعرفة أو كجمال خاص من مجالات النشاط والإبداع. ليس الجمالي إلا إحدى العلاقات الاجتماعية وعنه تصدر كل التعابير والمفاهيم والمقولات الجمالية الأخرى.ولذلك لا تحتوي كل الخواص والصفات والقوانين التي تعبر، هذه التعابير- والمفاهيم – والمقولات عن ماهيتها على شيء خاص متميز خارج هذه العلاقة الاجتماعية” ف.د.كونراننكوف/. ومن الواضح أن أي شيء يتصير نتيجة العلاقات الاجتماعية هو بالضرورة ( معرفة) ، مع إن للفنون وتصوراتها عامة استقلالياتها النسبية، لكن جذورها (معرفة)، لأنها لا يمكن أن تنبع من عدم أو تعلق في فراغ، وبتواضع تام نرى أن هذا الأمر الذي بثه الزميل خالد الصالحي في كتابه هنا وهناك ، بطرائق متعددة وماكرة فنياً ولغوياً، له علاقة وشيجة وأصيلة في ميدان وتوجهات (سوسيولجيا) الفن والنتاج الأدبي بكل تفرعاتهما، والقيم الجمالية التي تنجم عنهما، عبر التأثر اجتماعياً،و” وهذا يعني أن الشعر( الأدب خاصة والفنّ عامة) هو جزء من نتاج مجتمع وليس جزءاً، أيضاً، من مناطق مُوارِبة تقع خارج المجتمع”- د. مالك المطلبي/ تأمل المُقدس/ بحث في سو سيولوجيا الأدب- ص34 – العالم للطباعة والنشر -2012 – ، ويتم التعبير عنهما من قبله- الصالحي- في الحكم المتعسف حولهما والذي يبدو جلياً في بعض أطروحاته التي وردت في كتابه . وعن الشاعر جبار الوائلي ومجموعته (لا جدوى من البكاء) يرى أن فاعلية شعره تنشطر في بؤرتين وتتشكلان ضمن مجرتين نصيتين تهيمنان على فاعلية التأويل النصي : مجرة الحكمة التي تعنى بالانزياح الدلالي ومجرة الشعر التي تعنى بالانزياح اللغوي(ص59 )، والراحل محمد طالب محمد يشخص في شعره بؤراً تتركز حولها ثيمة الترحال والتسكع والتسول كالبلورات التي كان يوزعها الرسامون التكعيبيون في لوحاتهم وتجاوز خالد تلك اللغة النثرية- الشعرية المصفاة التي يتميز بها شعر محمد . والشاعر كاظم اللايذ في مجموعته ( الطريق إلى غرناطة) يقرأه للوصول إلى نمط النظام الدلالي للديوان وتلمس مستوى يصفه (موحد) المحتوى و اللايذ يتحرك في غالبية قصائده ضمن قطبين هما الزمان- التاريخ ، والمكان- البصرة ، وشواخصمها ولم يبحث فيهما عن تعدد القيم التشكيلية في ديوانيّ طالب و اللايذ إلا بشكل مضمر ، بينما نراه في دراسته لمجموعة مؤيد حنون ورنا جعفر ياسين يتوسع كثيراً في ذلك، ويدرس تشكلات غلافيهما والمواد المستخدمة في غلاف رنا جعفر ياسين والذي صممته ونفذته ذاتها ويلاحظ أن الصفحة(25 ) من الكتاب حملت اسم( مؤيد حنون) فقط دون مضاف أو مضاف إليه أو عنوان يعد مفتتح كبقية المقالات، ولعل ذلك يعود لخطأ في التصميم أو الطباعة، بينما الصفحة التالية تحمل عنوان( أفق توقع العبارة) فقط وهي دراسة خاصة بديوان حنون ” متعة القول” الذي صدر في صنعاء وقدم له د. حاتم الصكر الذي لا يخالفه خالد في ما ذهب إليه بل يعده مرجعاً لدراسته عن الديوان، ويستند عليه في بعض دراساته الأخرى في كتابه.
