عرضت كلية الادارة والاقتصاد/ جامعة بغداد قبل فترة،وقائع مناقشة رسالة الماجستير في تخصص الاحصاء للطالبة (ضمياء حامد شهاب) عن بحثها الموسوم (مقارنة بعض طرائق التقدير الحصينة مع أسلوب بيز في تقدير دالة الانحدار اللوجستي مع تطبيق عملي )..مع تطبيق عملي على مرض الجلطة الدماغية، وعلاقته مع امراض أخرى.
وكانت رئيسة اللجنة الدكتورة لقاء علي محمد قد أشادت بالرسالة (البحث) ، وعدتها من الرسائل المتميزة التي استخدمت فيها طرائق البحث التطبيقي العملي في علوم الاحصاء، وأشادت بالنتائج والتوصيات التي توصلت اليها الباحثة، وأثنت على الجهد الكبير الذي بذلته في تلك الرسالة ، عادة اياها من الدراسات العملية التطبيقية المتميزة ، التي لاتخدم مسيرة علوم الاحصاء فحسب ، بل مسيرة البحث الطبي الاحصائي المستقبلي في اطار بحث نتائج ومسببات مرض خطير يصيب الانسان وهو (السكتة الدماغية)،وتأشير دالة العلاقة الارتباطية مع المؤثرات الأخرى بإستخدام اسلوب أنموذج الانحدار اللوجستي في تحليل المتغيرات المؤثرة على الإصابة بالمرض .
وقد قدم الأساتذة الكرام الذين أشرفوا على مناقشة رسالتها والذين أغنوا البحث بملاحظاتهم القيمة بالتوفيق ، لما فيه تقديم خدمة كبيرة لمسيرة البحث العلمي الاحصائي التطبيقي ، وكانوا على مستوى عال من الحرفية والاقتدار والمستوى العلمي المتقدم والخبرة الواثقة من نفسها ، حيث يفخر العراق ان فيه كل تلك النخب الخيرة ، حاضرة في الميدان ، وهي كواكب مضيئة في سماء الإبداع ترفع رأسٍ كل متطلع الى النهوض والتقدم وإرساء القيم العليا، ولديها القدرة العالية على ولوج علوم مهمة ، ترتقي بالبلد الى ما يتمناه كل أخيار العراق ونخبه المثقفة وكوادره العلمية..في وقت كان موضوع الطالبة (ضمياء حامد شهاب) في بحثها العلمي (جديدا) في إختيار موضوعاته وتناول تطبيقا عمليا على أحد الأمراض الخطيرة التي تصيب الانسان وهو مرض (السكتة الدماغية)، ليكون معينا للأطباء وللباحثين في التوصل الى مسببات المرض وتأثيراته وعوامل ارتباطه ، وليكون بالإمكان في المستقبل البحث عن (معالجات) لوقف زحفه ، بين الفئات العمرية وبخاصة الكبيرة منها، التي غالبا ما يصيبها هذا المرض تحت تأثير أمراض أخرى كالضغط والسكر والانفعالات المرتبطة بتعقيدات الحياة.. وأمنياتنا وأمنيات أساتذتها للباحثة بأن تواصل مسيرة البحث العلمي في جوانبها الإحصائية التطبيقية، لنيل شهادة الدكتوراه بعون الله..
ومن بين الإستنتاجات المهمة التي خرجت بها الدراسة استخدام (أنموذج الانحدار اللوجستي) في حالة البيانات ذات الطبيعة الطبية ،واظهار مدى تاثير متغيرات (العمر، السكر، الضغط) على وفاة او شفاء المرضى المصابين بالجلطة الدماغية والذي جاء متوافقا مع رأي اطباء الاختصاص،اضافة الى استناجات علمية احصائية لها علاقة بتقدير انموذج الانحدار اللوجستي في حالة تلوث البيانات.
أما التوصيات التي خرجت بها الدراسة فقد ركزت على ضرورة استخدام طرق إحصائية تعتمد برمجيات حديثة من خلال تطوير قاعدة جمع البيانات لغرض تبويب وارتباط وارشفة البيانات الطبية التي تخص المرضى في المؤسسات الصحية، واستخدام متغيرات اخرى في البحوث المستقبلية مثل متغير عامل الوراثة او نسبة الكولسترول او التدخين لمعرفة مدة تأثيرها على مرضى الجلطة الدماغية.
ومن الآفاق المستقبلية للدراسة أنها شجعت إجراء دراسات مستقبلية تتناول الإعتماد على (طرائق التقدير الحصينة) و طرق حصينة اخرى ، فضلا عن استخدام (إسلوب بيز الحصين) والمقارنة بينهما في حالة وجود القيم الشاذة.
ويعرف الانحدار بشكل عام بأنه تحليل للعلاقة بين المتغيرات وهو واحد من الادوات الاحصائية الاكثر استعمالاً لأنه يعطينا طريقة لتحديد العلاقة بين المتغيرات ، وأن هذه العلاقة يمكن التعبير عنها بشكل معادلة تحتوي على متغير واحد يعرف بالمتغير التابع (متغير الاستجابة) مع واحد او أكثر من المتغيرات التوضحية (التفسيرية).
