إن مسيرة الحياة الطبيعية ونظام الدنيا الأساسي السائر بنهج موحد، يفسر لنا ماهية الشاب، وشخصيته وكيفية تعامله مع نفسه ومع الآخرين، ولعنوان الشاب أسرار يمكن اكتشافها ومن ثم تفسيرها لمعرفة تطوير وتنمية كيانه بشكل يقربه من الشخصية المثالية التي يسعى لها خواص الشباب لتحقيقها بشتى الطرق.
الواقع يعترف أن الشاب يعتبر القائد الأساسي للحياة الدنيوية؛ ليتصدى للوقائع الاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها، وبطبيعة الحال تغيره المواقف بحسب جسامة وشدة تلك المواقف، فالشباب الذين تعرضوا لنكبات وفقر وضنك في المعيشة هم الذين نقحوا من أصنام الجهل النفسي، وارتقت عقولهم نحو الصواب، فأصبحوا بشخصية متميزة عن بقية الشباب، تفكيرهم فريد، تعاملهم دقيق، قراراتهم جريئة، يميلون إلى الصراحة كثيرا، هدفهم العطاء قبل الكسب، متمسكون بمبدأهم حتى وان كان المقابل دمائهم، ونفيهم عن هذه الدنيا.
يبقى الشباب منتظرا تلك اليدين التي تلامس خنصره الايسر؛ لتبعث على هالته ثقة النفس، لتسعد الضحكة على وجنتيه، لتجعله يقف شامخا امام معاديه، لينشر الحب والود على محبيه، ليثبت لاهل الارض انه حامل مشروعه، مناضلا في سبيله، لا يهاب الظالم رغم قوته، ويتفانى في الحق رغم قلته، مقلدا ذاك الذي وقف مدافعا لمشروع ابيه وجده (ص)، ناظرا بنظرتين: نظرة الحاضر لمقتل أشقائه وابنائه وصحبه امام عينه، ونظرة المستقبل في بقاء مبدأ الانسانية، وتعالميه السامية.
هنا الشاب يجب أن يكون مجددا للفكر والمعتقد، تاركا للعادات والتقاليد التي يتبعها غالبية المجتمع، مع استعداده اليقيني بأنفعالات الكره الصادرة منهم، نتيجة هذا الاستقلال، مخلصا للهدف والمشروع الذي لديه، مكتشفا لعيوبه مع مواجهة المخاوف اثناء تصحيحها، مخصصا من وقته للتفكر والرياضة ومجالسة أصحاب العقول النيرة، مبتسما لا ينتقم وان كان مظلوما.
إن الثقة بالنفس كقلعة من الرمال صعب جدا بنائها، ولكن من السهل هدمها، فلذلك علينا جميعا ان نكون على ثقة من نفسنا قبل ان نثق بمن حولنا، ويجب علينا القيام بتطوير ذاتنا ايضا، فذاتنا و شخصيتنا هي ما يميزنا عن غيرنا فنحن كشباب لا نتميز عن غيرنا إلا بالشخصية القيادية الواثقة بنفسها، وللحصول على الشخصية الواثقة بنفسها ما علينا إلا العمل و المثابرة لتحقيق هذا الهدف، للوصول إلى غايتنا وهي بناء الإنسان المثالي.