اتخذت كردستان العراق القرار الفردي بطلب الطلاق الغير رجعي، ورفضها قرار المحكمة الاتحادية بعد رد القضاء لطلبها، لتعلن نشوزها وإصرارها على المضيّ بالإستفتاء، رغم تحذيرات الحكومة الإتحادية لها، والرفض الواسع من قبل غالبية الدول العربية والإقليمية والعالمية، بإستثناء إسرائيل الداعم الرئيسي لها، حيث اصبح علم إسرائيل ملازماً لعلم كردستان، وفي أغلب الأحيان يكونان على قطعة قماش واحدة، لكنّ الأخيرة لم تفلح بدعم الإنفصال لحد الآن.
كان الكثير يراهن على امكانية اجراء الإستفتاء ونجاحه، وقدرة كردستان على الإنفصال وإعلان الكيان الجديد (الكردوسرائيلي)، ألا إن هناك تصريح واحد قرأ المواقف والأحداث قبل وقوعها، صدر من زعيم التحالف الوطني في مؤتمر صحفي بمصر على حد قوله “إن دولة كردستان لن يعترف بها احد غير إسرائيل” حيث أثار هذا التصريح الناري حفيظة الاكراد، وصدور ردود افعال قاسية وشديدة اللهجة اتجاه الحكيم، ولسنا بصدد ذكرها هنا.
أجرى رئيس مجلس قيادة الثورة الحالي (مسعود برزاني)، الإستفتاء الذي وعد به الشعب الكردي، وكانت النسبة والنتيجة للإستفتاء مشابهه كثيراً للنسبة التي حصل عليها رئيس مجلس قيادة الثورة السابق الذي سمي بــ (يوم الزحف الكبير)، مع إن هناك اختلاف بينهما يعده البعض كبيراً وآخر يعده بسيطاً؛ حيث إن الأول كان 99.99% من المصوتين بنعم، اما الحالي فكانت النسبة 93.99% من الشعب، أي إن الشعب الكردي جميعه شارك بالإستفتاء، حتى الأطفال ويقال هناك بعض الموتى خرجوا من قبورهم ليشاركوا شعبهم هذا النصر، ثم عادوا الى قبورهم بسلام، حاملين معهم البشرى الى الذين لم يسعفهم الوقت للخروج معهم لنصرة (مسعود البرزاني).
تراءى لـ (مسعود برزاني) النصر، وخيل له انه أصبح القائد الأوحد، ليعيد امجاد ابيه البالية، وهو غير مبالي للنتائج الوخيمة القادمة عن ذلك الانفصال، لأنه يحتفظ بأغلب أموال الإقليم من الميزانيات الاتحادية واموال النفط المهرب والجيبات والرسوم الگمرگية، ورواتب الموظفين التي لم يستلموها منذ سنتين، ولم يحسب حساباته جيداً، فلم يتوقع إن (تركيا) إستغنت عن نفط الإقليم المهرب عن طريقها، لأن الإنفصال يهدد أمنها الداخلي، ويدفع اكراد تركيا الى العمل بقوة مفرطة من اجل الإلتحاق بالكيان (الكردوسرائيلي)، وغفل ايضاً عن (إيران) أو ربما تجاهلها، لتعويله على (تركيا)، أو لربما شغلته نشوة الفرح بالزعامة وأنساه بهرجها (إيران) التي تشاركه بجميع حدوده الشرقية، مع امتلاكها للكثير من الاوراق التي تمكنها من اللعب بها مع كردستان، التي اصبحت ايضاً تهدد امنها الداخلي، بسبب سيطرة إسرائيل على أغلب القوى الكردية.
ما إن امسى مساء أول ليل من اجراء الإستفتاء، حتى انهالت عليه قرارات دول جوار كيانه الجديد، كـغلق الحدود, وإيقاف الرحلات الجوية, وقطع المبادلات التجارية، وغيرها من الاجرآت القاسية، لم يكمل (القائد الضرورة) إستنشاق نفسه الثاني، حتى يخرج رئيس الحكومة الإتحادية ليعلن جملة من القرارات بإتجاه الإقليم، كانت صادمة وصارمة، ضربت رأس على الجميع ليصحوا من نشوة سكرهم، ليشاهدوا هلع الشعب الكردي، لتنطلق جملة من تصريحات الكرد لتتصادم فيما بينها عبر الأثير، بعدما كانوا يتحدثون بنشوز مع الجميع.
عندما تطلب الزوجة الطلاق لابد ان تحسب حساباتها جيداً، ولابد لها ان تمتلك جملة من المقومات، تساعدها على كسب دعوى الطلاق، كأهل اشداء يكونون بصفها, او شيخ عشيرة شجاع يقف بجانب ذويها, او اسباب حقيقية موجبة للطلاق، لتقنع القضاء بها ليكون بجانبها، ليصدر لها قرار الطلاق، ماذا بقي لـ(مسعود برزاني) من مقومات تساعده في المضيّ بالإستفتاء والإنفصال، هل سيعود للعراق الموحد محض إرادته؟ أم يرجع لبيت الطاعة بقرار أممي؟ ليبدأ من جديد للإعداد لإنفصال تاسع على المدى البعيد.