23 ديسمبر، 2024 8:46 م

العلاقة التاريخية بين المشعوذين ورجال الدين

العلاقة التاريخية بين المشعوذين ورجال الدين

كل مهنة لها تاريخ وكل عمل له تاريخ والتاريخ لا يجوز أن نتجاوزه لأنه اللبنة الأولى في حياة الأفراد الذين يمثلون تاريخ البشرية بكل مفاصلها وأحزانها وأفراحها ، فالمعروف عن الدعارة مثلا هي أقدم مهنة مارسها الإنسان ( النساء ) واستمرت إلى يومنا هذا مع إنها تطورت رغم إنها محصورة منذ الأزل ببيع الجسد مقابل ثمن يدفعه المستفيد ، ومهنة الطب سابقا كان يقوم بها الحكيم فهو من يشخص المرض ويصف العلاج وهكذا هي المهن فهي تتطور وفقا بنظرية التطور لدارون إن صح التعبير ، وهنالك الكثير من المهن انقرضت نتيجة التقدم التكنولوجي والتطور مثل مهنة الساقي الذي كان يتجول في القرى والمدن  يبيع الماء للمنازل ، أما فكرة رجل الدين فهي تعود لجذور قديمة جدا منذ يوم نظر الإنسان إلى السماء بانتظار سقوط الأمطار بعد أن فكر بالزراعة إذ كان قبل اكتشاف الزراعة لا وجود لرجل الدين ولكن بعد أن استقر الإنسان في تجمعات ومدن بدأت فكرت ظهور رجل الدين وتطورت هذه الفكرة إلى ما وصلنا إليه الآن، أول ظهور لرجل الدين كانت في فكرة المشعوذين والدجالين والسحرة والكشافين وهؤلاء استمدوا قوتهم من قوة كبير القبيلة ( رئيس القبيلة ) ثم تطور هذا الرئيس واصبح قائدا ثم أميرا ثم ملكا ثم إمبراطورا ثم ظهرت الجمهوريات ( رئيس الجمهورية ) وهكذا دواليك ، إذن فكرة رجل الدين هي فكرة تعود بالشجرة أو بالنسب لفكرة المشعوذ والساحر والدجال الذي كان مرافقا لكبير القوم يرشده بالطالع وبحركة النجوم ومستقبل الأيام ومستقبل نتيجة الحروب والانتصارات ويحذره من سوء الطالع إن باشر بموضوع معين ، إذن رجل الدين الأن هو امتداد للدجال والمشعوذ والساحر السابق ، يعني بالمختصر هو سليل المشعوذين والدجالين والمنافقين وهو يحمل نفس الفكرة بالرغم من وجود أديان جديدة منها توحيدية وغير توحيدية ، إن فكرة المشعوذ هي فكرة ارتبطت بجهل الشعوب ولو كانت هذه الشعوب بعقول راجحة لما كان للمشعوذ ( رجل الدين ) سطوة ومن خلال الخزعبلات التي يسطرها رجال الدين نجد أن فكرة رجل الدين كان لها الأثر البالغ على الشعوب وفي مختلف الازمنة والأماكن ولكن بعد الثورات التي ظهرت في فرنسا وبريطانيا وأميركا وفي الكثير من بقاع الأرض بان للمتابع دجل هؤلاء وتبين إنهم من طينة واحدة بالرغم من البعد الزمني والمكاني ما بين رجل الدين الأن والمشعوذ والساحر سابقا ، نعم إنها قرون وقرون ربما وصلت إلى آلاف السنين لكن تبقى الفكرة هي نفسها باختلاف المكان والزمان والأدوات وطرق واساليب الخطابة وشحن الوجدان والعواطف فمرة يشحنون الناس باسم الشيطان والخوف من الشيطان وغيرها يشحنون الناس باسم الرسول وأخرى يشحنون الناس باسم اله الظلام واله النور كما هي ديانة زرادشت وغيرها يشحنون الناس باسم الأولياء والصحابة وهكذا هي ديمومة عملهم مستمرة ولكل قرن أو اكثر نجدهم يغيرون من اساليب الخطبة بعد أن يستشعروا بملل الناس منها وسيبقى رجل الدين هو سليل ذاك المشعوذ والساحر الذي وجد ليعيش على النفاق ويتقرب من رئيس القبيلة وزعيم المنطقة محذرا مرة من الموت والخوف والدمار ومباركا مرة في الخير القادم ، ولكن لا يوجد في الأفق غير الشر الأزلي من فكرة الانصياع لهم حتى لو كان أحدهم صادقا بما يقول ، فالصادق منهم مسكين إن وجد ولو إني اشك بذلك والمنافق منهم ملعون ونحن من يرفع شأنهم دون أن نعلم لأننا تعودنا على طبيعة ( الكسل العقلي والفكري ) وما دام هنالك من يفكر عوضا عنا فما داعي للتفكير واتعاب المخ وهنا مصيبة الناس الكبرى . فبأسا للمشعوذين الجدد وبأسا لمن يهرول خلفهم بعد أن تعود على الكسل الفكري .