وزير خارجية دولة كُبرى يُذكّر العرب بإنتسابهم للعروبة وليس لقوم آخرين يستثمرون بالمذهبيات والطائفيات لتحقيق أهدافهم الوطنية ومصالحهم وتطلعاتهم , وبعضهم كأنهم غافلون ولا يأخذون قوله محمل الجد , وإنما يمعنون بالتسفيه والتلويح بالتهديد والقول العقيم , وكأنهم براميل فارغة يتم قرعها أنى تشاء المصالح وتستدعي المواجهات , وهم الخاسرون دوما وأسيادهم الرابحون أبدا.
العروبة تم تناسيها أو تجاهلها وإتهامها بتسميات وتوصيفات قبيحة وسلبية على مدى عقدين أو يزيد , وقد تفاقم العدوان على العروبة بعد ألفين وثلاثة , وإنطلقت مواقع وصحف ومجموعات وفئات وأحزاب ومؤسسات بالهجوم السافر عليها , ومحاولة إقتلاعها من الوعي الفردي والجمعي للإنسان العربي , وتم تغذية المعادين لها وتمويلهم وتسليحهم وتقويتهم ورعايتهم , فإندفعوا في ممارسات أسهمت بتغليب العديد من التوصيفات الدونية الإهلاكية على العروبة , التي هي نبع القوة وأصل الإقتدار والتقدم والرقاء العربي , وبدونها لا وجود ولا قيمة للعرب أينما وجدوا.
هذا الإنكار الفظيع للهوية العربية عامل فعّال في دوّامة التداعيات المتفاقمة الحاصلة في المنطقة , والتي لا تعرف التوقف والخلاص من مطبّات الهلاك والدمار المروع للشواهد الدالة على مسيرة العرب في المكان المستهدف من قبل أعدائهم.
ومن الغريب أن القوى المناهضة للعروبة , والتي تعرف أهميتها وقيمتها وتأثيرها الإيجابي الإقتداري على العرب , قد أفلحت في تجنيد بعض العرب ليصبحوا أدواتها وأذرعها للنيل من العروبة , وتمريغها في أوحال الفئويات والمذهبيات والطائفيات والكينونات المتناحرة , التي تستنزف دمها وروحها وتقطّع شراينها , لتصيب العرب بالإغماء الحضاري والتحول إلى موجودات ترقد في غرف الإنعاش , وتحت رحمة المتأهبين لإفتراسهم أجمعين.
تُرى لماذا يُنبّه وزير خارجية أجنبي العرب على أنهم عرب؟!
سنقول أنها المصالح والبرامج الجديدة , وهذا مصيب بعض الشيئ , لكن الأصوب أن العرب بتجاهلهم لعروبتهم قدموا صورا ومواقف وتفاعلات ذات خسران مبيد , وتأثيرات فنائية تقضي بمحقهم وتوليت غيرهم عليهم , من الذين يرون أنهم سيتسيّدون ويطغون , والعالم سيكون رهن معتقداتهم وأوهامهم المعتقة في قوارير الرؤى الظلماء المدثرة بالسواد.
ويبدو أن العرب لكي يستعيدوا قيمتهم الحضارية ودورهم العزيز المعاصر , عليهم أن يتمسكوا بعروبتهم ويعلوا شأنها , ويحترموا دورها ومنطوقها في التعامل فيما بينهم , وعليهم أن يدركوا بصدق وبالعمل أن الأخوّة العربية دستور قوتهم وقدرتهم الكفيلة بالحفاظ على قيمهم وأخلاقهم وأجيالهم , وما يتصل بهم من معاني الحياة الحرة الكريمة.
فالعرب بعروبتهم وبدونها لا معنى للعرب؟!!
فهل يحتاج العرب لمن يُذكّرهم بعروبتهم؟!!