لم يكن استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)وأهل بيته وكوكبة من أصحابه الثوار الذين اختاروا معه الشهادة مفضلين المبدأ الحق على الباطل ,لم يكن حدثا عاديا مرتبطا بمدة زمنية حدثنا عنها الرواة لتترك كمادة تاريخية ليطلع القراء على فصولها التراجيدية .. فثورة الحسين لايمكن التقليل من شأن تسميتها بالثورة(فهناك انقلابات عسكرية شهدها تاريخنا المعاصرسميت بالثورات), وماهي الا عبارة عن قيام نفر من الضباط و الجنود بإقتحام الإذاعة أو القصر الرئاسي بطريقة مباغتة ليس بالمواجهة المعلنة والمعروفة لدى الطرفين, فهي بهذا الوصف ليست كالمواجهة التي قادها الإمام الحسين التي كان وقتها معلوما ونتائجها معروفة سلفا بسبب تفاوت ميزان القوى الذي كان يميل بدرجة كبيرة جدا لايمكن مقارنتها لصالح العدو الأموي الذي ارتدى واتباعه الجهلة المضللين لباس الطمع الدنيوي مقرونا بالثأر الذي ابتدأ واستمر بالحروب التي قادها بنو امية ضد الإمام علي عليه السلام بحجة المساهمة بالتحريض (حاشا النبلاء ان يفعلوا هذا ومن هو اكثر نبلا من الامام علي الا رسول صلى الله عليه واله وسلم ) , على الثورة التي ادت الى قتل الخليفة عثمان..!وهي في حقيقتها , اضافة الى ما ذكرنا, حروب انتقام وثأر قبلي وجاهلي لأجداد(يزيد ومعاوية) المشركين الذين جندلهم سيف(ذو الفقار) في معارك تثبيت أركان الرسالة المحمدية في أيامها وشهورها الأولى . اذن كانت موقعة كربلاء هي امتداد لذلك الصراع الأزلي الذي مايزال قائما حتى ظهور( المهدي) عجل الله فرجه ليملأ الدنيا قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا, وهو ظهور قريب إن شاء الله, في ظروف نمر بها تتسيد فيها طاغوتية استبدادية وصراعات كبيرة بين كفة الباطل وهي الأثقل.وكفة الحق وهي الأخف, كما هو حال الخليقة منذ البدء لأن الذين يؤمنون ويتبعون الحق ويضحون بانفسهم من أجله قليلون(بسم الله الرحمن الرحيم:(ثلة من الأولين وقليل من الآخرين).. لقد ولد هذا التفاوت ’وما يزال, بين البشر في الإيمان والصدق والتضحية والاخلاص والثبات على المبدأ والأخلاق الفاضلة والخشية من الله ومحاسبة الضميرمقابل الصفات المضادة منذ تلك اللحظة التي تقاتل فيها ابني آدم (هابيل وقابيل) فكان حب الملذات في الحياة الدنيا والتمسك بما تغوي به الضعيف وقوة وصلابة الإيمان والثبات على المبدأ الحق هو ما تدور عليه عجلة الحياة إلى يومنا هذا..وكما قلت لأحد الزملاء قبل فترة قصيرة: أن هناك من يحاول أن يقلل من اهمية إحياء ذكرى موقعة الطف في كربلاء والإستشهاد النموذج الذي قدمه الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه ,هذا النموذج الذي لم يحدثنا التاريخ عن مثيل له في البعد الزماني والمكاني والمعرفي المفتوح وانعدام التوازن فيه وطبيعة المواجهة المعلنة التي خلت من عناصر المفاجئة..إن كانت بعض المظاهر التي اتحفظ عليها (شخصيا) ترافق مراسيم احياء الذكرى, فلا يحق لي ولا لغيري أن نتجاهل الجوانب الايمانية المبدئية التضحوية الفريدة فيها ,علاوة على بعدها الانساني والعقائدي بأعتبارها الشعلة الوهاجة التي أضاءها الإمام الحسين لتكشف عن طبيعة وحقيقة المعسكرين المتصارعين, معسكر الحق الذي تزعمه الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وأصحابه, على قلتهم , ومعسكر الباطل والحقد والكذب والطمع والجشع والغدروالثأر غير المسوغ الذي تزمعه يزيد بن معاوية بن هند أكلة اكباد البشر, وهو صراع مايزال محتدما حتى يومنا هذا حيث تحاول القوى الظلامية الوهابية والسلفية والأخوانية التكفيرية أن تشوه حقيقته وتطمس معالمه بذات الأساليب الأموية الدنيئة بالترهيب والترغيب وقطع الرؤوس بالسكاكين والسيوف وشراء ذمم الرعاع والجهلة , التي اضافوا لها اليوم السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والاسلحة الكاتمة… علينا نردد الترنيمة الحسينية الخالدة ومعنا كل الشرفاء من كل المذاهب والاديان .. لبيك ياحسين.