سجل اٌلتسامح في هذهِ اٌلأيام أدنى مستوياتَ لها في بورصة السياسة في اٌلساحة اٌلعراقية، والتي أدت الى ظهور موجة خطيرة من اٌلكراهية التى كانت ومازالت آفة هذا البلد ومدمرها و معيقها عن أي تقدم وفي كل المجالات و خصوصا في مجال اٌلإجتماعي و اٌلتى نعاني من تدهور فظيع فيها لم نشهد مثله من قبل.
إذ بلغ اٌلتناحر و اٌلتلاسن أقصى مستوياتها حيث نسمع و نرى كمية هائلة من سبابِ مقزز يصيبك باٌلغثيان لمجرد سماعك لها وتتفاجىء و تُصاب باٌلذهول واٌلدهشة للقدر اٌلذى تحمله في طياتها من كراهية و قلة أدب غير عاديين، غريب على عادات وتقاليد مجتمعنا، تللك العادات واٌلفضائل اٌلتي تكاد أن تضمحل وتختفي و يتبخر و يأخذ مكانها اٌلقبح ويترسب ويستقر في قاع اٌلنفوس، و هذا القبح يكشف عن قدرةٍ هائلة على اٌلإبداع في هذا اٌلمجال الواطىء يجعلك تتساءل و تتعجب من ما وصل إليه اٌلبعض من اٌلإنحدار اٌلأخلاقي بحيث يكرس جل طاقاته لهذا اٌلعمل اٌلمشين واٌلسيء و تقول و تتحسر لو أن هذهِ اٌلطاقات أستثمرت في أى مجال أخر لكان اٌلحال غير الحال.
وكل هذا اٌللغط اٌلغير مجدي و العبثي ينذر بوقوع كارثة وشيكة ما لم يتم إدراكها و إحتواءها بإسلوبِ عقلاني بعيد عن اٌلعصبيات اٌلفيئوية و اٌلتي لها مساهمة ويد في كل كارثة لحقت بهذا اٌلمجتمع و سلاحً دنيء بيد كل متلاعب باٌلجانب اٌلمخزى للصراعات اٌلطائفية و اٌلقومية يحقق من خلالها من مكاسب ما يفوق اٌلوصف واٌلخيال، مستغلاََ اٌلفجوة اٌلموجودة بين مختلف اُلمكونات و عدم وجود رؤيا واضحة لدى كل مكون أو قومية تجاه اٌلأخر وعدم قبول أحدهم للأخر و عدم توصلهم إلى مفهوم وصيغة اللعيش اٌلمشترك على أساس اٌلتسامح و إعطاء اٌلأخر الحق في اٌلعيش بكرامة وإحترام و حرية اٌلإرادة و اٌلتعبير عما يريده و عدم مصادرة أراء اٌلأخرين و إعتبارهم أنداداً و أعداء لا جرمٍ إرتكبوه سوى أنهم عبروا عن إرادةٍ أو رغبة لديهم و لا لشيءٍ فعلوه سوى أنهم مختلفين في عرقٍ أو دين أو قومية.
سياسة عدم قبول اٌلأخر و إلغاء وجوده المعنوي وفي بعض اٌلأحيان إلغاء وجوده اٌلمادي من خلال محاولة إبادته كعرق أو جماعة أو قومية أو دين قديمة قدم تاريخ وجود اٌلمجتمعات اٌلإنسانية و لها شواهد و أمثلة عديدة في اٌلتاريخ اٌلقديم واٌلحديث، ما نستطيع أن نورد منها اٌلكثير بحيث نملأ بها مجلدات و اٌلذي بسبها أُبيدت أو كادت أقوامً كاملة و تاريخنا لاتخلو منها باٌلطبع و منها قريبة جداَ إلى اٌلأذهان بحيث أن اٌلكثيرين عاشوها منا يتذكرونها مثل اٌلإبادة اٌلتى تعرض لها اٌلكورد إبان اٌلنظام اٌلسابق من خلال عملية اٌلأنفال و اٌلقصف باٌلكيمياوي و اٌلقتلِ على اٌلهوية و اٌلتشريد واٌلتهجير وتدميرٍ للبيوت وقرى ومدن ومصادرةٍ لحقوق و كل ما يمكنك أن تتخيله من فضاعات، وحتى أنها لم تنتهي بإنتهاء اٌلفترة اٌلمظلمة للحكم اٌلصدامي اٌلفاشي بل تفاجؤوا بمصيبة أشد وأفضع بعد ذلك و هي ما عاناه اٌلإيزديون اٌلكورد على يد وحش سمي داعش أفرزته بيئة اٌلكراهية واٌلحقد و إلغاء اٌلأخر، و مثله ما تعرض له اٌلشيعة إبان اٌلإنتفاضة و طوال عقود من تنكيلِ وقتل وسحلٍ و تجفيف أهوار و سجن وتدمير قرى و مدن، وأيضاً ما عانوه من مجزرة سبايكر على يد عصابات داعش ، وكذا اٌلسنة لم يسلموا وذلك من خلال تعرضهم لتكميمٍ للأفواه و إسكات كل صوتِ نادى باٌلحق من خلال إعداماتِ بالجملة واٌلزج باٌلسجون لرموز الفكر و اٌلقلم وما عانوه من قتل وتدمير على يد داعش اٌلذي جعل مدناًَ عُمرها ألاف اٌلسنين مساوية للأرض ، وكذا اٌلتوركمان وكذا المسيحين على يد كل اٌلأنظمة وصولاَ لداعش لم يسلم أحد من هذهِ اٌلدوامة من اٌلعنف اٌلغير منطقي واٌلغير مبرر تحت أي عنوان إلا عنوان اٌلهمجية واٌلأنحطاط الإنساني اٌلتي تصل في هكذا حالات ألى أوطىء و أقذر تجلياته و على يد أناس فقدوا كل صلة لهم باٌلآدمية و سجلوا أوسخ تاريخ و وسموا مرحلة من مراحل اُلتاريخ البشري والحضارة بوسم اٌلخزي واٌلعار اٌلتي ستلازم اٌلبشرية ما دامت باقية وسطروا تاريخ مرحلتهم بقصص و حكايات كراهية اٌلإنسان لأخيه اٌلإنسان.