وبمعنى آخر هو مجموعة الطرق الاحصائية التي تتعامل مع الصيغ المختلفة للنماذج الرياضية لكونه اداة احصائية يقوم ببناء أنموذج إحصائي لتقدير العلاقة بين المتغير التابع (متغير الاستجابة) وعدة متغيرات توضحية ( تفسيرية) وهي المتغيرات المستقلة ، ينتج عنها معادلة إحصائية توضح العلاقة بين المتغيرات ويمكن استخدام هذه المعادلة لغرض التقدير والتنبؤ بقيمة المتغير التابع(متغير الاستجابة) باعتماد معلومات المتغيرات التوضحية (التفسيرية) المستقلة.
ويعد أنموذج الانحدار اللوجستي من نماذج الانحدار اللاخطية الذي يهدف الى الحصول على مقدرات تمتلك كفاءة عالية، والذي يأخذ طابعاً اكثر تقدماً في عملية التحليل الاحصائي لكونه من النماذج الملائمة للبيانات الثنائية (Binary Data).
ومن بين المشاكل التي تظهر نتيجة استخدام بعض الطرق الاحصائية هو عدم تحقق بعض او كل الشروط المطلوبة ومنها مشكلة وجود القيم الشاذة بين البيانات حيث تكون بيانات الظاهرة المدروسة ملوثة، اي وجود بعض المشاهدات تنحرف وبشكل ملحوظ عن المشاهدات الاخرى تدعى بالشواذ.
ومن هنا جاء هدف هذا البحث لتقدير معلمات أنموذج الانحدار اللوجستي من خلال دراسة بعض طرائق التقدير الحصينة المتمثلة بطريقة مقدرات الامكان الاعظم الحصينة الموزونة weighted maximum likelihood estimators (WMLE) ,طريقــــــــة مقـــــدرات المسافة التربيعية الحصينةQuadratic Distance Estimators(QDE),طريقة مقدرات لابلاس Laplace Estimators (LP-), وطريقة مقدرات هوبر الحصين Huber Estimators (H) ومقارنتها مع مقدرات طريقة بيزية بافتراض ثلاثة نسب لتلوث البيانات(20%،10%،0%)، وقد تم استخدام اسلوب المحاكاة للمقارنة بين طرائق التقدير المدروسة باختلاف احجام العينات ونسب التلوث المختلفة من خلال متوسط مربعات الخطأ(MSE) للانموذج للوصول الى الطريقة الأفضل في تقدير المعلمات.
واظهرت النتائج التي تم الحصول عليها باستخدام أسلوب المحاكاة بأن طرائق التقدير [LP(1)،(WMLE(w2))، (WMLE(w1))] تعطي نتائج متقاربة، الا ان طريقة مقدرات الامكان الاعظم الحصينة الموزونة (WMLE(w1)) هي الافضل في تقدير معلمات أنموذج الانحدار اللوجستي باختلاف احجام العينات ونسب التلوث المختلفة مقارنة مع بقية طرائق التقدير المدروسة.
وفي الجانب التطبيقي من هذه الدراسة فقد تم استخدام طريقة (WMLE(w1)) لغرض تقدير معلمات الانموذج وتطبيقها على البيانات الحقيقية لمرضى الجلطة الدماغية والتي تم الحصول عليها من مستشفى النعمان العام.
وقد تم تقسيم الرسالة الى اربعة فصول وكالآتي: الفصل الأول يتضمن مقدمة عامة، مشكلة البحث، الهدف من البحث، بعض المفاهيم ذات العلاقة، والاستعراض المرجعي المتمثل بالدراسات والبحوث السابقة ، اما الفصل الثاني تضمن الجانب النظري والذي تم فيه استعراضٌ نظري لأنموذج الانحدار اللوجستي من حيث الصيغ العامة والتحويل الخطي لهُ ، وكذلك عرض لطرائق تقدير معلمات انموذج الانحدار اللوجستي والمتمثلة بطرائق التقدير الحصينة وطريقة مقدرات بيز ، وفيما يخص الفصل الثالث ويتضمن الجانبين التجريبي والتطبيقي والذي جاء مكملاً لما تم عرضهُ في الفصل الثاني اذ تم في الجانب التجريبي استخدام اسلوب المحاكاة للمقارنة بين طرائق تقدير المعلمات المطروحة في الجانب النظري من خلال المقياس الاحصائي متوسط مربعات الخطأ(MSE) ومن ثم عرض النتائج التي توصل اليها الباحث.
أما في الجانب التطبيقي فقد تم تطبيق طرائق تقدير المعلمات على بيانات حقيقية والمتمثلة بالإصابة بمرض (الجلطة الدماغية) من خلال أخذ عينة حجمها ((100 شخصٍ من مستشفى(النعمان العام).
واخيراً الفصل الرابع وتضمن هذا الفصل أهم الاستنتاجات والتوصيات المستنبطة من الفصول السابقة التي توصل اليها الباحث كنتائج لهذه الدراسة فضلاً عن الآفاق المستقبلية.
نكرر تحياتنا للطالبة (ضمياء حامد شهاب) وهي التي تألقت في عرض منظومة احصائية حاولت قدر امكانها البحث عن (مرض السكتة الدماغية) وعلاقته بأمراض أخرى مستغلة الجهد الاحصائي وطرائق بيز للحصول على معلومات تمكن الباحثين مستقبلا في التعرف على علاقات هذا المرض مع أمراض أخرى..وأمنياتنا لها بالتوفيق.