لازال الكثير من العراقيين ممن كانوا قد عاشوا حقبة نظام صدام ويحتفظون في ذاكرتهم ما تركه ذلك النظام من حروب ومقابر جماعية راح ضحيتها ملايين الناس واثارها لازالت باقيه من خلال الدماء التي ينزفها هذا الشعب يوميا جراء ما زرعه من كراهية واحقاد ومع كل هذا يحاول البعض ان يتجنى على الحقيقة رغبة منه بطمس الوقائع التاريخية وفي مقالنا هذا لا اتصدى بالدفاع عن جهة او طائفة او شخص الا ان اطلاعي على ما حصل من احداث ابان حقبة حكم صدام وللفترة من 16/7/1979 وما بعدها كما انني لا ارغب ايضا ان اثير الام و جراحات لدى اغلب العراقيين جراء ما اتبعه من اساليب في تلك الحقبة والتي قد تفوق اساليب هتلر نفسة حيث كان هتلر قاسيا مع الامم الاخرى الا انه لم يكن كذلك مع الالمان وليس من اليسير ان يتصدى الكاتب لأمور لا يرغب التصدي لها لأسباب عدة ولكن لابد للوقائع التاريخية ان تنقل بأمانة اذا اردنا توخي الدقة بنقل الحقيقة وقد تعرض تاريخنا العربي و الاسلامي الى صفحات معيبة من التزوير طمست الحقائق وزرعت الكراهية بين ابناء هذه الامه وكانت لحمتها و سداها هي التزلف للسلاطين ولا نريد لهذه المهزلة ان تتكرر في عصرا اندثرت فيه عهود اولئك السلاطين وقد يتعمد البعض بإيراد الاكاذيب وهو يدرك تماما بان ما يقوله لا يمكن ان يصدقه احد خصوصا في العراق سيما في هذا الوقت حيث لم يمضي على ذلك النظام سوا تسعة سنوات ولا زال ممن عانوا من ظلمة احياء يرزقون وما دفعني الى كتابة هذا المقال ما شاهدته من خلال حوار جرى في المنامة بين السيد عبد الستار الراوي سفير العراق في طهران ابان الحقبة الصدامية وعرضته قناة (روسيا اليوم) في يومي27/10/2012 و 2/11/2012 وان مضمون ما جرى وكأن بمجملة تجنيا على الحقيقة وخشية ان يجر العراقيين الى حكام جدد كصدام والى حروب تجري بالنيابة لصالح الامريكان وال سعود ارتأيت ان ارد على ما ورد في ذلك الحوار والسيد الراوي كان يسعى وبوضوح الى محاولة إعادة الاعتبار لنظام صدام وأمثاله كما يحاول ان يطمس الوقائع التاريخية التي اقترفها ذلك الحاكم والموثقة تاريخيا وسآخذ ذلك الحديث دون الخوض بتفاصيله لان ذلك يتطلب وقتا طويلا وأتذكر قولا لوزير الخارجية البريطاني بعد طرد صدام من الكويت والاسفاف الذي اتبعه اعلامه بعد تلك الحرب فقال ذلك الوزير عندما تمر (30) عاما سيدعي هؤلاء الناس بانهم لم يدخلوا الكويت اصلا وقد دار ذلك الحوار في القناة المذكورة حول موقف ايران من الاحتلال الاميركي للعراق وبان نظام صدام لم يرغب بمهاجمة ايران وقبل كل شيء لابد ان ننوه ايضا بان ذلك النظام اصبح في ذمة التاريخ بخيره وشره ولكن محاولة التلاعب بالألفاظ وطمس الحقائق خصوصا واننا كعرب ومسلمين عانينا الكثير عبر تاريخنا من اناس من هذا النوع كما ذكرت وان السيد عبد الستار الراوي يسلك المسلك نفسه وفي سؤال من قبل السيد (رشد) وهو مراسل تلك القناة ومن ادار ذلك الحوار حول عزل البكر وافشال التوجه الوحدوي بين العراق وسوريا بعد حصول الثورة الايرانية وقيام صدام بتعبأة العراق للحرب مع ايران مباشرة بعد عزل البكر وقد اكد الكثير من المؤرخين بان توجه البكر نحو ذلك المشروع الوحدوي مع سوريا كان احد اسبابه تجنب الحرب مع ايران للعلاقة الجيدة بين كل من سوريا وايران آنذاك وتضمن ذلك السؤال عما اذا كان توجه صدام نحو الحرب نجم عن امر صادر له من الولايات المتحدة الاميركية وقد تجنب السيد عبد الستار الراوي الجواب محاولا الالتفاف قدر الامكان حول ذلك السؤال ولم يذكر ما احيط بالعراق في حينه من تحرك امريكي سعودي لتطويقه وجرة الى تلك الحرب وكان احدى نتائج ذلك التحرك عزل البكر واعدام اعضاء