17 نوفمبر، 2024 6:57 م
Search
Close this search box.

مجتمعات ذات مقام وأخرى حطام!!

مجتمعات ذات مقام وأخرى حطام!!

زنبابوي التي ثارت وتحررت بقيادة موغابي المتمسك بالحكم رغم بلوغه من العمر عتيا , إنقلبت إرادتها الوطنية عليه , وقام الجيش بالعمل على إحداث التغيير , ومضت الأمور بتفاعلات حضارية ذات قيمة وطنية وإنسانية رفيعة السلوك , لتشير إلى وعي المجتمع ووحدته وقيمه الوطنية العليا التي تأتي أولا , ولا يمكن لقيمة أخرى أو مسمى أن يعلو عليها.
إنها مجتمعات ذات غيرة وطنية عالية وتطلعات إنسانية سامية , تريد أن تبني بلادها بمهارات معاصرة وبقدرات شبابها وأجيالها المتفاعلة , فهي لم تهن أو تذل رئيسها وأحد رموز ثورتها التحررية , وإنما تعاملت معه بأخلاق وطنية وثورية وحضارية , فهي لا تلغي دوره وتتهمه بما يسيئ إليه ولتأريخه النضالي وقيادته للثورة الزمبابوية , وإنما تفاعلت معه بإحترام وتقدير ووفرت له الحصانة الكفيلة بالحفاظ على قيمته وأهميته في مسيرة التأريخ الزمباباوي , حتى قدم إستقالته وتنحى عن السلطة بأدب ووقار.
هذه مجتمعات تستحق التقدير والإحترام من القوى الفاعلة في الأرض , لأنها إستطاعت أن تؤكد الإرادة الشعبية الجماهيرية الوطنية بصيغ حضارية ديمقراطية , ذات تأثيرات إيجابية وإمتدادات أخلاقية سامية التطلعات وهي تقدم قدوة حسنة للأجيال الصاعدة.
وهذا فرق واضح ما بين ما تؤول إليه السلوكيات السياسية التي بهذا الحجم , فعلى سبيل المثال ما حصل في العراق بوم الرابع عشر من تموز عام ألف وتسعمائة وثمان وخمسين , قد وضع الأسس للسلوكيات اللاحقة والتي ما حادت عن ذلك اليوم الدموي الفظيع , وبسببه لا تزال نواعير الهلاكات تدور وأقبية السجون يتعالى فيها الصراخ والأنين.
وفي واقعنا العربي لم تتحقق حركة تغيير دون ويلات وتداعيات سلبية , وكان أرقاها وأكثرها حضارية ما حصل في تونس , أما في غيرها من البلدان العربية فأن التفاعلات كانت تجري بوحشية وتخبطية وإنفعالية وإندفاعية سيئة التوجهات.
وهذا فارق حضاري أساسي ما بين المجتمعات التي تتميز عن بعضها بمفردات ومبادئ التواصل الحضاري مع عصرها , فالتي تتتواكب بقيم وأخلاقيات إيجابية تتقدم وتكون , والتي تتمسك بالسلبيات والتفاعلات العدوانية تتفسخ وتهون.
وما يميز مجتمعاتنا أنها تتوحش وتتمزق وتتماحق , كما يجري في اليمن التي ما تمكنت قيادتها التي تغيرت أن تستوعب المرحلة , وتتصرف بوطنية عالية ونزاهة قيادية ذات قيمة ومنفعة للأجيال الصاعدة , فأخذت البلاد والعباد إلى ما هي عليه اليوم من مسيرات الهلاك والدمار الفتاك.
إن المجتمعات التي تعلي قيمها الوطنية وتضع الوطن أولا وتحرص على أجيالها , تتصرف مثلما تصرف الشعب الزمبابوي , والذين لا تهمهم أوطانهم يتصرفون مثل العديد من دول المنطقة العربية , التي تتلاحى فيها الموجودات وتتهالك وتتهاوى في متاهات الوعيد المبيد.

أحدث المقالات