3
يذكر الراحل الناقد.د محسن اطميش في كتابه “دير الملاك” أنه لابد لأي ناقد أو باحث يطمح مخلصاً إلى تقديم رؤية نقدية متكاملة عن الشعر الجديد ان يتناول أدوات التشكيل الجمالي للشعر وهي” اللغة ” “الصورة ” “الموسيقى”، واعتقد أن هذه العناصر كانت شبه غائبة في كتاب خضير كونه معنياً بـ”القيم التشكيلية في الشعر العراقي” لكنها من مستلزمات البحث في هذا الموضوع الحيوي الذي لم يوله عناية مناسبةً ،مع انه يملك العدة النقدية في بحث هذه الجوانب التي لابد منها في كتابة عن الشعر، حتى وان كان البحث معنياً بالقيم التشكيلية فيه. في ختام الكتاب موضوع بعنوان ” هاشم حنون .. نموذجاً تطبيقياً” وهذا الموضوع يضع كتاب خالد خضير في خانة (التشظي الكتابي) كون المواضيع المدروسة كلها عن كتب لشعراء بعضها تعتمد شعر التفعيلة وأخرى تعتمد قصيدة النثر. ونرى أن موضوع قراءته لأعمال التشكيليّ (هاشم حنون )لا علاقة لها بمتن كتابه الذي هو مقالات تطبيقية عن (قيم تشكيلية في الشعر العراقي) الحديث تحديداً. فقراءته عن الفنان(هاشم حنون) أقرب إلى سيرة فنية للفنان، منذ العام 1990 مع جرد لمعارضه في أعوام 1996 و1998 في العراق و1999- 2000عمان، مع بعض الآراء عن تجربته للفنانين هاشم تايه وصدام الجميلي ورؤية للقاص محمد خضير في أعماله تتركز حول” التضحية في وضع أفقي” بجذورها المرتبطة بالفن الرافديني القديم إذ تبدو الشخصيات في حركة متصلة لبناء مدينة أرضية فاضلة عبر العمل الاجتماعي. وقد عمد خالد خضير إلى أن ينفض يده كاملة عما سبق أن نشر أغلبه في الصحف المحلية وفي هذا الجانب دفعة واحدة وبـ(182) صفحة من القطع المتوسط. وآثر تجميع مقالاته المنشورة، في كتاب دون إعادة نظر يتطلبها خروجها في كتاب، لابد أن تكون له ميزة خاصة عما نشره سابقا متفرقا مكانياً وزمنياً، وفي صفحات ثقافية يومية، لذا فهو يكرر بعض الأفكار والرؤى والتصورات التي طرقها في دراساته ومنها كمثال ما ورد في اقتباس عن الناقد سهيل سامي نادر ورد فيه:” أن لا وجود للنقد الفني بوصفه حركة مستقلة، انه نص يختلط بنصوص أخرى.. انه لا ينفصل عن التقاليد الأدبية، فخطته أدبية، أوصافه و تعابيره ، ولا سيما لغته كلها وطريقته في الحكم” ويبث فكرته هذه خلال دراساته هنا وهناك حتى أنه يضعه ضمن مقتبس له من كتابه على صفحته الأخيرة .كما يعمد لتكرار ما ذكرته الفنانة هناء مال الله في أماكن متفرقة من الكتاب عن “العناصر التكوينية للوحة” بينما مقالاته كانت عن كتب شعرية وتأثير القيم التشكيلية فيها.