القيادة القطرية واعضاء المؤتمر القطري وكما ذكرنا ان السيد الراوي حاول ان يبرر مهاجمة ايران على اساس امور اختلقها تماما ولم يقدم ازاها أي دليل وهو ما كان يلح علية ذلك المحاور حيث اجاب السيد الراوي بان الثورة الايرانية كان لديها توسع وبانها هاجمت العراق لمرات عدة وبان العراق شكا ذلك الى الايرانيين وان الايرانيين لم يلتزموا بمعاهدة الجزائر عام 1973 في حين ان الذي رفض تلك المعاهدة مع بيان اعلان الحرب كان صدام و ان حتى اعضاء الحزب يعلمون علم اليقين بان الانقلاب المفاجئ وعزل البكر واعدام قيادات الحزب جاء بناء على توجيه من (ميشيل عفلق) الذي كان ينسق بين صدام والقوى الغربية والمحكوم علية بالإعدام هو وأعضاء قيادته القومية من قبل القضاء السوري لثبوت تأمره مع بعض كبار الضباط في الجيش السوري على التنظيم الحزبي في سورية وهو نفس ما فعله يوم 13/11 /1963 في العراق وكان أبان التحرك لتحقيق المشروع الوحدوي مع سوريا قال صدام عبارته المشهورة ( ان حافظ أسد ليس أفضل مني) حيث كان مشروع تلك الوحدة ان تكون الرئاسة دورية بين الرئيسين العراقي والسوري وهذه الجملة تظهر وبجلاء بان صدام لم يكن رجل مبادئ وإنما انتهازيا وصوليا والجميع يعلم بان أمريكا ضد أي مشروع وحدوي بين العرب خشية على مصالحها وعلى إسرائيل كما أن كلام السيد عبد الستار الراوي مكذب بإقرار صدام نفسه حيث بعد اختلافه مع آل سعود ذكر وبتصريح عبر التلفزيون بقولة (كنا في البريه واتى الينا فيصل ال سعود وزير الخارجية السعودي وقال الجماعة يسلمون عليكم ويطلبون ان تتصدوا للإيرانيين وقد طلبنا منه امهالنا للتفكير في ذلك وسنتولى ما مطلوب) الا يكون مثل هذا الاقرار كافيا بان ما جاء بتوجيه من امريكا حيث السعودية لأتفعل شيء الا بأمر من الولايات المتحدة وان الاعلام الغربي كان يسمي الحرب العراقية الايرانية عند مباشرة صدام بها (حرب طاقم السفارة الامريكية المحتجزين في طهران) حيث احتجز طاقم تلك السفارة من قبل طلبة جامعة طهران كون السفير الامريكي آنذاك نقل من مدير المخابرات المركزية الامريكية الى وظيفة سفير في طهران مع اندلاع تلك الثورة اما ما قام به صدام بعد انقلابه على البكر اكد نواياه بجلاء فقام بتحشيد القوات العراقية على الحدود الايرانية ونفذ عملية تهجير من العراق الى ايران ربما لم يحصل مثلها على الاطلاق وقد جاءت محدده باليوم الواحد من وصول السيد الخميني الى مطار مهرباد الدولي يوم 1/4/1979 وتلك الحملة ابتدأت يوم 1/4/1980 وكانت الثورة الايرانية في حالة مجابه مع خصومها السياسيين الذين تدفع بهم الولايات المتحدة ومن جملتهم جماعة مجاهدي خلق وجميع المراقبين يدركون تماما بان ابعد ما يكون عن ذهن تلك الثورة ان تهاجم أي دولة مجاورة ونقل لنا ضابط من وحدة ابتدأت الهجوم على مركز حدودي ايراني في منطقة سربيل زهاب ويقول ذلك الضابط ان قوات الحدود الايرانية قد تفاجأت وهربت امامنا وهم ينادوننا بجهاز مكبر للصوت قائلين (ايها الاخوان العراقيين لم تهاجموننا فليس لدينا أي امر من قياداتنا بوجود أي شيء مع العراق ) وصدام بعد انقلابه يوم 16/7/ 1979 وهو يقف على منصة وخلفة محمد حمدان محافظ بغداد وكان اعضاء المؤتمر القطري الذين هم ينتخبون القيادة القطرية جالسين في القاعة ويحيط بهم مجاميع من رجال المخابرات والأمن وبيد صدام ورقة وهو عندما يؤشر على احد الجالسين فيتم حمل ذلك الشخص من رجليه ويديه من قبل جلاوزة صدام وأمام أنظار العالم كله في التلفزيون وجراء ذلك حول صدام الحزب الى مجاميع مرتبطة بالأمن والمخابرات واصبحت مهمتها تقتصر على رفع التقارير عن الناس ولم يقتصر الامر على تحويل ذلك