يعتبر قطاع الطيران والنقل الجوي ركيزة اساسية لاقتصاديات الدول التي تسعى لتحقيق تنمية رصينة وناجحة بالاعتماد على اسلوب المنهج العلمي المتطور, لذلك برزت الجاحة الملحة للاهتمام بهذا القطاع الحيوي للدول النامية عمومًا والعراق خصوصًا, لما لها من إبعاد اقتصادية على مجمل الاقتصاد الوطني, وبدون وجود قطاع نقل جوي متطور فانه سيؤدي الى اختناقات مصيرية وخطيرة للنشاط الاقتصادي يؤثر سلبا على عملية التنمية المستدامة .
نعلم إن مقياس تطور المدن يعتمد على عدة عوامل أهمها تطوير سوق الطيران فيها , فالمدن الحديثة تتميز بوجود شركات طيران متعددة ومطارات كبيرة تقدم خدماتها على أعلى مستوى من خلال هيئة طيران متطورة لمواكبة النمو الحاصل بمجال النقل الجوي , لتزايد حركة الناس وتنقلاتهم بغرض العمل أو السياحة, وكذلك يمكن اعتباره الواجهة الأولى للدولة ونافذتها التي تطل منها على العالم , ولقد كان اتفاق الباحثين عموما على اعتبار النقل الجوي وقطاع الطيران عنصريين مهمين من عناصر التقدم الاقتصادي ، ولايستطيع أي بلد ان يقطع شوطا حاسما نحو هذا التقدم بدون تخطيط ودراسة كفوءة لمجالاته.
لذلك أصبح واجبا على مخططي الاقتصاد العراقي الاهتمام بكيفية الارتقاء بقطاع النقل الجوي ليواكب حركة التطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم باعتباره الشريان الحيوي الذي يمد الاقتصاد بأسباب الديمومة والحياة من خلال تطوير سوق الطيران فيها ,كونها الواجهة الأولى للدولة ونافذتها التي تطل منها على العالم , ولا يتم تحقيق هذا الهدف الا بظهور شركات طيران خاصة منافسة في سوق متعطش للكثير والمزيد،
عالم الطيران يلعب دورا هاما في نشوء النهضة الاقتصادية لاي دولة وخصوصا النقل الجوي ، من خلال ماتحققه من إنجازات رائعة في قطاعي النقل والسياحة وغيرها من الانشطة التي تخدم المجتمع , إلا أنها تحتاج إلى آليات وأدوات التواصل والانتقال المكاني بجميع أشكالها وأنماطها لتحقيق أهداف وخطط التنمية في جميع نواحي الحياة المدنية المعاصرة.
أن رسم سياسة النقل الجوي التجاري والإشراف عليه بما يتفق مع متطلبات الاقتصاد الوطني الحاضر والمستقبل هي من مسئوليات هيئة الطيران المدني في العراق او اي دولة بالعالم, عن طريق عقد اتفاقات النقل الجوي مع الدول الأخرى وإصدار تراخيص التشغيل ومراقبة نشاط النقل الجوي التجاري التي تقوم به المؤسسات الوطنية والأجنبية, كما تقوم إدارة النقل الجوي وشؤون المطارات بتنظيم سوق النقل الجوي في الدولة عن طريق مراقبة الأسعار بعد اعتمادها والموافقة على الجداول الصيفية والشتوية لشركات الطيران ، وإصدار وتجديد تراخيص مكاتب السفر,
يقوم قطاع النقل الجوي بدوره التنظيمي في اي بلد بالتنسيق مع الشركاء الاستراتيجيين لضمان تناسق الجهود المبذولة للوصول للأهداف الاستراتيجية ، من خلال المبادرات التي تسهم في دعم البنية التحتية للمنشئات التي تخدم المطارات و شركات النقل الجوي و الشحن و شركات صناعة معدات و قطع غيار الطائرات ، إضافة إلى قطاع التدريب والتطوير, للوصول إلى تحقيق الكثير من المستهدفات للوصول إلى هذه الغاية ….. وهو الاستثمار في سوق الطيران …. لأجل مواكبة هذا القطاع الحيوي حركة التطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم , وليحاكي عقارب الزمن للوصول سريعا لمبتغاه , ولاجل تحقيق ذلك يجب على المعنيين بهذا القطاع تنفيذ الخطوات المقترحة التالية :
