18 ديسمبر، 2024 10:12 م

القضاء العراقي بين الاجتهاد والسوابق القضائية

القضاء العراقي بين الاجتهاد والسوابق القضائية

رغم ان القضاء العراقي وفي كثير من قرارات محاكم التمييز والاستئناف قد دأبت على الاخذ بالسوابق القضائية الا ان اتباع هذا الاسلوب احياناً يؤخذ كرأي يستأنس به دون الزام كمبدأ مما فسح المجال وبنطاق واسع للاسف الشديد باتباع اسلوب الاجتهاد فيتم ترك النصوص القانونية صراحةً وفي وضح النهار بزعم اتباع السوابق القضائية وبرأي المتتبع بقرارات القضاء العراقي بانه يبتعد احياناً عن الاخذ بالنص جراء هذين المبدأين ففي دعوى التمليك مثلاً واستناداً للقرار 1198/77 يتطلب اقامتها استاخار دعوى اجر المثل التي تقام من قبل ورتة البائع على المشتري لحين حسم دعوى التمليك وهذه ليست مسالة يتطلب الاخذ بها مراعاة للنصوص القانونية فحسب وانما مراعاة للمنطق السليم ايضا فالقرار 1198/77 احد شروط التمليك فيه على مدعي الملكية هو ان يسكن الدار المطالب بتمليكها عند اول توقيعه مستند البيع الخارجي مع البائع (مالك الدار) ومع شيوع مبدأ استاخار دعاوي اجر المثل من قبل محاكم البداءة والاستئناف بشكل متواتر وهو ما ينطبق مع نص القانون الا ان بعض المحاكم تسير بالدعوتين معاً ويصدر فيهما قرارين احدهما بالتمليك لمدعي الملكية والثاني باجر المثل لورثة البائع ويكتسب القراراين الدرجة القطعية وهنا تبرز المفارقة الكبيرة فالمدعي سكن الدار استناداً للاباحة التي منحت له من خلال سند البيع الخارجي وليس هذا فحسب وانما هو ملزم بالسكن ليكسب دعوى التمليك ويفاجأ بالمطالبة بدفع اجر المثل لورثة البائع عن ذالك السكن في حين دعوى اجر المثل تتطلب توفر حالة الغصب التي هي غير موجودة في مثل هذه الحالة وعندما يقدم القرارين للتنفيذ يحصل تناقض واضح بينهما فالمشتري لو لم يكن قد سكن تلك الدار لما استطاع تملكها ولكن ذلك السكن الزمه بدفع مبالغ لورثة البائع كاجر مثل وعندما يطلب مدعي التمليك (المشتري) من محكمة التمييز المحترمة رفع ذلك التناقض وترجيح قرار التمليك على قرار اجر المثل يصدر قرار محكمة التمييز برقم 275/الهيئو الموسعة المدنية/2017 تسلسل 215 في 9/8/2017 بان لاتناقض بين القرارين في حين نص المادة 217 مرافعات مدنية واضح جداً في هذه المسالة حيث تنص (يجوز للخصوم وروأساء دوائر التنفيذ ان يطلبوا من محكمة التمييز النظر في النزاع الناشئ عن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين في موضوع واحد وبين الخصوم انفسهم وتفصل الهيئة العامة لمحكمة التمييز في هذا الطلب وترجح احد الحكمين وتامر بتنفيذه دون الحكم الاخر بقرار مسبب) والتناقض هنا حاصل بموضوع واحد هو الدار موضوعة التقاضي وان الخصوم في دعوتي التمليك واجر المثل هم انفسهم وبالاضافة بعدم الاخذ في المبداء الصريح في المادة 217 انفه الذكر فان محكمة التمييز المحترمة لم تشر لما اتبعه القضاء العراقي فيما مضى عن مبداء استاخار دعوى اجر المثل عند اقامة دعوى التمليك في حين محكمة الاستئناف ذكرت في صلب قرارها المتعلق بدعوى اجر المثل هذه (كان على المدعى عليه ان يقيم دعوى التمليك ويطلب استاخار دعوى اجر المثل) وهذا ما فعله المدعى عليه ورفض طلبه في مرحلتي البداءة والاستئناف وان وصول القرارين الى مرحلة الدرجة القطعية تعود وبشكل واضح لتعمد اعطاء قرار التمليك للمدعي وقرار دعوى اجر المثل للمدعى عليه بدليل ما واجهته دعوى التمليك من رد شكلي لثلاث مرات متتالية من قبل محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية دون الاستناد لأي نص وانما لمجرد ان يتم تاخير حسم دعوى التمليك لتحسم دعوى اجر المثل قبلها وكان يمكن ان تجمع تلك الردود الشكلية بقرار واحد اختصاراً للوقت والغرض من نشري هذا المقال هو ان يطلع رجال القانون من قضاة ومحامين وحقوقيين ليبدوا وجهة نظرهم فيما يخص التطبيق السليم بتحديد المبادئ الواجب اتباعها كسوابق قضائية وعدم الخروج عنها مما يؤدي الى الاجتهاد الضار باحد اطراف الدعوى