لا اعرف لم الاصرار على تكرار تلك الصورالمهينة التي تظهر المرأة وكأنها سلعة معروضة بشكل رخيص ووضيع من خلال الاصرار على تواجدها في اماكن ومواقف لا تليق بها, مذكرة بمظاهر العبودية والرق المستفزة في العصور الوسطى ؟. أسوق هذه المقدمة بعد أن كثرت في البلد مظاهر جديدة لا تقل استفزازا وبشاعة لامتهان كرامة المرأة وحريتها والنيل من مكانتها الاجتماعية والاعتبارية!!.
ولما لم يعد في البلد مشاريعا جديدة, فقد عمدنا الى التزويق والتلوين والبهرجة لنفس المشاريع القديمة, فقط نقوم بطلائها بلون جديد فسفوري ونكتب يافطة جديدة وندعي أننا أكملنا انجاز مشروعا جديدا وصرفنا اموالا طائلة في حين هو ذات المشروع وذات المدرسة, وذات المصنع, وذات الوزارة والجامعة فقط بحلة جديدة وكأنك امام موضوعة تدوير المخلفات !!.
كل يوم تصدع رؤوسنا نشرات الاخبار بعشرات الصور التي تظهر احتفالا من تلك الاحتفالات المذكورة سلفا وكلنا على يقين ان كل احتفالاتنا هي شكلية وسطحية ولا تطور قابلياتنا, ولا تجعلنا نترك مراكز المؤخرة التي نصر على البقاء فيها, والطامة الكبرى ان الجميع يخدع نفسه ويصر على ان الاحتفال والبهرجة الاعلامية ومظاهر النفاق التي تخلله هي قمة ما يمكن ان يفكر فيه الانسان العراقي !!, وكلنا نعرف أن هدف الاحتفالات هو لتلميع صورة السيد المسؤول امام دوائر القرار وليقول انني لست نائما وهاكم هذه احتفالاتي التي تشبه احتفالات المهراجا الهندي التي يتخللها وجود افيال ضخمة راقصة وحولها حشود بشرية كبيرة, مع الفارق ان احتفالاتنا لا تتخللها افيالا راقصة بل افيالا طائرة ضخمة جدا لا تلبث أن تتفجر فوق رؤوسنا !!, ولكن ما هو المقزز في احتفالاتنا هو الاصرار على استغلال المرأة واظهارها بدور ثانوي, وسطحي وممتهن لشخصها واظهارها بانها جزء من ديكور رخيص, واعطائها مهمة جبارة عظيمة تقتصر فقط على حمل صينية جديدة صفراء, يتمدد فيها مقصا كبيرا, لاستخدامه من قبل السيد المسؤول في قطع شريط الاحتفال العظيم الخاص باطلاق صاروخ استكشاف كوكب صغير عجزت وكالة ناسا عن اكتشافه, اسمه كوكب ( السعلوة ) ويكون قريبا من نجم ( الطنطل ) !!, فتقف المسكينة في انتظار وصول المسؤول وهى مرتدية افضل ما تمتلك من ملابس تركية, مطلقة العنان لضحكاتها المصطنعة, محاولة أن تظهر بكل مظاهر الفرح العارمة, ارضاء لمن انتدبها لهذه المهمة التي حرمتها كل شعوب اوربا الكافرة, وصارت منقرضة منذ عقود من الزمن !!!.
كنت افضل أن أموت الف مرة ولا أشاهد نساء عراقيات يقفن بكامل زينتهن وهن يقفن في نسق يمينا ويسارا قبل شريط الاحتفال ينتظرن سيد القوم ليقفن كجواري في بلاط الملك دون حراك, ولا اتحمل مشاهدة فتيات صغيرات وهن يحملن الزهور لتقديمها الى المسؤول حينما يشّرف الاحتفال بطلته الزاهية, ولا يمكن تبرير تلك الافعال المقيتة التي تعود المجتمع على رؤيتها وهي من أقبح صور النفاق والرياء والاستعباد والاذلال وامتهان الكرامة , وجعل تلك الممارسات الفجة عادة مألوفة وطبيعية وسائدة, وبدلا من أن نعلم أطفالنا وفتياتنا ونسائنا قيم الاعتداد بالنفس وحفظ الكرامة وتطوير قابلياتهن العلمية والادبية , فأننا نعلمهن اولى خطوات التذلل والانصياع وطرق الخنوع الرخيصة, ونتبجح فقط علنا, زورا وكذبا, بشعارات رنانة من قبيل, ان المرأة نصف المجتمع, في حين أننا نعاملها على أنها كائن درجة ثانية!!, ولطالما كنا نفكر بعقلية العصور السحيقة فأن مجتمعاتنا ستبقى تعاني الجهل والتخلف والتراجع . أن للمرأة حجما اكبر من أن توضع في أطار ضيق ومحدود, بعيدا عن المنجزات الحقيقة وأن لا نكون سببا في جعلها دمية نتحكم فيها وفق امزجتنا ورغباتنا, , وأن علينا أن نشرع قانونا خاصا يمنع أي مظهر من مظاهر استعباد النساء في كل مفاصل حياتنا, وأن فشلنا في استصدار القانون فعلينا أن نبدأ بتثقيف الناس ومحاربة تلك الصور التي تحط من شأن نسائنا وتمتهن كرامتهن, علينا أن ننشر سيرة تلك النماذج المضيئة الرائدة من نسائنا بوقت مبكر من التعليم بين فتياتنا وبناتنا, وان نعلمهن أن ماشطة بنت فرعون فعلت ما تباهى به القران حينما علمت الكون كيف تكون صاحبة مبدأ ضد اقوى طواغيت التاريخ وجبابرته, وأن نعلّم نسائنا ان اول جامعة بالعالم أسستها أمرأة اسمها فاطمة الفهرية حينما اسست جامعة القروان, وعلينا أن نحكي للأجيال القادمة أن أول أمرأة وهي نسيبة بنت كعب حاججت الرسول(ص) حينما قالت له: ما أرى كل شيء إلا للرجال، وما أرى النساء يذكرن بشيء في القرأن ؟, حتى أن صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية وضعتها على رأس قائمة أكثر عشر نسوة مسلمات وجب معرفتهن جيدا على مر التأريخ, وبناء على كلامها نزلت اية عظيمة تنصف المرأة وتساويها بالرجل: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا”. ولنعلمهنّ أن (انوشة انصاري )هي اول مسلمة صعدت للفضاء, نصحت كل النساء أن يحلمن احلاما كبيرة تدل على عبقريتهن ومساواتهن للرجل, و بالطبع ليس من بين احلامهن أن تقف المرأة سواء كانت موظفة ام طالبة بكامل زينتها, حاملة مقصا لقص الشريط ,منتظرة السادة المسؤولين لنثر قطع الحلوى فوق رؤوسهم في أى أحتفال , مضطرة الى توزيع ابتساماتها بالتساوي بوجوههم, ولولا بدلاتهم واربطة العنق الانيقة التي يرتدونها, لظننا ان بعضهم يشبه الى حد كبير أبرهة الحبشي, وحذار أن أطلت النظر بوجهه فحتما ستصاب بمرض (ابو اللوة ) الذي يصيب عضلات الوجه بالشلل, حينها ستضطر لعلاج قاس يوجع خدودك وعينك وخشمك !!!!!.