أطلال أم بقايا من بيوت خاوية؟!
عروش هجرها ساكنيها؛ لترقص الأشباح على نغم خلوتها..!
أين حل بالناس النوى؟!!
أرواح مسافرة؛ أصوات مغادرة؛ أجساد راحلــــــة..!
قلوب كالقناديل مع الأتربة في السماء معلقة..!
طيورٌ مهاجرة..!
وهدوءٌ يستبيح عرض المدينة ..!
أنياب الوحشة تنهش جسد الأسواق ..! صمت يملأ البيوت..!سكون يعم الأحياء..!
الشوارع فارغة؛ وألازقة مخيفة؛ والمقاهي والدكاكين معطلة..
نذير شوؤم ..! خريف برائحة الماضي..
أوراق تتساقط على النوافذ المتربة المغلقة..!
العطش نزع ثياب الأشجار الخضراء ..!
ما الذي يحصل يا ترى..؟
هل نفخ في الصور وقاموا أفواجاً.؟
هل قامت القيامة وخرجوا أجداثا .؟
مالي أراهم ينسلون من كل حدب وصوب.؟
هل أُذن في الناس وراحوا من كل فج عميق؟
حتى الشمس لم تعد كما هي وكأنها تريد الرحيل..!
خجلة تختبئ من خلف السحاب..!
لم تعد قرقعة الأواني تسمع بين البيوت!
لم يعد هنالك دخان يسافر من فوق أسطحهم!
ثورة الخبز بأيدي الأمهات قد سكنت..!
أصوات الرجال لا زالت معلقة
بين كهوف تتكسر بطياتها الرياح..!
سيارات قد رُكنت .. وبيارغ ورايات تُركت.!
حتى الذكريات حملت أمتعة سفرها
صور الشهداء وهم يبكون تملأ الأعمدة والمباني.!
ذكريات من عام إنقضى.. تكلمني صورهم؛ تحدثني نظرات أعينهم
كم يتمنون لو إنسلخت رسومهم من بين تلك الأطر الحديدية ليذهبوا هم أيضا..!
سرادق من الاقمشة والحديد بين فكي الريح
كرة من لفائف الورق تبحث عن أقدام الأطفال
صدى صوت صراخهم يشتاق لحناجرهم الرقيقة
هدوء وصمت وسكون..!
مقبرة بلا ضجيج ..!
ألوان من بقايا ماضٍ يلون المدينة
مدينة سوق الشيوخ بلوحة الرحيل
مصباح مقبرة مخيف ..
يبعث خيوط ضوءه بين أصابع الليل خجلاً
تجمعن حوله فرشات ضوء باكية
ونطقت تلكم الأرواح
لغة الضحايا أفصح من لسان المجرمين
(لغة الضحايا صرخة ودمٌ ) ولغة الإجرام ( سيف ونحر وحسين)..!
فيا مدينتي عذراً
لا فرق؛ حتى وأنتي نازفة ترحلين .. حتى وأنتي راحلة تنزفين .!!
صرخ كل شيء في المدينة وإقشعر بدن الأرض والسماء
زينب قد وصلت اخاها وحلت ذكرى الأربعين ..
جمد دم الزمن وإستبيح شرف القدر..!
وقطعوا أوداج القضاء في يوم العشرين من صفر
ولأن الحسين لا تعشقه الأرواح ولا قيامة للأرواح الا الحُسين
إرتحلت المدينة بأكملها نحو كربلاء