و عند قراءة تاريخ بعض هؤلاء اٌلمجرمين مثل فيرعون و نيرون والمغول و هتلر وموسولونى و صدام وبشار وغيرهم الكثير ندرك الكثير من اٌلأشياء و لكن أهمها باٌلنسبة لي اٌلأن هي أن كل ما إرتكبوه من فضائع بحق اٌلإنسانية بإبادتهم لشعوب و قوميات وأشخاص كان ذريعتهم و سلاحهم لشحذ همم أتباعهم لحثهم إلى إرتكابهم تلك اٌلجرائم المندية للجبين هو إعتقادهم وإيمانهم بتفوق نوعهم وعرقهم على اٌلأخرين و أعتبار أنفسم أحسن و أفضل من بقية اٌلناس و أنهم باٌلذات مقدسون و مكلفون براسالة و أنهم حاماة اٌلعنصر اٌلأفضل ومخلصوا اٌلدنيا من اٌلعرق اٌلأدنى وهكذا خزعبلات حقيرة.
ولم تخلو منطقة من هذا اٌلعالم من هذا اٌلآفة اٌلخطيرة ولكن من اٌلملاحظ أن اٌلعالم اٌلمتحضر قد إستفاد نوعاً ما من تجاربهِ اٌلمؤلمة من هذا اٌلنوع و وضع قوانين واضحة للحوؤل دون ظهور هذا اٌلمرض من جديد في مجتمعاتهم ومنعها من اٌلبروز و اٌلتفشي و حاربوا و يحاربون بكل ما أوتوا من قوة من أجل منع إعادة تجارب تاريخهم اٌلمشين، لأيمانهم اٌلراسخ واٌلذي وصلوا إليه باٌلكثير من اٌلتضحيات أن اٌلحياة هبة يجب اٌلحفاظ عليها و إكتسابهم لقناعة أن اٌلجميع بغض اٌلنظر عن خلفيتهم اٌلعرقية واٌلدينية يستحقون أن يعيشوها بسلام، و سبب نجاحهم في مسعاهم برغم صعوبتها لوجود اٌلكثيرين من اٌلنفوس اٌلمريضة إجماعهم على روح اٌلتسامح وقبول اٌلأخر وجعلها شعارهم .
بعكسنا نحن مع أن تجاربنا مع تلك اٌلمآسي لاتزال طازجة بل و لاتزال جارية وحاضرة و تفوح منها رائحة اٌلدم واٌلدخان إلا إننا لم نتعض قيد أنملة منها و نسمح لبعض اٌلسياسين و تجار اٌلحرب و اٌلفتنة أن يذكوا روح اٌلعنصرية فينا و يقرعون طبول اٌلدم و اٌلحرب و نحن بكل سذاجة ننساق وراء دعواة الحرب ناسين ما ناله منا تلك اٌلحروب و ما رأينا منها من مآسي و دماء ودموعٍ ودمار ،و مرد ذلك عدم إمتلاكنا لثقافة قبول اٌلإختلاف واٌلتفهم لحقوق اٌلأخر وفقداننا لروح اٌلتسامح و ملكة تقدير حياة اٌلأنسان و عدم تمكننا من اٌلتغاضى عن تصنيف اٌلإنسان على أساس اٌللون واٌلعرق واٌلدين واٌلمذهب و عدم إدراكنا أن حياة اٌلإنسان هي أهم ما في اٌلوجود و أنها اٌلحرام اٌلأبرز باٌلنسبة لكل اٌلأديان و ما لم نتغير وتتغير مفاهيمنا في هذا اٌلصدد لا يرجى منا خير و سنظل لقمة سائغة لكل ذئاب اٌلحرب و سيظل اٌلمتلاعبين قادرين على اٌلزج بنا في حرب تلو اٌلأخر ضد بعضنا البعض و يجب علينا أن نتيقن أنهم بذلك يقتلوننا ليعيشوا أكثر وبرفاهية و يجوعوننا ليشبعوا حد اٌلتخمة.