– الخطوة الاولى
إن قدرة القطاع الخاص على المنافسة واستحواذه على سوق النقل الجوي في العراق أمر ممكن، إلا أنه يفتقر إلى عوامل عدة لتحقيق معادلة ” الجودة مع الربح” من خلال المنافسة والتمييز , المهم تطبيق التكنولوجيا المتطورة الخدمية والترفيهية في عالم الطيران ويتم ذلك بأن تعمل الشركة العاملة حالياً في مجال قطاع الطيران ( شركة الخطوط الجوية العراقية) إلى إبرام اتفاقيات وتحالفات مع شركات طيران عالمية ، من شأنه أن يُمكن لها من منافسة الشركات الدولية الكبيرة العاملة في هذا القطاع، لان هذه الاندماجات الحاصلة بين الشركات تؤدي إلى تحالف شركات الطيران مع شركات الشحن، أو السياحة، ويجعل مجال الخدمات أمامها أوسع ويحقق لها التميز مع منافسيها من الشركات بالمنطقة من ناحية الأسعار أو الخدمات، وتحديث الطائرات مما يجعل أسعار هذه الخدمات التي تقدمها في متناول ورغبة وإمكانية كل مسافر, وهناك مثال حقيقي بالمنطقة المجاورة لنا وهو تحالف بعض دول الخليج على تأسيس شركة طيران الخليج.
– الخطوة الثانية
هي تأسيس شركات خدمات واستشارات جوية متخصصة في مجال أدارة خدمــات مجموعـــــة من الطائرات ( الهليوكوبتر , الثابتة الجناح ) وتشرف على أعمال الصيانة والتصليحات الخاصة بهذه الطائرات وتقديم المشورة الفنية الجوية لشركـــــــات الطيران الحالية وأعداد الدراسات والبحوث الخاصة بالتطويرات والتحويرات الفنية للطائرات ومعــــــــداتها وإقامة الدورات الفنية الهندسية الخاصة بأعمال الصيانة للطائرات ودورات السلامة الجوية وغيرها من الدورات الخاصة بعلوم الطيران , كما تتوفر لديهـــــا الإمكانيات لأجراء التفاتيش الدورية والعميقة على الطائرات , مما يوفر جدوى اقتصادية ممتازة وتسويق ناجح للخدمات الجوية.
– الخطوة الثالثة
الاستفادة من تجارب العالم في هذا المجال حيث تعمل بعض البنوك المحلية وشركات التمويل المالي والتي لديها القدرة الكافية على تمويل الشركات الخاصة في مجال الطيران وخصوصا إن كانت هناك دراسة جدوى اقتصادية مبنية على أسس سليمة وخطط مستقبلية، فتمويل مشاريع ناجحة كهذه أمر لن يتردد فيه المستثمرون وشركات التمويل أو البنوك ، حتى وإن كانت العوائد لن تتحقق على المدى القصير، ومن جهة أخرى، يمكن لهذه الشركات من الدخول في البورصة مما يضيف عليها عامل قوة مشجع وخصوصا للشركات التي لديها عجز في التمويل، وتحتاج لتطوير خدماتها، حيث إن الاستثمار في هكذا مجال مجدي للمساهمين بشكل كبير.
الخطوة الرابعة
الاعتماد على كوادر وطنية مؤهلة في التخصصات الادارية والفنية ، من خلال استقطاب الكفاءات المحلية واصحاب الخبرات بهذا المجال للعمل في قطاع النقل الجوي وتشجيع الجهات التدريبية في توفير برامج التدريب عالية المستوى لتدريب طيارين ومهندسين طيران وفنيين وهم من كوادر عراقية خبيرة بمجال علوم الطيران عملوا خلال الفترة السابقة , وبشكل متوازي بتم تدريب كـــوادر شابة جديدة ليكونوا المكملين والبدلاء لهم مستقبلا.
