23 ديسمبر، 2024 9:40 م

العراق آخر همومهم !!

العراق آخر همومهم !!

تسود حالة من الأرباك المشهد السياسي في العراق،  بعد انتهاء مراسيم عزاء وفاة المؤتمر الوطني، والكشف عن  نقاط الخلافات الشخصية والعقائدية وغيرها، فيما يقلب المواطن وجهه ذات اليمي وذات الشمال ليجد أبوابا مؤصدة تحد المتبقي من طموحه وأماله، لأن المتنفذين في  العملية السياسية لديهم أولويات ومزاجيات يتذيلهما التفكير بالمواطن ، أوالانحياز له من أجل الحد على المتحقق من همومه، بعد أن بات غير ذلك ضربا من الخيال، مقابل عراق ياتي في أخر قائمة اهتماماتهم لذلك يستفحل الخطر، وتتنوع مصادر القرار.
لا ندري اذا كان السياسيون يعرفون خطورة ابتعاد المواطن عن طروحاتهم و وعودهم التي  لم يعد هناك أملا في تحقيق القليل منها، كيف لا وأن ذات السياسيين يفشلون في الالتقاء بينهم على طاولة حوار منذ سنة وأكثر، فكيف لهم اقناع المواطن أو كسب ثقته في الانتخابات المقبلة أو غيرها من مفاجأت زمن اللامعقول في العراق، فكل فريق يعزف على ما يطرب مسامعه، التي ليست بالضرورة مصغية جيدا لأنين  العراق وشعبه، ما يجعل من التفكير بانفراج حقيقي مضيعة للوقت، بعد أن رتب غالبية السياسيين أولوياتهم بطريقة عكسية، حيث التناخي لانقاذ العراق آخر همومهم، رغم كلام منمق يصدر بين حين وأخر، سرعان ما يذهب مع الريح لأنه لم يكن منسجما مع الواقع أو اساسيات التمعن به.
ان ما يجري في العراق مفارقة من العيار الثقيل ، سياسيون في بروجهم العاجية يتصارعون على المكاسب ، ومواطنون ينتظرون منهم حلولا!! والأخطر من ذك أن البعض من السياسيين يتخندق في العلن خلف متاريس عرقية وقومية وطائفية، وكأنه المدافع عن أبناء قريته الصغرى لكسب ودهم، وفي دواخله ابتعاد ” مزمن” عن همومهم، لا بل هناك من يرفض بدواخله فكرة  العراق الواحد، لذلك يعزف ما يكسب ود جماعاته فقط، فليس المهم ما يحققه من وعود بل كيفية اقناع أبن جلدته  أنه المدافع الحقيقي عن طموحاته،وأنه ضد هذا التوجه وغيره، فيما اللقاءات الشخصية الحميمية بين كبار الخصوم في العلن متواصلة، وهناك تبويس لحى وقبلات على الجبين ساخنة جدا، بينما لم يحصد العراقي من شمال الوطن حتى جنوبه غير هواء في شبك.

وما يثير القلق أكثر من اللازم عدم استعداد غالبية اللاعبين السياسيين الحاليين لاعادة قراءة الأمور، في زمن قد توقفت حركته عند كرسي المسؤولية، لا بل هناك من يفصل ملابسا تصلح لكل المناسبات مهووسا بطروحات  طائفية وعرقية أوغيرها، متجاهلا عن قصد أو قلة تجربة أولويات العراقيين، الذين يكرهون التخندقات الضيقة  التي تأكل من جرف وطنيتهم، بمقدار اشمئزازهم من العمالة والانحناء لارادة غير العراق وأهله، كما أن العراقيين، ورغم ما يتعرضون له من ضغوط داخلية وخارجية مازالوا يمسكون  بثوابت حقيقة تترفع عن الانغلاق الحزبي والطائفي ، و تتوسد ذراع العراق الكبيرة من أجل مستقبل أمن، قناعة منهم بأن العراق كان و سيبقى أكبر كل اللاعبين، ومن يغمط حقه كالذي يحرث من أجل هلاك مؤكد!!.
لا ندري كيف يفكر السياسيون في العراق ، ولماذا يصرون على السير في الطريق الخطأ، في محاولة لتهميش طموح ابناء شعبهم، ممن كانوا يتباكون على اضطهادهم بالأمس،  ويتجاهلون أنينهم المزمن وهم على كرسي الحكم، و من غير المعقول النحت في الصخر لابعاد العراقي عن مشروعه الوطني وحشره في زوايا ضيقة، لاتتحرك فيها غير الزواحف بصعوبة، لأن أجواءها غير سليمة.
ونحن هنا لا نضع الجميع في قارب واحد ، أو نحمل فريقا دون غيره مسؤولية الخلل المزمن، فالجميع مشترك بما يتحقق من اخفاقات ومآسي فاقت الحدود، لأن البعض ينظر الى المنصب من زاوية تحقيق الأكثر من المكاسب،  وليس كيفية ارضاء العراقيين بمشاريع قابلة للتحقق، بعيدا عن يافطات كبيرة تشم منها كل الروائح باستثناء عطر العراق المتميز في نسماته، لذلك لم يعد مقبولا تأجيل الحلول وتأخير المصارحة والمواجهة لانقاذ المتبقي من ماء وجه عملية سياسية ولدت بالخطا، ومحاصصات ما أنزل الله بها من سلطان، وكم يخطأ  صانع القرار عندما يستهين بارادة شعبه، حتى وان تأخرت، وبالمقابل نحن عراقيون شيعة وسنة عربا وأكرادا وتركمانا وصائة ويزيديين، وليس في ذلك مثلبة،  لأن ارادة العزيز القدير خلقت هذا التركيبة المتجانسة، والتي لم تنل من عراقيتها كل  عواتي الزمن ، لكن ظروف ما بعد اللامعقول أضرت بها بعض الشيء، لكنها لم تصبها بمقتل، وهو جسر العبور من جديد الى عراقية تستوعبنا جميعا، و ترفض السياسي الذي يجعل من العراق المستقر أخر همومه ..
وللحديث بقية!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]