يعيش العراق مأساة الصراع الطائفي والمصالح الضيقة للمؤسسة السياسية الحاكمة ، انه صراع الحكام على السلطة والمال والنفوذ ، وليس على مصالح الشعب العراقي ومستقبله .
لقد شهد العراق جرائم عنصرية دينية ومذهبية قذرة وعمليات تطهير عرقي طائفي كثيرة .
ولا جدال أن الطائفية تلعب دوراً أساسياً في عدم استقرار الوضع السياسي والاجتماعي الداخلي في العراق . ولا أغالي أو أجافي الحقيقة اذا قلت أنها سبب الأزمات الكبرى كلها ، وأحد أهم ظواهر العنف والارهاب في المجتمع العراقي .
ان الطائفية ليست وليدة الساعة أو اللحظة الراهنة ، وليس الغزو والاحتلال الامبريالي الامريكي هو الذي اوجدها وخلقها ، فهي نتاج التاريخ والجغرافيا ، لكن الاحتلال الامريكي هو الذي غذاها وعززها وأججها بهدف اثارة الفتن والصراعات المذهبية والاحترابات الداخلية ، حتى يبقى العراق ممزقاً ومهلهلاً ، ينزف دماً ويعيش أزمة دائمة .
والطائفية ايضاً انتشرت راهناً في المجتمع العراقي تحت تأثير النخب السياسية ، التي تطرح وتتبنى مشروع نظام المحاصصة الطائفية الذي فشل في انهاء الأزمة السياسية ، وحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية لأبناء الشعب العراقي .
الاستقرار السياسي لن يتحقق في العراق بدون الغاء التمييز الطائفي والمذهبي ، وبناء عراق ديمقراطي جديد مستقر ومزدهر .
وعليه ، فأن واجب الساعة يتطلب اطفاء نار الفتنة بين مكونات الشعب العراقي ، ومحاربة النزعات الطائفية ، والعمل على توحيد الحركة الاجتماعية الشعبية العراقية ، وحشد كل النخب الثقافية والقوى السياسية الديمقراطية والتقدمية والعلمانية ضد غلواء الطائفية البغيضة .
ان انهاء المأساة الحقيقية في بلاد الرافدين لا يمكن أن تنتهي الا بانتهاء المحاصصة الطائفية وتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية العصرية ، على اساس وقاعدة العدالة الاجتماعية ، وبناء عراق ديمقراطي سيد نفسه ، يكافح الفساد والارهاب والتمييز الديني والمذهبي والعرقي والقومي ، وكل أشكال التمييز ضد المرأة .
فالخلاص من الحروب الأهلية والصراعات الطائفية لن يتم الا بمشروع تنويري عابراً للطوائف ، يراهن على الهوية الوطنية العراقية المجتمعية .