على الرغم من أنّ الوضع السياسي والعسكري والإستخباري هو الذي يهيمن ويطغي على العلاقة المتوترة وغير المستقرة بين بغداد وقادة اربيل , ولا نقول مع الأقليم الذي انشطر الى نصفين غير متساويين ولا متكافئين نوعياً وكميّاً , وبالرغم منْ أنّ عقدة فشل الأستفتاء وما افرزته في الوضع الداخلي الكردي وتشظياته السياسية لازالت تتفاعل وتلعب دورها سيكولوجياً الى درجةٍ تدنو من الغليان الفكري لدى قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني , لكنّ العنصر الستراتيجي الآخر الذي يهيّج الرؤى البرزانية هو الكميات الهائلة من الأسلحة المتطورة المتكدسة في معسكرات البيشمركة , والتي يفتقدون المعرفة السياسية لإدارتها وتوظيفها في المعركة مع بغداد , بالرغم من أنّ هذه الأسلحة هي لصدّ الهجوم وليست للتقدم الى الأمام ضد الجيش العراقي .!
ما يحفّز ايضا على التفكّر في استقراء رؤى قيادة السيد البرزاني وعائلته الحاكمة , هو التراجع ونقض الأتفاق الذي ابرمته وعقدته مجموعة من كبار القادة العسكريين للبيشمركة وبضمنهم وزير داخلية الأقليم , مع القيادة العسكرية العراقية برئاسة رئيس اركان القوات العراقية في اقل من 24 ساعة ! , وهذا ما يكشف عن نوايا مبيّتة وغير محسوبة ولا متزنة مع قادة اربيل ! , وهو ما يفرض على القيادة العراقية عدم الوثوق بأيّ اتفاقاتٍ مقبلة او مفترضة , وما يعزز ذلك ايضا ملاحظة تحركات وتحشدات عسكرية مشبوهة للبيشمركة في اطراف ومناطق متقابلة مع الجيش العراقي .!
لابدّ أنّ السيد العبادى ومجلس الأمن الوطني , ومعهم قيادة العمليات أن يكونوا على دراية وادراكٍ مسبقين بأبعادٍ ومضاعفاتٍ محتملة لما قد يقوم به السيد مسعود البرزاني ” من خلف الستار ” وبتحريكٍ امريكي غير مباشر في حسابات خاصة مع طهران , وتأثير وانعكاس ذلك على احزابٍ كرديةٍ اخرى .!
الدروس المستفادة منذ يوم الأستفتاء وما سبقه وما اعقبه .! , هو ضرورات التحرّك السريع للحسم العسكري , ولا مهلة ولا هدنة ولا اجتماعات اخرى مع قيادات بيشمركة , وكذلك قطع الطريق على التدخلات الأمريكية والبريطانية , وايضاً الفرنسية .! … هنالك شعورٌ ضمني ” للشارع العراقي ” بعدم الأرتياح للمكالمات الهاتفية للمسؤولين في ” لندن واشنطن وباريس ” مع السيد العبادي , وهذا الشعور يتجسد ويتضخم في لقاءات سفراء وقناصل تلك الدول مع البرزاني بعد انتهاء وتلاشي مسرحية الأستفتاء .!
في تحسّبٍ أمنيّ ووطني استباقي لكلّ الأفتراضات والأحتمالات المفترضة او المفاجئة , يتوجّب إفساح الأجواء والمجالات لرئيس الوزراء العراقي < برغم اننا لسنا من انصاره اوسواه > في ادارة المعركة ” مهما كانت قيادته للمعركة دقيقة او اقلّ من ذلك ! ” .. وهنا من المعيب على اعضاءٍ ما ! في ” دولة القانون ” توجيه نبال النقد على المداخلات السياسية لأدارة العبادي للمعركة .! , المفروض كتم الأصوات والأنفاس السياسية – غير الصحية , لتسهيل ادارة المعركة , وتضييق الخناق ” ما أمكن ” على المصالح الحزبية الضيقة للغاية .!