مرت اكثر من اربعة عشر قرن وجموع الزائرين ك تتقاطر على ارض الطف قاصده اضرحة الشهداء في كربلاء المقدسه، إحياءً لذكرى المصاب الاليم وطلباً للشفاعة.
بمناسبة مصاب ابن بنت رسول الله منذ اربعة عشر عام والقوافل تجري كالسيول بمسير قل نظيره تتوارثه الاجيال جيل بعد جيل.
لقد حفظ الناس فاجعة ال البيت عن ظهر القلب وقيم الشهاده والتضحيه من اجلها واقاموا لهذه الذكرى الشعائر من اجل ان يبقى الدين وتترسخ قيمه، ومن هنا فقد قدم الامام الحسين(ع) الشهيد حياته قربان من أجل عقيده سمحه متسامحه فكان المثال والمثل على تجسيد الحرص على الدين الحنيف، وعلى مر الاجيال وقوافل الزائرين تسلك ذات الطريق وبعزم المؤمنين واعدادها تتزايد كل عام ومن المتوقع ان تصل المسيرات الى اكثر من عشرين مليون زائر وهو حجم كبير مقارنه بحجم مدينة كربلاء، غالبيتهم قادمون من دول الجوار والعالم وعبر المطارات ومنافذ الحدود متوجهين مشياً على الاقدام ليرسموا صورة حيه تبقى في الذاكره.
وقد فتحت الاسر العراقيه في المدن الواقعة على الطريق العام والقرى ابواب بيوتها لاستقبال الزائرين وتقديم الخدمات المطلوبه لهم وهي ( المبيت والغذاء وغسل الملابس وغيرها) وكذلك الامور الصحيه على طول الطرق الواصل من البصره الى كربلاء، كل هذا الكرم الذي فاق الوصف من اجل الحصول على البركة وطلب الشفاعه عند الله.
جموع الزائرين على مد البصر قادمون من ( الهند وباكستان وافغانستان ومن دول الخليج والزخم الاكبر من طهران، وكذلك من بقية دول العالم الاخرى) ينزلون في مطاري البصره والنجف ومنها يتجهون الى كربلاء مشياً على الاقدام .
في السنين الاخيره ظهرت بعض الظواهر الغريبه عن الشعائر المعروفه والتي تمارس بهذه المناسبات وهي عباره عن بدع غريبه عن التقاليد والطقوس الحسينيه تكاد تكون عبارة عن خرافات بعيده عن الاسلام ك( السير على الجمر وهي عاده هندوسيه والزحف على البطن وهي عاده بوذيه وهكذا) هذه وغيرها عباره عن بدع وخرافات لاعلاقه للدين ولا لشعائر عاشوراء بها وهي بحد ذاتها مخالفه للاسلام ومشوه لسمعته، وتظهره كدين بدع وهو امر مخالف شرعاً ومطلوب منعه ومحاسبة المقصرين على سلوكه، لان الامام الحسين استشهد وهو يقول ( انما خرجت لاصلح دين جدي) ولذلك فالاسلام الحق هو فكر وعقيده ومبدا ونهج وهو دين ادب واخلاق وقيم للتسامح وليس مجموعة بدع غريبه وانما هو تحليل لشخصية الحسين الشهيد وسيرته وليس بنشاط تهريجي يضم مجموعة بدع وخرافات ممجوجه، ان احياء الشعائر يقصد بها خلق توجه ديني يبرز جوانب المحبه والاخلاق والتاخي ومجموعة القيم الاسلاميه.
كل عام ونحن نتذكر ماسات كربلاء وتلك المجموعة الصغيره من اهله ومناصريه وكيفية وقوفهم بوجه الكفر كله بتضحياتهم النادره وبدمائهم الزكيه متمسكين بنهج الاسلام الحق ومستنيرين بايمان الحسين المطلق وبتضحياته.
هناك تثمين لمواقف القائمين على خدمة الزائرين وعلى الكرم الذي اغدقوه عليهم فهولاء هم محبوا الحسين وانصاره سواء من قدموا الطعام للملايين او استضافوهم طيلة ايام الزياره او قدموا لهم الخدمات المتنوعه والنشاطات المختلفه.
ويعتقد البعض والاخرون يجزمون ان بعض البدع والممارسات الخاطئه والخرافات والشعوذه كانت قد ظهرت في السنوات القليلة الماضيه و القصد منها تشويه سمعة معتقدات ال البيت ولربما تقف ورائها جهات مشبوهه!
هناك واجب ديني واخلاقي لتلك الملايين التي حلت بفناء كربلاء المقدسه قادمة من جميع اصقاع العالم ومن كل الاجناس و عليها ان تتعلم وتعلم افكار وقيم الاسلام واخلاقه وفق منهج ال البيت ولذلك فعلى الموجهين والدعاة وائمة المنابر والحريصين والمسلمين الحقيقين ان يرشدوا العامه الى السلوك القويم وتذكيرهم ان السبب الرئيسي باستشهاد الحسين واصحابه وسبي عوائلهم انما هو من اجل قضية انسانيه بالدرجه الاولى، وما احياء الشعائر الا للتذكير بقيم الاسلام ومنهجه واخلاقه، بعيد عن البدع والخرافات المشوهه للدين، كما يفترض ان تحيا المناسبه بتوظيف التقنيات كي تقدم هذه المناسبه و هي خاليه من الشوائب الطارئه والشعوذات والخرافات ولكي يظهر اسلاماً حقيقياً و يعرف الناس قيم التضحيات التي بذل من اجلها حياته وذلك بقوله ( إن كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فيا سيوف خذيني ويا رماح مزقيني)..
هذا هو جوهر حكمة السير الاف ومئات الكيلو مترات سواء من خارج او داخل العراق.