الخطوة الخامسة
رفع سقف الطلب على الخدمات المقدمة في القطاع الجوي لا سيما في المطارات من خلال تعزيز جودة مشروعات البنية التحتية لها ، بالتعاون مع جهات متخصصة في التخطيط العمراني و غيرها من الجهات المعنية باستخدامات الأراضي و توفير الخدمات لدعم البنية التحتية .
من هذه الخطوات المقترحة والتي ممكن أن يسفر عنها إحراز التطور الاقتصادي بهذا المجال أسوة بالبلدان المتقدمة, وخير مثال على ذلك قطاع الطيران الاماراتي , حيث يصنف بالمستويات الاولى بهذا المجال على مستوى العالم وبحسب تصنيف البنك الدولي في تقرير “التنافسية” المنشور لعام 2012. فقد ارتفع عدد المسافرين عبر مطارات أبوظبي خلال العام 2012 ليتجاوز 14 مليون مسافر ، و بنفس الوتيرة المتسارعة زادت نسبة عدد الرحلات التي قامت بها شركة طيران الاتحاد خلال الفترة ذاتها بمعدل 19% ، الأمر الذي دعم الكثير من الأنشطة الاقتصادية والفعاليات في الإمارة لاسيما السياحية منها ,إضافة إلى ضمان الالتزام باتفاقيات جودة الخدمات المقدمة للمسافرين ، و تقييم و متابعة الالتزام بجودة الخدمات المقدمة ، حيث تطورت تلك الخدمات بنسبة 4.3 بالمائة خلال العام 2012 ، الأمر الذي ساهم في فوز مطار أبوظبي الدولي بجائزة سكاي تراكس كأفضل مطار في الشرق الأوسط للعام 2012.
لقد بات الطيران في صميم اهتمامات اقتصاديات دول العالم في محاولة منها لإيجاد بديل آخر غير النفط كمصدر للدخل، ولهذا تنفق مليارات الدولارات على مشاريع البنية التحتية الخاصة لسوق الطيران بالعالم لتعزيز هذه الصناعة.
الحل في تطور قطاع الطيران والنقل الجوي ليواكب حركة التطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم بسيط جدا ومعمول به بكل دول العالم تقريبا وهو خصخصة هذا المجال بشكل صحيح وعلمي ومبرمج من خلال تأسيس شركات طيران خاصة تسهم في تعزيز قطاع النقل الجوي وتغطية احتياجه الفعلي لهذا القطاع المهم, كون ان شركات الطيران الخاصة تمتاز بانعدام الروتين الإداري وسهولة العمل وسرعة في التمويل والانجاز , وتعدد هذه الشركات سوف يتيح للعراق حركة طيران مستمرة مع كافة دول العالم وبشكل طبيعي وكذلك تنشيط الحركة السياحية أيضا, وبخلق التنافس في تقديم الخدمات الجوية بأسعار منافسة ويزيد من حجم العوائد المادية للدولة والقطاع الجوي.
كما يمكن للخطوط الجوية العراقية ان تعقد اتفاقيات جديدة مع شركات عالمية متخصصة بهذا المجال مثل بوينغ وايرباص، يتم بموجبها شراء طائرات جديدة، لضمها إلى الأسطول الجوي العراقي, واعتقد ان الموضوع المالي ليس بمشكلة والعراق صاحب الميزانية الأعلى بين دول المنطقة , لكن المهم استعادة هيبة العراق جوياً، بأسطول حديث من الطائرات , وإعادة تأهيل البنى التحتية لقطاع النقل من حيث إنشاء المطارات وإعادة تأهيل الموجودة حاليا وتطويرها بالإضافة إلى بناء مطارات جديدة وعديدة تتناسب وعدد سكان العراق.