الجهاز ملحق بالمخابرات والامن فقد شمل ذلك السفراء العراقيين ايضا والذي قسما منهم لا زالوا يمثلون العراق في بعض تلك السفارات حسب علمنا وربما اوضح مثال على هؤلاء هو (نوري الويس)سفير العراق في عمان فقد تنقل بين منصبه كسفير ومدير للمخابرات وهو الذي قام بأقناع اللواء الطبيب راجي التكريتي الذي كان متوجها الى لندن وكلفه صدام بان يقنعه بالعودة الى العراق وفعلا اعادة وسلمه الى عدي في طريبيل بعد ان خدعه وتم اعدامه من قبل صدام بتهمة وجود تحرك لدية في لندان ضده ومما يثير حفيظة الانسان ان السيد عبد الستار الراوي يدافع عن بعض مشايخ الخليج الذين كان ولايزال البعض منهم مقرا اساسيا للتآمر على هذا الوطن وشعبة ونحن لا نلوم السيد عبد الستار الراوي لأنه من تعود الارتزاق لابد ان يكون له في كل يوم شان مختلف عن سواه وما نقله التاريخ وثبتته الوقائع بان السيد الخميني صرح مع بدا تلك الثورة بان ايران ليس لديها أي خطه توسعية باتجاه جيرانها على عكس ما ذكره السيد الراوي وقد اثبتت ذلك الوقائع منذ اندلاع تلك الثورة ولحد الان اما عبارة السيد عبد الستار الراوي حول السعي لمناطق النفوذ فقد اطلقها صدام عند عودته من سفرته الى سورية لتخريب المشروع الوحدوي مع العراق حيث كان قد ذهب ليستطلع ما وصلت له الجهود في ذلك المشروع وقبل انقلابه على البكر قال بالحرف الواحد (بان سورية مجالها الحيوي باتجاه بلاد الشام الاخرى ويقصد لبنان والاردن اما العراق فمجاله الحيوي باتجاه الشرق) وفسر المراقبون في حينه الجملة الاخيرة بالتوجه نحو الخليج وكلمة المجال الحيوي وردت لهتلر في كتابة (كفاحي) حيث يقول فيه بان سكان المانية في تزايد مستمر ولابد لها من مجال حيوي للتوسع وسيكون توسعها باتجاه روسيا حيث لديها مساحات شاسعه وما تركه صدام من ذكريات مره باستخدامه لمختلف الأسلحة المحرمة دوليا بان من يتمتع بشيء من الحياء لا يدافع عنه وقد هاجم صدام ايران لمرتين على امل ان ترد علية فلم تقم بذلك لانشغالها كما ذكرنا وان هجومه الذي ابتدأ به الحرب هللت له وسائل الاعلام الغربية حيث اسمته (مونت كارلوا) بقولها (لقد عادت حرب الايام السته الى منطقة الشرق الأوسط ) وأحيانا تسميها بالحرب الخاطفة تشبيها بحرب اسرائيل ضد مصر في عام 1967 وعلقت لندن على تلك الحرب (ان الجيش العراقي يتقدم نحو مضيق مايطاق باتجاه طهران ) في حين ان ذلك المضيق يبعد (900كم)عن خط الحدود العراقية الإيرانية وان تلك الحرب كانت تدور رحاها بمحاذاة الحدود العراقية الإيرانية في كل من سربيل زهاب وكيلان غرب والدفاع عن صدام ونظامه امرا معيب لأنه رجل قد رمت به الاقدار بوجه هذا الشعب مع انه محكوم عليه بالسجن لستة سنوات من قبل محكمة احداث بغداد وكان عمرة (16) سنه لقتله مدرس في تكريت يدعى خالد خصاف من عشيرة ال بو ناصر وبتحريض من خاله خيرالله طلفاح وان تلك المحكومية انهاها في سجن الاحداث ببغداد والتقطته المخابرات الامريكية لتعده من ضمن من تصدوا لثورة 14/ تموز/ 1958 وهذا ما اكده ونشره خالد عبد الناصر في مجله اردنيه بقوله (ابان فترة كان ابي رئيسا للجمهورية في مصر عدت ليلا الى البيت الا ان الحرس اوقفني ولم يسمح لي بالدخول بناء على اوامر صدرت من والدي بعدم السماح بدخول اي شخص فانتظرت وعندها خرج شخصان برفقة والدي احدهما اجنبيا والثاني ذو سحنه شرقيه ويقول خالد عبد الناصر سالت والدي عن هؤلاء فأجابني احدهما معارض عراقي يدعي صدام والثاني مدير المخابرات المركزية الأمريكية وهو جورج بوش الاب) وقد قامت السفارة العراقية في عمان بعد نشر ذلك المقال بجمع كافة اعداد تلك المجلة من الاسواق واتلافها .
[email protected]