يسجل تاريخ الكورد في المنطقة محطات مهمة رسمت معالم الأحداث التي أثرت في تاريخهم ومصيرهم ولكن هناك من يتصيد بالماء العكر ويستغل الظروف السياسية الحالية لغرض طمس الحقائق التاريخية.
لا اود الكتابة بشكل تعصبي ولا احب التعامل بها انما ابغي نقل صورة حقيقية لتاريخ شعب عريق يحاول المزيفون في كتابتهم ورسم خارطتها تحريف اصلهم واصولهم.على الكاتب بالمواضيع التاريخية اللابتعاد عن البعد المادي والانتقال إلى استخدام الطرق العلمية والتحلي بالنزاهة، لأننا بأمس الحاجة إلى تلك القيم التي تحلى بها أجدادنا في الوقت الراهن لمجابهة التحديات الراهنة، والمقبلة وضرورة أن تتجاوز مختلف الأطياف السياسية خلافاتهم لضمان المصلحة العليا للبلاد. أن عمل الكاتب والمؤرخ لا يمكن أن يبدأ فقط مع جمع الوثائق، وإنما هناك تساؤلات تسبق هذه المرحلة، كما أن الكاتب لا ينبغي عليه أن ينغلق داخل التاريخ، وإنما عليه أن ينفتح من دون خجل على العلوم الإنسانية الأخرى، وأن يسير فى اتجاه تكاملية مناهج العلوم الإنسانية، وأن يهتم به جماعي أكثر ممّا هو فردي، وأن عليه أن يمنح الأولوية للتاريخ الاقتصادي والاجتماعي على التاريخ والراي السياسي.
كثيراً ما نشاهده اليوم عند ما يكتب البعض وينشر دون شعور بالمسؤولية التاريخية التي لايمكن اللعب بها وبعيداً عن الأخلاق والدين والمذهب والوطن والمجتمع ويمارس أبشع ألوان التخريب والتفرقة والتمزيق والتسقيط والتضليل والتشويه، و يعتقد أنه صاحب راي، ويرى أن مايكتبه وينشره قائم على الإلتزام الأخلاقي والإنسانية والتدين والوطنية. والحقيقة أنه أعمى البصر والبصيرة ومتعجل و موتور وحاقد و ناقم وضال ومظل في نفس الوقت. وإذا كان العتب واللوم كبيرين على هذا الضال ، فلأنه لايزال يعتبر نفسه داخل خيمة البيت الواحد. أما من يحمل أجندة تخريبية مدفوعة الأجر، فلا عتب عليه لانه باع ضميره،ان من خلال استخلاص العبر والقيم وبالتالي تحضير العدة واستشراف المستقبل، أن سبل امتلاك الوعي التاريخي يكون من خلال الاحتفاء بمناقب الأبطال وتراثهم النضالي الزاخر بالتضحيات، مع الاغتراف من قيمهم وأخلاقهم ومن يعمل عكس ذلك فانه خائن ومأجور. ولكن ربما لايعلم هذا بأن خيانته لتاريخ امة وهويتها الاجتماعية والدينية والوطنية والمذهبية ، إنما ستحرق أصابعة أيضاً، لأنه يساهم في تهديم البيت الذي يوحدنا. الذي جعلني اكتب عن هذا الموضوع ما يذكره البعض دون ذكر الاسماء في تشويه حقيقة الكورد واصالتهم ولعلي اجيب بشكل مختصر بما يلي .
“هاجر الميديون بحلول سنة 1500 قبل الميلاد من نهر الفولغا شمال بحر قزوين واستقروا في الشمال الغربي من إيران وأسسوا مملكة ميديا. استناداً إلى كتابات هيرودوت فإن أصل الميديين يرجع إلى شخص اسمه دياكو الذي كان زعيم قبائل منطقة جبال زاكروس.
