من الأخطاء الجسيمة التي إرتكبتها الأنظمة العربية ومنذ تأسيس دولها , أنها أهملت البناء الداخلي والتأكيد على حقوق المواطنة والوحدة الوطنية والتماسك الإجتماعي المتين.
فجميعها وبلا إستثناء أمعنت بما يضرها ويؤذي أوطانها ويمزق مجتمعاتها.
وحتى التجربة المصرية في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين , لم تؤكد على ذلك برغم توفر الأسباب والظروف الذاتية ولم تقدم نموذجا عربيا يحتذى به , بل أنها لم تفكر بآليات تفاعلية راجحة وراسخة ما بين العرب رغم دعواتها القومية وتوجهاتها العروبية.
ومضت الدول العربية على سكة الفرقة والتناحرات الحزبية والكرسوية , ودخلت معظمها في دوامات الإنقلابات والتصارعات الداخلية , التي تعاظمت بسبب الحروب والإستنزافات المتنوعة وعلى رأسها النزيف الإقتصادي والبشري , ووصلت ذروتها في مطلع القرن الحادي والعشرين , الذي كشف عن هشاشة البناء الداخلي العربي , وسيادة التبعية ونكران الذات العربية.
إن الأمم والشعوب لا تحقق إرادتها وتؤكد دورها الحضاري من غير البناء الداخلي , والتعامل الإعتصامي المتماسك فيما بينها بكل مواصفاتها المذوّبة في وعاء جامع مانع , وبدون تحولها إلى سبيكة شعبية مجتمعة , فأنها تعجز عن إمتلاك أسباب القوة , وقد نجحت العديد منها عندما تمكنت من إتقان قدرات ومهارات البناء الداخلي , وفشلت أخرى بسبب عدم نجاحها في ذلك.
والعرب فشلوا في إتقان مهارات البناء الداخلي , ولهذا عجزوا عن تحقيق أبسط المشاريع والأهداف , وعاشوا في خسران وبهتان وإستثمر فيهم المعتدون العارفون بآليات أكل أكتاف الشعوب ونهب ثروات الأوطان.
وبسبب ضعف وتهلهل البناء الداخلي العربي صار المجتمع عرضة للعواصف الهابة عليه , فانتشر الفساد والتبعية والخنوع ونكران الوطن ومعاداة الهوية العربية والوطنية , فتفتّتت الأوطان لأن المجتمع متفتت كالرمال!!
فهل من يقظة بناء داخلي يا عرب؟!!