في 23 تموز 1908 أعلنت حكومة اسطنبول العمل بالدستور العثماني الصادر العام 1876.. والذي كان متوقف العمل به.. وقد شكل هذا الإعلان تغيراً كبيراً في الولايات العثمانية.. ولدى المجتمع البغدادي.. فقد أدى هذا الحدث الى تحرر الكثير من شبان بغداد من القيود التقليدية السائدة.. وانطلاق الحرية السياسية.. لتنتشر حالات جديدة.. أبرزها:
1ـ كثرة انتشار الأسلحة..
2ـ انتشار الملاهي..
3ـ كثرة إصدار الصحف والمجلات.. وبروز ظاهرة الشتائم الصحفية..
4ـ تشكيل الأحزاب.. والصراعات السياسية.. وكثرة التظاهرات السياسية..
5ـ الدعوات للإصلاح.. والمطالبة بحقوق المرأة.. والدعوة الى السفور..
كما قامت جمعية الاتحاد والترقي التي سيطرت فعلياً على الحكم في اسطنبول.. بفتح فروع لها في جميع المدن العثمانية.. وكانت بغداد والولايات العراقية الأخرى من بين هذه الولايات التي فتحت فروعاً لهذه الجمعية.. وأصدر فرع بغداد للجمعية صحيفة باسم بغداد.. كما جرى تشكيل فرع لحزب الحرية والائتلاف التركي المعارض في بغداد.. وانطلقت التظاهرات في بغداد تأييداً للحركة الانقلابية لجمعية الاتحاد والترقي.. الذي كان شعارها (حرية.. عدالة.. مساواة).. وكان العراقيون يطمحون في مساواتهم مع الأتراك.. وحصلت خروقات كبيرة أثناء التظاهرات..
ـ وفي خريف 1908 جرى انتخاب مجلس المبعوثين (مجلس النواب) في كافة الولايات العثمانية.. وقد فاز عن مدينة بغداد كل من: إسماعيل حقي بابان.. وعلي الآلوسي.. وساسون حسقيل.. للدورة الانتخابية الأولى للمدة (1909 ـ 1914)..
ـ وفي نيسان من العام 1909 تم خلع السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.. وتنصيب أخاه محمد رشاد سلطاناً على الدولة العثمانية.. وسيطرة جمعية الاتحاد والترقي بشكل كامل على مقاليد الحكم.. وشعرً الكثير من أهالي بغداد بالفخار.. حين علموا بأن محمود شوكت باشا هو من كانت له اليد الطولى بخلع السلطان عبد الحميد.. لكونه من أهالي بغداد..
ـ وفي شهر أيار من العام 1910 وصل إلى بغداد والٍ جديد هو الفريق حسين ناظم باشا.. الذي سبق أن كان والياً على بغداد قبل سنتين.. واستطاع الوالي الجديد القيام بأعمال عمرانية عديدة في بغداد.. أهمها:
ـ الاهتمام بنظافة المدينة..
ـ انشأ صيدلية حديثة تفتح أبوابها ليلاً ونهاراً…. (حلو حتى عام 1910ماكو في بغداد صيدلية واحدة.. وكلوا الزمن القديم ليس جميلاً)..
ـ فتح مدرسة كوجك ضابطان- أي لصغار الضباط – …. (الآن تورطنه أولاً بأقرباء صدام.. من صف رابع ابتدائي الى السادس ابتدائي.. أصبحوا فريق ركن..ووزير دفاع.. وقائد عمليات الشمال.. وقائد احتلال الكويت.. وياريت استفدنا من الدرس.. اليوم الدمج.. وما أدراك ما الدمج)..
ـ أمرً بصرف رواتب الجنود المتأخرة..
ـ أمرً بجمع الكلاب المنتشرة في المدينة.. وإعدامها نظير مكافأة مالية..
ـ فتح شارع النهر.. بعد هدم جزء من بناية القنصلية البريطانية.. حيث كانت تعيق استكمال هذا الشارع…… (يمعودين هسه إحنا بيت مسؤول صغيرون يغلق منطقة بكاملها.. وشحده اليحجي.. يشبع فشك)..
ـ ووقعً الوالي حسين ناظم باشا بغرام فتاة أرمنية تدعى سارة خاتون.. وقد عرض عليها الوالي الزواج لكنها رفضت.. وخلق هذه الحب أزمة.. وتخلصت سارة خاتون بالهروب خفيةً الى باريس.. وتم إقالة الوالي بسبب قضية سارة.. وعينً أمر اللواء يوسف آكاه باشا واليا على بغداد وكالة….. (والي حب أبنية طردوا من الوظيفة.. عدي سبى بنات العالم.. محد كال على عينك حاجب.. وهسه يبوك خزنة.. ويختطف ما يريد..وتسجل ضد مجهول)..
ـ عمدً الوالي الجديد إلى استعمال الشدة في قمع التظاهرات.. التي انطلقت في بغداد تأييداً للوالي القديم.. وزجً القائمين عليها بالسجون.. فهدأت الحال في بغداد..
ـ وفي بغداد جرت حملات واسعة للدفاع عن حقوق المرأة العراقية.. والدعوة الى سفور المرأة.. قاد هذه الحملة الشاعر جميل صدقي الزهاوي وآخرين.. مما أدى الى انقسام العراقيين بين مؤيد.. وهم نخبة المثقفين.. ومعارض وهم رجال الدين وعموم الناس..(الله يرحمك جميل صدقي الزهاوي.. مبيقت الآن.. جان طلعت زنديق.. وحتى كبر ما عندك.. وأهلك مهجرين.. لو نازحين.. ومخصصاتهم يسرقها المسؤولون)
ـ ظل الجو السياسي في بغداد والولايات العراقية الأخرى مضطرباً.. والتنافس بين حزب الاتحاد والترقي والمعارضة هو البارز.. مما انعكس سلباً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي على أهالي بغداد..
