22 نوفمبر، 2024 9:42 م
Search
Close this search box.

بين المطالبة بإيجاد بديل أو والسعي لشرعنة زراعتها

بين المطالبة بإيجاد بديل أو والسعي لشرعنة زراعتها

زراعة الحشيشة في لبنان ..حقائق وأرقام
“الآن تنفست الصعداء” يقولها عامر وهو ينفث دخان سيجارته متطلعا الى كروم العنب التي اتخذها زراعة بديلة عن الحشيشة التي أمضى السنوات الطوال في زراعتها في بقاع لبنان ويضيف “زراعة الحشيشة تجعلك شخصا غير مستقر وغير مرتاح البال والضمير، لأن هاجس الملاحقة الأمنية ينام ويصحو معك بحيث تكون دائما تحت طائلة التهديد بدخول السجن” فالقانون اللبناني يجرم كل من يتاجر بالحشيشة لذا فثمة الكثير من تجار الحشيشة مطلوبون قضائيا ومنهم من بات يطالب بإصدار عفو ليعودوا الى ممارسة حياته الطبيعية فيما يطالب آخرون بتشريع زراعتها.
زراعة الحشيشة ازدهرت في بلاد الارز ابان الحرب الاهلية التي امتدت بين عامي 1975-1990 حتى عد لبنان مصدر مهم لهذه النبتة المخدرة في منطقة الشرق الأوسط، وكان ينتج سنويًا ألف طن من الحشيشة و الأفيون المكوّن الأساسي للهيرويين كما يفيد مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدّرات والجريمة.

أسباب زراعة الحشيشة
يقول الدكتور حسين حمود الاستاذ في كلية الزراعة/ الجامعة اللبنانية “أسباب لجوء قسم من منطقة البقاع لاسيما ابناء البقاعين الأوسط والشمالي إلى زراعة المخدرات كثيرة، ابرزها الاهمال التنموي للمنطقة، اذ تلمس الغياب لأبسط الخدمات المعيشية والزراعة واقعها سيء و المزارع متروك لرحمة التجار والسماسرة وتعقيد الظروف المناخية، دون أي حماية، مما جعل الأبواب مشرعة ازاء استغلاله فيبلغ عدد العاملين في قطاع الزراعة في منطقة البقاع حوالى 60% من السكان، لذلك يتوارث العديد من العائلات في قرى بعلبك والبقاع زراعة الحشيش عبر الأجيال كونها الأكثر ملاءمة في ظل الظروف الاقتصادية المذكورة. زراعة الحشيشة كانت تدرّ في الثمانينيات على منطقة بعلبك – الهرمل ما يقارب 500 مليون دولار سنويًا”.
ويؤكد حمود “مع نهاية الحرب الأهلية في لبنان العام 1990، أطلقت الحكومة اللبنانية برنامج استئصال المخدرات بالتعاون مع الأمم المتحدة، وبفضل الوعود التي قدمتها برامج المساندة الحكومية والدعم المالي العالمي، توقف الفلاحون عن زراعة الحشيشة. وبحلول العام 1994 أعلن برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة أن سهل البقاع خال من المخدرات، وقدر كلفة عدم العودة إلى إنتاجها بـ 300 مليون دولار أميركي. لكن القيمة التي تم تسلمها من هذا المبلغ حتى حلول العام 2001 لم تتخط الـ17 مليون دولار”

فشل برنامج استئصالها
يقول الدكتور حمود “وهكذا سرعان ما فشل البرنامج، بينما استمر البحث عن طرق جديدة لإقناع المزارعين بزراعة المحاصيل الشرعية الأخرى البديلة إلا أن هذه المحاولات فشلت بغياب الدعم المالي من الدولة أو الأمم المتحدة، وبغياب استراتيجية واضحة لزراعات بديلة تؤمن للمزارع معيشة مستقرة وهكذا عادت زراعة الحشيشة، وعادت حملات الاتلاف بحيث كانت القوى الأمنية تتلف سنويًا ما بين 1000 و6500 هكتار من الحشيشة، لكنها اليوم تشهد تراجعا لافتا في زراعتها جراء القناعة التي تولدت لدى المزارعين انفسهم بضرورة ترك زراعتها والبحث عن مزروعات أخرى ونجد الكثير منهم صار يبحث عن بديل لزراعته وفعلا نجح الكثيرون من المزارعين في ذلك ”

