18 ديسمبر، 2024 9:46 م

الانتخابات مسؤولية وطنية و قانونية

الانتخابات مسؤولية وطنية و قانونية

يطرح بعض السياسيين إمكانية تأجيل الانتخابات واستمرار الحكومة الحالية في عملها باعتبارها حكومة تصريف اعمال. ويبدو هذا الطرح متعجلا وجاهلا بأبسط قواعد العمل المؤسساتي .هذا فضلا عن النتائج الإقليمية والدولية المترتبة على إيجاد حكومة تصريف اعمال فاقدة للشرعية. حيث ان حكومة تصريف هي حكومة ناقصة الصلاحية لا يحق لها اتخاذ أي اجراء مهما كان بسيطا. امضاء العقود و التراخيص غير جائز، امضاء المعاهدات والاتفاقيات الدولية، تمثيل العراق و التفاوض باسمه، حضور اجتماعات و تحقيق نتائج وغيرها. بل حتى الحرب على داعش لا يمكن اكملها! كيف ستشري الحكومة السلاح و تتخذ إجراءات دفاعية او هجومية تتوقف عليها حياة الملايين؟ الحكومة ستكون مشلولة وعاجزة عن اتخاذ أي اجراء. اذا كان البرلمان الحالي -والذي سيصبح برلمان تصريف اعمال لا يبالي- فبرلمانات الدول ومؤسساتها تبالي. أي دولة بما فيها دولة الجوار العربية و الإقليمية سوف تمتنع عن التعامل مع حكومة العبادي إلى حين قيامها بتسليم زمام الأمور للحكومة المنتخبة. فاختصاص حكومة تصريف الاعمال هو اتخاذ الخطوات الإدارية الضرورية و اللازمة فقط لمعالجة القضايا الأنية العاجلة ذات الطبيعة الإدارية ولا يحق لها مطلقا ممارسة او اتخاذ أي إجراءات يترتب عليها التزام سياسي او مالي. واجب حكومة تصريف الاعمال هو ضمان سير المرافق العامة فقط و تامين رواتب الموظفين. ولا يحق للحكومة مطلقا المصادقة على القوانين او تعيين شخصيات في المناصب العليا و بعكسه إجراءاتها باطلة و قابلة للطعن فيها. فلن يستطيع العراق مثلا تعيين سفير او ابداله او عزله. كما ان السفير لن يتمكن من تمثيل العراق في المحافل الدولية لأنه يتكلم باسم حكومة منتهية الصلاحية. كل قرارات مجلس الوزراء باطلة و لا يمكن تطبيقها. و لعل اول نتيجة هي الإشارة الى العبادي على انه رئيس الوزراء المنتهية صلاحياته.

و لكن من المستفيد من تأجيل الانتخابات؟ يأتي العبادي على راس القائمة. حيث ان تأجيل الانتخابات يعني بقاء العبادي في منصبه الى اجل غير مسمى يقبض رواتبه ومخصصاته ورشاويه ويستمر في استقطاع رواتب الناس وتقاعدها وبمنتهى القسوة. فالناس تأن من ظلم العبادي الذي يتبختر على متن قاربه في اهوار الناصرية و الناس تأن من جراحها و جوعها. لعل العبادي لا يهتم بحصوله على لقب “رئيس الوزراء المنتهية صلاحيته” فرواتبه ومخصصاته أهم وأبقى من كل شيء بما فيها رواتب الناس التي استقطعها يمنيا وشمالا وبكل استهتار وغيّ. الغريب في الامر ان العبادي الذي يبشر الناس بالانتصارات يريد تأجيل الانتخابات!! ألم ننتصر على داعش و نسترجع الموصل؟ أليس هذا أنسب وقت لاجراء الانتخابات فما المشكلة أذنا؟ لماذا لا تكون الانتخابات تتويجاَ للانتصارات؟! المشكلة الحقيقة هي أن دعاة التأجيل بما فيهم العبادي يعلمون علم اليقين أن الناس لن تنتخبهم و لهذا يريدون التأجيل لتكريس السلطة في ايديهم بحيث يبقوا في الحكم سنين و اجيال تماما مثل السيد مسعود بزراني انتهت ولايته منذ عام 2009 و لحد هذه اللحظة هو رئيس الاقليم لان الانتخابات الرئاسية يتم تأجيلها كلما حان موعدها لعدم وجود مرشحين!! لو كان العبادي واثقا من ان الناس سوف تنتخبه فلماذا الخوف؟ صناديق الاقتراع مفتوحة و متاحة امام الناس. لكن العبادي يدرك أنه اساء لكل موظف و متقاعد و حرمهم من أبسط حقوقهم ولهذا يريد أن يتحايل عليهم و يحرمهم من حقهم في الادلاء بأصواتهم.

اذا كان دعاة التأجيل غير جاهزين لخوض الانتخابات – كونهم مشغلون بنهب مقدرات البلد -فالترشيح ليس الزامي خاصة وانهم يعرفون ان الناس لن تنتخب أيا منهم أصلا.

الانتخابات تجري في موعدها المحدد فهذا واجب حكومة العبادي و مسؤوليتها. و اذا كان العبادي غير مستعد لخوضها فلا يوجد ما يلزمه بالترشيح!

القول الفصل هو للناس و المواطنين في اختيار من يحكمه و لا يحق لاحد كائن من يكون أن يحرمه من حقهم الذي ضحوا بدمائهم وابناءهم في سبيل ممارسته.