(بغداد بين عامي 1914 ـ 1917)..
ـ زاد من هذه الفوضى السياسية بأن أصبح العراق ساحة حرب بين بريطانيا والدولة العثمانية.. ففي بداية آب العام 1914 ومع نشوب الحرب العالمية الأولى أعلن النفير العام أو (سفر برلك) كما كان يطلق عليه بالتركية.. التي تحولت بين العامة في بغداد إلى (سفر.. علك).. أي (نفير.. أهرب)..
ـ كان عدد الفارين من التجنيد الذي تم فرضه من قبل الدولة العثمانية يزداد يوماً بعد يوم.. وفي أواخر شباط العام 1915 جرى في بغداد أول إعدام لأحد الفارين من أداء الخدمة العسكرية.. وكان لمجند يهودي يدعى بنيامين بن يعقوب من محلة قنبر علي.. بعدها أخذت مشاهد الإعدامات تتابع في مدينة بغداد.. (يعني فرق الإعدام لصدام خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية مو جديدة.. وتعلمها من الولاة الأتراك)..
ـ تولي نور الدين بآي منصب الوالي وقائد الجيش العثماني في العراق العام 1915 فأمر بإغلاق جميع الصحف الموجودة في بغداد.. وبنفي أصحابها الى أماكن نائية.. وقرر إصدار جريدة خاصة بالحكومة أطلق عليها اسم (صدى الإسلام).. وأنيط إدارة وسياسة هذه الجريدة برئيس بلدية بغداد رؤوف بك الجادرجي.. كما قام الوالي بنفي نفر من وجهاء كلا الطائفتين (اليهودية والمسيحية) إلى الموصل..
ـ بعد انتصار القوات العثمانية على الجيش البريطاني في مدينة الكوت العام 1916 قام الوالي خليل باشا بشق شارع في بغداد ممتداً بطول المدينة من محلة الباب الشرقي إلى محلة باب المعظم بموازاة نهر دجلة وقد بدأ العمل بإنشاء هذا الشارع في شهر أيار العام 1916.. وأطلق على الشارع اسم (جادة خليل باشا).. وهو شارع الرشيد الحالي..
ـ انتهت الحرب العالمية الأولى بانهيار الدولة العثمانية واحتلال بريطانيا للعراق.. لتعم الفوضى والصدام بين قوات الاحتلال البريطاني والعراقيين.. لتندلع انتفاضة النجف العام 1915.. واستمرت الانتفاضات في العديد من المدن العراقية.. لتتتوجت بثورة العشرين.. العام 1920ضد الانكليز..
ـ ليبدأ العراق بإقامة النظام الملكي.. خطى النظام الملكي خطوات كبيرة نحو بناء الدولة وبناء المؤسسات الإدارية والسياسية ذات الطابع الديمقراطي.. وإقامة المشاريع العمرانية والتعليم.. لكن ظلت الزراعة العمود الفقري في البلاد زراعة بدائية.. كما تحققت خطوات كبيرة في مجالات الحياة كافة خلال ال38 عام عمر هذا العهد..
وفي 14 تموز العام 1958 أسقط النظام الملكي.. وأقيم النظام الجمهوري.. الذي تقلب بين حكم عبد الكريم قاسم (تموز 1958 ـ شباط 1963).. فحكم البعث الأول (شباط 1963 ـ تشرين الثاني 1963).. فحكم الأخوين عارف (تشرين الثاني 1963 ـ تموز1968).. فحكم البعث الثاني.. (تموز 1968ـ نيسان 2003).. ظلت الفوضى السياسية.. والاعتقالات والمشكلة الكردية.. والمحاولات الانقلابية مستمرة في البلاد..
وتميز نظام عبد الرحمن محمد عارف بالهدوء.. وتبيض السجون والمعتقلات من السجناء السياسيين.. وإقامة مشاريع تنموية وعمرانية واضحة.. وسياسة تعاون وصداقة مع جميع دول العالم..
فيما تميز عهد احمد حسن البكر بتأميم النفط.. وارتفع أسعاره بشكل كبير.. مما أدى الى امتصاص البطالة.. والى ارتفاع دخول المواطنين بشكل واضح.. انعكس على رفاهية المواطن.. وبحركة عمرانية وصناعية واسعة.. وعلى الصعيد السياسي: قيام الجبهة بين الحزبين البعث والشيوعي.. وحل المشكلة الكردية بإقامة الحكم الذاتي.. إلا إن عام 1974 كان بداية الخلاف.. وتجدد الحرب بين الحكومة والأكراد.. ومن ثم التضييق على الشيوعيين وفشل الجبهة..
بينما تميز نظام صدام 1979 ـ 2003 بإقامة دكتاتورية مقيتة.. واندلاع الحروب الداخلية والخارجية.. أدت الى حصار اقتصادي شامل على البلاد.. وفي النهاية انتهت الى احتلال العراق من قبل أمريكا ودول التحالف الدولي وسقوط نظام صدام..
لينتهي المطاف بالعراق الى العملية السياسية (ديمقراطية المحاصصة) العام 2004.. ومازالت قائمة حتى ألان.. الحروب.. والفوضى.. والحصار.. والكبت.. والجوع.. ولم تتوقف منذ 1958 حتى الآن ..
(ملاحظة): انتظرونا في الحلقة السادسة: قصة وطن.. (كلام في المال.. بعيداً عن السياسة)..