4
الشعر والتشكيل ، محاولة منذ الأزل ، كل بأدواته، لرصد موقف الإنسان في حياته اليومية الخاصة- العامة، والاجتماعية – التاريخية فالشعر جنس فني يملك استقلاليته الخاصة- الفنية اعتماداً على الملفوظ – المسموع الذي عبره تتشكل الصور ويرتبط بوشائج عدة لا انفصام جوهرياً فيها مع الرسم لكنه ينفرد عنه بأنه يسمع ويرى والرسم قريب من الشعر كذلك لكنه مستقل عنه كونه يرى ولا يُسمع و”بين الرسم والشعر ثمة منطقة مشتركة، مظللة، عارفة، حسية وروحانية في آن واحد. أنـهما لغتان مختلفتا القواعد والأدوات لكنهما يشتركان بالكيفية التي يجري فيها اقتناص الجوهري”- شاكر لعيبي-. في مقدمته للكتاب يؤكّد الفنان هاشم تايه أن خالداً “يحاول أن يختبر عدته النقدية المنتمية إلى حقل التشكيل، في قراءة نصوص شعرية مستعيناً بعدد من المفاهيم التي أنتجها هذا الحقل” ويؤكد تايه أن” الحدود تنفتح بين الشعر والرسم ، وتجري عمليات تبادل مصالح بين الاثنين ، وتغدو الصورة مجالاً حيوياً يستثمر فيه الشعر والرسم رأسماليهما وطاقاتهما في إنتاج نص ذي طبيعة هجينة تضافرت في تشكيلها قوى مخلوقين لم يكفا في أن يتباريا على سطح موحد”. كتاب الزميل خالد خضير، وخطابه التشكيلي عموماً، يحتشد برؤى الحداثة التشكيلية التي تجتاح العالم المتطور حضارياً وله من التقاليد الفنية الراسخة تاريخياً-اجتماعياً والتي نفتقر إليها خاصة في الجوانب الحياتية- الثقافية العراقية المتردية، بسبب الإهمال واللامبالاة الرسمية والشعبية وعدم القناعة بأهمية الثقافة والفنون في تغيير المزاج الجمعي للمجتمع وانفتاحه تجاه القيم الحداثية الفنية بالذات التي تجتاح العالم البعيد عنا حضارياً واجتماعياً. الناقد التشكيلي( خالد خضير الصالحي) لا يمكن التشكيك بكفاءته المتميزة في كتاباته ،خاصة عن النقد التشكيلي ، وكذلك مقالاته الواردة في كتابه والتي يتعامل فيها بلغة متخصصة جداً مما يجعل خطابه الكتابي – التشكيلي بالذات ((متعالياً)) على القارئ من خلال لغته الممتلئة بالمفاهيم والمصطلحات والتي تجعله مُنهكْ لغير المتخصص بدقة في هذا الحقل. لكن كتابه ينفرد كونه مساهمة جادة في تبيان وتنظير هذا الجانب تطبيقاً ، خاصة بهذا الجهد الدائب الذي لا ينازعه عليه أحد في الساحة الثقافية البَصّريةَ- العراقية ، حالياً في الأقل، كونه صدر في كتاب منشور، مع إن لبعض ممارسي الفن التشكيلي ،بالذات، مثل هذه الاهتمامات ومنهم في البصرة مثلاً الفنان والناقد التشكيلي والشاعر (هاشم تايه) وكذلك الفنان التشكيلي (شاكر حمد) الذي له مساهمات عدة في هذا المجال ، نشرها سابقاً في مجلات عراقية،هي ( الأقلام والموقف الثقافي ومرايا)، ومنها دراسته المعنونة” المنظور التشكيلي في (كراسة كانون)” عن رواية القاص محمد خضير ، و(بورتريه تشكيلي) عن بعض قصائد الشاعر محمود البريكان ودراسة عن المكونات التشكيلية في رواية (رغوة السحاب) لأستاذنا القاص الرائد محمود عبد الوهاب ،ومقال مطول نشره بحلقتين عن الرؤى التشكيلية في مجموعة الشاعر فوزي السعد (الريشة والطائر).و للفنان ” شاكر حمد” أيضاً دراسة في كتاب جاهز للطبع يتناول فيه النتاج الشعري للشاعر حسين عبد اللطيف من زاوية منظور الفن التشكيلي .
*قيم تشكيلية في الشعر العراقي/ خالد خضير الصالحي/ اصدارت اتحاد أدباء وكتاب البصرة /على نفقة شركة آسيا سيل للاتصالات/ الغلاف: هاني مظهر/ التصميم: صالح جادري/ دمشق-2012