18 ديسمبر، 2024 9:42 م

رسالتنا تبدأ من بيوتنا

رسالتنا تبدأ من بيوتنا

يحكى قديماً أن أحد الرجال الكبار، ذهب مع إبنه الصغير إلى المسجد، حينما كان يصلي الإبن يلعب في ساحة المسجد، فجاء سقّاء ووضع السِقاء وذهب ليصلي، فأخذ الإبن إبرة ووخز السقاء فسكب الماء، ولمّا خرج الأب تضايق من فعل إبنه مع صغر سنه، وقال لابد أن هناك خللاً، فذهب للمنزل وقال لزوجته: أنا كنتُ أراعي المأكل والمشرب دائماً، فإن كان من خلل لربما أيكون بسببك؟!

تذكّرت الأم وقالت لزوجها: إنها أثناء الحمل إشتهت رمانة حامضة، فذهبت بإبرة لمزرعة الجيران، فوخزت إحدى الرمانات لأتذوقها إن كانت حامضة، فلمّا تذوقّتها حلوة تركتها ورجعت، فعرف العالِم من أين جاء الطفل بوخز السِقاء! فالطعام والمكسب الرديء له أثره السلبي، والطعام والمكسب الحسن له أثرهُ الإيجابي أيضاً عليه، فالمرأة التي تحسن الصنع في حياتها، ستتأكد بان الله لن يتخلى عنها، وثمرة ذلك ستنمو عند أطفالها.

رسالتنا يجب أن تبدأ من بيوتنا وفي بيوتنا، ومع مَنْ يسكن بيوتنا، فرجال المساجد وأسود الجبهات، تربوا في بيوت صنعتها الطهارة قبل الحجارة كما يقولون، وبما أن الطاعة تزلف الجنة للمتقين، فمن المؤكد أن أثر الطعام الحلال سيضع موضعه في رحم الأم، ولا يتعدى الأمر بالمأكل والمشرب، بل الى الأصوات التي تسمعها الأم وهي حامل، فهناك فرق كبير بين صوت القرآن وصوت الشيطان، فهلاّ تفقهون؟

أربع نساء تسكن قلب الرجل المؤمن بحدود كتاب الباريء (عز وجل) وهنَّ: (أمه وزوجته وأخته وإبنته)، فالأولى رضاها من رضا الله، والثانية إكرامها وصية من رسول الله، والثالثة برها وصلتها تمنحك بركة من الله، والرابعة حسن تربيتك لها تعطيك كرامة من الله، وهؤلاء الأربع تقرُّ في أرحامهن مَنْ قد يكون سقّاءً واخزاً للسِقاء، أو مرتعاً للفضيلة والنقاء، ولكليهما أثره البالغ في الشدة والرخاء، والحاضر والمستقبل.

تجاهل صغائر الذنوب عبارة عن وداع بطريقة قاتلة لننساها، بينما من الأفضل أن نجعلها درساً لنا، متناسين أنه من المفترض ألا ننظر الى صغر الذنب، أو المعصية وحجمها بل الى مَنْ نعصيه، ورغم أن ضربات الزمن قد تكون مؤلمة لكنها ليست بقاضية، لذا وجب الإلتفات الى أننا مهما أخرسنا الحقيقة، أو دفناها تحت الأرض، لكنها ستنمو بلا شك عبر أولادنا، فما أفعله أنا يراه إبني.

المرأة إشتهت رمانة حامضة فقامت بثقبها بإبرة، وتركتها لحلو مذاقها، لكنه يقيناً أضحى ذنباً تحاسب عليه، فأمسى ولدها واخزاً للسِقاء بدلاً من أن يكون سقّاء، فالطريق الذي تقطعه المرأة لولادة طفلها، لا يقل أهمية عن المكان الذي ستصل إليه، وهو خروج الطفل للحياة سالماً، ماضياً لطريق الصلاح والإستقامة، لأن أبناءنا أمانة نؤديها حين الطلب، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، فأدركوا أهمية المنبت الحلال، والمأكل والمشرب الحلال.