دخل العراق منعطفا سياسيا وأمنيا خطيرا أمس، بسبب تصريحات وردود أفعال لايمكن وصفها الا ” يسوء تقدير التحديات”، ما يضع البلاد على مفترق طرق تقد الى مجهول قد لا يسمح للعراقيين الابتهاج بعيد الأضحى المبارك، بسبب مزاجييات سياسية معكرة بالولادة، أو صراع قوى لا يتحمله ظهر العراق، الذي انهكته التوافقات ,و أضعفت مناعته صراعات السياسيين، الذين يتفنون في خلق الأزمات، متناسين أن البلاد محكومة بعقد وأجندات تفوق في كثير من الأحيان حتى قدرة هؤلاء السياسيين على التفكير الصحيح.
ولا يجد المتابع تبريرا لتصعيد الموقف السياسي المفاجيء، رغم انه نارا تحت الرماد من أشهر، نقول ليس هناك من مبرر لهذا الخطاب الاتهامي والتخويني من كل الأطراف ، الا رغبة غير معلنة لاجهاض اي مشروع للحوار الوطني، رغم ما نسمعه من صرخات مبحوحة تطالب بسرعة انعقاده ” كمنقذ وطني”، مع القناعة انه تسويف للوقت والحلول، لأن العقدة في منشار النوايا السياسية، التي تراوح مكانها منذ أمد لم يعد بالقضير على الاطلاق، بل انه تجاوز المنطق بكل عناوينه، لان كل فريق يريد تحميل الأخر مبررات الفشل، فيما الجميع يتحمل الابقاء على نصف كاس الحلول العقلانية، لتمرير ما يراه هو أو فريقه مناسبا لاصلاح ذات البين غير امتجانس أصلا، لتصل معه عدائية المواقف الى طريق مسدود.
وعلى هذا الأساس لا نجد مبررا لاستمرار تبويس اللحي أو القبول بنصف الخطوة، طالما أن الشراكة السياسية باتت من الماضي والمؤتمر الوطني ذهب مع الريح منذ اشهر، مثلما لم نجد ما يغطي على الفشل أو استحالة الاستمرار بهذا النهج الغريب، فاذا أصبحت المطالب الكردية تعجيزية يجب التوقف عندها لايجاد حلول مشتركة، واذا البعض يريد لها أن تلتهب انطلاقا من فهلوة ” علي وعلى أعدائي”، فهذا يتطلب موقف واحدا ، هو حل مجلس النواب والدعوة لانتخابات مبكرة وتشكيل حكومة أغلبية سياسية تتحمل لوحدها وزر تحديات المرحلة المقبلة، بعد أن أشبعتنا المحاصصات والتوافقات عطشا على عطش وخوفا على خوف ، حتى بات المواطن ينتظر مفاجأت سلبية من العيار الثقيل وليس انفراجا يضعه على الطريق الصحيح.