23 نوفمبر، 2024 12:24 ص
Search
Close this search box.

ضياع المواطن العراقي بين سطوة الاسلام السياسي وغياب المثقف

ضياع المواطن العراقي بين سطوة الاسلام السياسي وغياب المثقف

لم تكتف احزاب الإسلام السياسي في شق صفوف المجتمع العراقي وتمزيق نسيجه الإجتماعي ونهب امواله ومقدراته، بل زادت على ذلك بتفريغ سمومها في أذهان المواطنين وشلتها عن أداء نشاطها الطبيعي ، فأوهمت المواطن بأن السياسة ليست من شأنه، وان الحديث فيها ضربا من الجنون فهي بحر لاتعبره القوارب الصغيرة ، وتمكنت ايضا من تضليل العراقيين ودفعهم على تفسير مايحدث من كوارث وفواجع على انها مقدرة ومكتوبة عليهم، وليس للعملية السياسية ، المبنية على المحاصصة الطائفية وتقاسم الكعكة ، دخل في ذلك .. فبهذه الاعتقادات المسمومة التي بثها الاسلامويون بين المواطنين، سلبوا حق المواطن في المعرفة ودفعوهم للقبول بجميع مايحدث دون ادراك للأسباب الحقيقية .. فذهبت نسبة كبيرة من المواطنين الى لعب دور المحايد المتفرج ، ممتنعين عن التدخل في النشاطات السياسية معتقدين ان السياسة لاتعنيهم وانهم لايريدون سوى العيش بسلام وراحة البال .. فمن أين يأتي السلام دون تصحيح مجرى العملية السياسية ومحاسبة المقصرين من قبل الشعب !!
ان حملات التجهيل الممنهجة التي تقودها تيارات الإسلام السياسي بمساندة بعض من رجال الدين دفعت العراقيين الى الشعور باللامبالاة باوضاعهم السياسية والاجتماعية واقنعتهم بالتخلي عن حقوقهم الاساسية المشروعة .. ولم تتوقف حملات التجهيل على الشارع العراقي فحسب بل امتدت الى المؤسسات الحكومية وخصوصاً العلمية منها مثل المعاهد والجامعات التي اصبحت مؤخراً مراكز فعالة تستخدمها احزاب الاسلام السياسي لغسيل الادمغة وكسب المؤيدين والموالين ، بعدما كانت نبراس للعلم ومهداً للثورات الشعبية ضد الأضطهاد والظلم والفساد . ففي نقاش مع طالب جامعي كان في المرحلة الأخيرة من مسيرته الدراسية ، حول اسباب انهيار مؤسسات الدولة واستشراء الفساد وانعدام الامن والخدمات ، كان جوابه : اني لا افهم في السياسة شيئا فمازلت صغيرا ولا اريد الخوض فيما لايعنيني .! مثل صديقنا هذا الكثير من العراقيين وبمختلف مستوياتهم ، لاسيما النخب والمثقفين ، كالاساتذة الجامعيين والاطباء والمهندسين والمعلمين وحتى الادباء والصحفيين، قد تعرضوا لعمليات غسيل الادمغة واصابهم داء اللامبالاة لما يمر به وطنهم من انتكاسات تاريخية مصيرية .. وتجاهلوا واجباتهم الاخلاقية والوطنية في تثقيف العراقيين سياسياُ وفكرياً من اجل تنظيم المجتمع العراقي واثارة الوعي لدى الطبقة المسحوقة . كما ان بعضهم اصبح كمبشرين لحلم الامة الاسلامية، التي تسعى تيارات الاسلام السياسي اقامتها على حساب الدولة الديموقراطية المدنية ، طمعاً وراء مكاسب وامتيازات شخصية تغريهم بها تلك التيارات .
ولايمكن بناء دولة عصرية ديموقراطية ومجتمع مدني متحضر مالم يحمل المثقف -كما يقول غرامشي- هموم الشعب ؛ كل الطبقات وكل الجماهير وكل الفقراء والمحرومين والكادحين .. ويعيش هموم عصره ويرتبط بقضايا امته، فأن اي مثقف لا يتحسس الآم شعبه لا يستحق لقب المثقف حتى وإن كان يحمل ارقى الشهادات الجامعية .

أحدث المقالات

أحدث المقالات