في منتصف القرن السابع قبل الميلاد حصل الميديون على استقلالهم وشكلوا إمبراطورية ميديا، وكان فرورتيش (665 – 633) قبل الميلاد أول إمبراطور، وجاء بعده ابنه هووخشتره. وبحلول القرن السادس قبل الميلاد تمكنوا من إنشاء إمبراطورية ضخمة امتدت من ما يعرف الآن بأذربيجان، إلى آسيا الوسطى وأفغانستان. اعتنق الميديون الديانة الزردشتية، وتمكنوا في 612 قبل الميلاد من تدمير عاصمة الأشوريين في نينوى. ولكن حكمهم دام لما يقارب 50 سنة حيث تمكن الفارسيون بقيادة الملك الفارسي كورش بالإطاحة بالميديين وكونوا مملكتهم الخاصة (الإمبراطورية الاخمينية)
( مصطلح يستخدم للتعبير عن الشعب الكوردي، والذي وبشكل عام يعتبر نفسه الشعب الأصلي لمنطقة يشار إليها في كثير من الأحيان بإسم كوردستان، والتي تشكل أجزاء متجاورة من العراق، تركيا، إيران وسوريا. والكورد بحسب المؤرخ الكوردي محمد أمين زكي (1880 – 1948) في كتابه “خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان” يتألف من طبقتين من الشعوب، الطبقة الأولى التي كانت تقطن كوردستان منذ فجر التاريخ “ويسميها محمد أمين زكي” شعوب جبال زاكروس” وهي وحسب رأي المؤرخ المذكور شعوب “لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، نايري” وهي الأصل القديم جدا للشعب الكوردي والطبقة الثانية: هي طبقة الشعوب الهندو- أوربية التي هاجرت إلى كوردستان في القرن العاشر قبل الميلاد، واستوطنت كوردستان مع شعوبها الأصلية وهم ” الميديين و الكاردوخيين”، وامتزجت مع شعوبها الأصلية ليشكلا معا الأمة الكوردية .
هناك نوع من الأجماع بين المستشرقين و المؤرخين و الجغرافيين على إعتبار المنطقة الجبلية الواقعة في شمال الشرق الأوسط بمحاذاة جبال زاكروس و جبال طوروس المنطقة التي سكن فيها الكورد منذ القدم ويطلق الكورد تسمية كوردستان على هذه المنطقة وهذه المنطقة هي عبارة عن أجزاء من شمال العراق وشمال غرب إيران وشمال شرق سوريا و جنوب شرق تركيا ويتواجد الكورد بالأضافة إلى هذه المناطق بأعداد قليلة في جنوب غرب أرمينيا و بعض مناطق أذربيجان و لبنان ويعتبر الكورد من إحدى أكبر القوميات التي لا تملك وطنا او كيانا سياسيا موحدا معترفا به عالميا. وهناك الكثير من الجدل حول الشعب الكوردي إبتداءا من منشأهم وإمتدادا إلى تأريخهم وحتى في مجال مستقبلهم السياسي وقد إزداد هذا الجدل التأريخي حدة في السنوات الأخيرة وخاصة بعد التغيرات التي طرأت على واقع الكورد في العراق عقب حرب الخليج الثانية وتشكيل منطقة حظر الطيران التي أدت إلى نشوء كيان إقليم كوردستان في شمال العراق.
تعرضت الدراسة الأكاديمية لتأريخ الكورد إلى صعوبات عديدة بسبب الواقع السياسي للاكراد مما أدى البعض إلى الإستناد إلى روايات تأريخية غير أكاديمية عن الكورد كانحدار الكورد من الجن والعفاريت على سبيل المثال ولم يكن هناك إشارة إلى اسماء الدول والامارات الكوردية التي كانت قائمة في العهد الاسلامي كالروادية (230 – 618 للهجرة) والسالارية (300 – 420 ) و الحسنوية البرزكانية (959 – 1015) والشدادية (951 – 1199) والدوستكية المروانية (990 – 1085) والعنازية (990 – 1117) والشوانكاره واللورية الكبرى واللورية الصغرى وامارة اردلان (1169 – 1867) وعشرات الامارات الكوردية الاخرى منها امارة بوتان و امارة سوران و امارة باهدينان و امارة بابان، وهذه الاخيرة استمر حكمها حتى فكيف تكون التسمية وترتبط بالقرن التاسع عشر )