18 ديسمبر، 2024 11:27 م

أولاً : النصر لم يكتمل !
ترقب الجميع خطاب المرجعية الدينية، الذي تلى اعلان النصر في يوم الجمعة الموافق منتصف كانون الاول، بسبب حالة الترقب والتساؤلات التي اثيرت حول اعلان النصر ومصير الحشد الشعبي، واستمرار فتوى الجهاد الكفائي، ليأتي هذا الخطاب محملاً برؤية متكاملة لجميع استحقاقات المرحلة وما بعدها، وليعطي اجوبة لجميع الأسئلة التي طُرحت وحتى التي لم تطرح، ليعمق من الاعتقاد القائم على ان المنقذ ومحقق النصر هو المرجعية الدينية، بأبويتها وسلوكها وخطابها وفلسفة مواقفها .
النصر لم يكتمل، على خلاف كل التوقعات، فالمرجعية اعتبرت الحرب لازالت مستمرة ولَم تنته مع الاٍرهاب، اذ اعتبرت المرجعية ان الحرب ما هي الا احد مظاهر التطرّف الفكري والديني، وما دام هذا التطرّف مسيطراً على العقول، فسيظهر من خلال السلوكيات والمناهج والمواقف، للتنفيس عن عدم إمكانية التعاطي مع من يختلف معهم فكرياً أو دينياً أو عرقياً، وبالتالي من الممكن ان تعاد التجربة المريرة بوجود من غُرر بهم، وتم إقناعهم بان دخول الجنة يأتي من خلال اعتناق فكرهم فقط، واستباحة حرمات واموال واعراض غيرهم .
التحدي الأكبر الذي نواجهه شعباً وحكومةً، هو التصدي لهذا التطرّف الفكري واجتثاثه من جذوره ومحاربة متبنيه، بغض النظر عن هويتهم ومكانتهم، من خلال الرفض الشعبي لكل من يحمل فكراً متطرفاً قائماً على أساس الاقصاء والعنف وعسكرة المجتمع وتبني افكار هدامة للنسيج المجتمعي ومحاولة تقسيمه على أسس طائفية أو عنصرية أو قومية، بينما سينصب الجهد الحكومي على العمل الأمني والاستخباري، للبحث عن المجاميع التي تروج لهذا الفكر، سواء الأفراد منهم أو الخلايا الإرهابية النائمة .
البيئة التي ساعدت على نمو واعتناق الفكر المتطرف، هي البيئة التي تتصف بجملة من الصفات، منها صفة الفساد الاداري والمالي وسيطرة بعض المتنفذين على رقاب الناس، الامر الذي يعطي مبرراً للبعض لاستخدام العنف وتسويقه بسهولة، كذلك تحسين الحالة المعيشية وخصوصاً للمناطق المحررة، ومحاولة توعيتهم وتأهيلهم فكرياً، اذ انخرط الكثير منهم مع هذه الجماعات بسبب العوز المادي، واتصاف هذه البيئة بالخطاب الطائفي العنصري، من خلال شبكة من القنوات الفضائية والمحلية، وتسويق بعض الشخصيات المتطرفة لتكون ناشطة أو داعية دينية من خلال منابر بعض الجوامع التي أُسست لنشر الوحدة والمحبة والسلام بين أبناء الوطن الواحد، لتكون درساً بليغاً لنا، اذ ان سيطرة المتطرفين والسماح لهم بالعمل بحرية سيجعلهم يحولون الورود بنادق، والجنة جحيم، والدين سلاحاً مسلطاً على رقاب الناس ! .