مطالبات بشرعنة زراعتها
من اللافت ان ترتفع أصوات بارزة للمطالبة بشرعنة زراعة الحشيشة في لبنان ولعل من ابرز المطالبين بذلك السياسي اللبناني وليد جنبلاط الذي طالما اطلق التصريحات والتغريدات المثيرة بهذا الخصوص فقد جاهر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بتأييده شرعنة زراعة الحشيشة في لبنان خصوصا في البقاع
مؤكدا بأن “لا خوف من تشريع الحشيشة لأغراض طبية فهي لا تشكل خطرا على الصحة ما لم تصبح إدمانا لأن البقاع من أفقر المناطق إلى جانب عكار” مذكرا أن إيرادات الحشيشة في البقاع كانت “تفعل الدورة الاقتصادية في لبنان”.
وقد تحولت تحولت قضية شرعنة زراعة الحشيش في لبنان إلى قضية في مواقع التواصل الاجتماعي وانتشرت “هاشتاكات (# شرّعوها) بيد أن أن هذه القضية سرعان ما ما اتخذت طابعا ساخرا، وهدأت الحملة.

مسؤولية الدولة والمزارع
الباحث الإسلامي عباس غصن قال ” الدولة بكل تأكيد مقصرة في قضية معالجة زراعة الحشيشة لأنها بإهمالها جعلت قسم من المزارعين يعمد الى زراعة المخدرات، على الدولة ان تبذل الجهد المطلوب منها لتوفير البدائل بحيث تجعل المزارع يحجم عن زراعة هذه النبتة المضرة بقيمنا ونسيجنا الاجتماعي وعلى المزارع اللبناني ان يراعي الله في نفسه وفي قوت عياله وان يبحث عن ما يريح ضميره فيزرع المحاصيل الزراعية المشروعة ليكون في مأمن من عقاب السماء فضلا عن العقاب الذي ينتظره هنا بفعل العقوبات القانونية المترتبة على زراعة الحشيشة”

 

أخلاق أهل البقاع
الذي يعاشر اهل البقاع في لبنان يلمس أصالتهم وكرمهم ومدى نبلهم بخلاف ما تحاول بعض الأوساط من نشره على ان البقاعيين ينخرط معظمهم في تجارة وزراعة الحشيشة وهذا الاتهام غير صحيح على الاطلاق ولا يشكل مزارعو الحشيشة نسبة تذكر من مجمل سكان البقاع الذين ينخرطون في زراعة البطاطا والكروم والحمضيات والمحاصيل الأخرى التي تدرها ارضهم الخصبة المعطاء والحق انني لمست اخلاقهم وكرمهم وتدينهم وتشرفت بمصاهرتهم.

 

ارقام الأمم المتحدة
طبقا لموقع “هافوجسكوب” المعني بقياسات الأعمال غير المشروعة دوليا، أن تجارة الحشيش العالمية تقدر بحوالي 141 ملياراً و80 مليون دولار سنوياً وأن لبنان كان يصدر عن طريق التهريب الحشيشة إلى بلدان عديدة، خصوصاً أوروبا وأميركا الشمالية، وكان يؤمن له مردوداً بملايين الدولارات. في حين يحدد “هافوجسكوب” أن كل جرام حشيشة من إنتاج لبنان يباع بـ 15 دولاراً خارجه، وأن كل دونم (ألف متر مربع) مزروع بالحشيش ينتج حوالي 10 آلاف إلى 15 ألف دولار. وتتراوح تحديدات حجم المساحة المزروعة بالحشيش في لبنان بين 10 آلاف و30 ألف دونم.

 

لابد من بديل
شوقي الفخري مدير تعاونية هضاب هيليوبوليس قال “المزارعون الذين يزرعون الحشيشة غير سعداء بالحياة خارج القانون ونحن أثبتنا ذلك، من خلال طرحنا للبديل قدر تعلق الامر بمدى امكانيتنا فاذا عُرضت على الناس زراعة مربحة وشرعية، سيتجهون فوراً اليها دون أي تردد” الفخري يضرب مثلا “بأن زراعة الحشيشة أغرت في السابق والده وأعمامه، لكن جده الذي كان كاهناً من دير الاحمر عارض الأمر بشدة وهاهو اليوم يدير جمعية تعاونية تعمل في الزراعة الشرعية وبما يوفر الحياة الكريمة للمزارع “وهذا ما طالبنا ونطالب به ضرورة الإسراع بتوفير البدائل للمزارع اللبناني ”
و “تعاونية هضاب هيليوبوليس″ تأسست عام 1999 وتغطي 250 هكتاراً في منطقة دير الأحمر حيث شجعت المزارعين على زراعة العنب كمحصول شرعي مربح ووجدت اقبالا كبيرا.

 

أحدث المقالات