18 ديسمبر، 2024 11:27 م

رسالة إلى فخامة الرئيس فؤاد معصوم

رسالة إلى فخامة الرئيس فؤاد معصوم

فخامة الرئيس فؤاد معصوم المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
تابعت كمواطن عراقي معني بمصير ومستقبل بلده نشاطاتكم وتصريحاتكم بشأن الاستفتاء الذي دعا إليه السيد مسعود البرزاني في إقليم كردستان بشكل أحادي – على حد وصفكم – وتداعيات إجرائه ، ورأيت من الواجب الوطني أن أضع أمام فخامتكم قراءتي المتواضعة لتفاصيل تلك المتابعة راجيا أن يتسع صدر فخامتكم – كما عودنا – لما سيرد فيها من أمور حساسة .
فخامة الرئيس :
بعد أن أعلن السيد مسعود البرزاني عن الاستفتاء ، وحدد موعدا لأجرائه انطلقت ردود الأفعال المختلفة ، فكانت هناك تصريحات واضحة برفضه من الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ووزراء خارجية الدول الكبرى والدول الإقليمية والعربية فضلا عن الحكومة العراقية الاتحادية ومجلس النواب الاتحادي والمحكمة الاتحادية والكثير من المسؤولين العراقيين ، بينما لزم فخامتكم جانب الصمت ، وكأن الأمر لا يعنيكم من قريب أو بعيد مما أثار تساؤلا كبيرا في الشارع العراقي كسره تصريح كريمتكم شيرين حين قالت ((إن منصب والدي فداء لاستقلال كردستان))!! فهاجت المشاعر مطالبة باستقالة فخامتكم عن منصب رئاسة الجمهورية .
وقبيل بدء الاستفتاء ببضعة أيام أعلنتم عن مبادرتكم التي ترمي إلى تأجيل الاستفتاء وقبول مبادرة الدول الكبرى ، وذهاب فخامتكم إلى السليمانية ولقائكم بالسيد مسعود البرزاني ، ورفضه لمبادرتكم رفضا باتا كما كل المبادرات والمناشدات السابقة !! وأجرى الاستفتاء وأعلن القائمون عليه وفي مقدمتهم السيد مسعود البرزاني أنه بداية الانفصال الذي سيفاوض بغداد حول خطواته المقبلة ، ولم يصدر عنكم ما يشجب ذلك بحكم كونكم رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، وتمثل سيادة البلاد، والساهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه ، وفقاً لأحكام المادة 67 الفصل الثاني من الدستور العراقي الذي أديتم القسم على الالتزام به والإخلاص له أمام الله والشعب !!
وحتى هذه اللحظة وقلوب شعبكم العراقي تنزف دما لم يصدر من فخامتكم ما يداوي الجرح بل حصل العكس ، فقد بثت قناة الحرة عراق يوم الأربعاء 27 أيلول 2017م تصريح فخامتكم الغريب لها بـأن (( الاستفتاء إجراء دستوري ، والانفصال غير دستوري ، والدستور ليس كتابا مقدسا وممكن تعديله))!! أما عن قول فخامتكم إن الاستفتاء إجراء دستوري فيكفي أن نذكر جواب المحكمة الاتحادية بشأنه ، وهي الجهة محل الاختصاص في حسم الاختلافات حول مواد الدستور وتفسيراتها ؛ كما أن الدستور حاليا هو الجامع لوحدة العراق والضامن لها والقادر على حل المشاكل الناشئة بين مكونات الشعب وسلطاته إلى أن يتم إقرار أي تعديلات جديدة عليه ، فيصبح الالتزام بها واجبا من الجميع .
وجاء في تصريح فخامتكم لقناة الحرة عراق أيضا رفضكم الاستقواء بالخارج لتهديد المواطنين ، وقصد فخامتكم به التعاون العسكري القائم حاليا بين العراق والجارتين تركيا وإيران ، وهذا ليس صحيحا فالدول الثلاث تواجه الآن خطرا كبيرا بعد إجراء الاستفتاء يهدد أمنها القومي وسلامة ووحدة أراضيها ، ويقتضي العقل والمصلحة المشتركة التعاون فيما بينها لدفع الخطر والحفاظ على كياناتها الوطنية ؛ وبالمناسبة أود أن أذكر فخامتكم أن السيد مسعود البرزاني استقوى على وطنه الأم العراق بالجارة تركيا في الفترة القريبة الماضية ، واستعان قبلها بالطاغية صدام على أبناء جلدته سنة 1996م حينما طرد قوات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني من أربيل وما جاورها ، كما أن الحزب الأخير استعان بإيران في الثمانينيات لمحاربة الجيش العراقي ؛ فلماذا يا فخامة الرئيس يحرم على الحكومة العراقية الحالية ما حللتموه لكم في السابق ؟!!
واستوقفني جواب عجيب وطريف لفخامتكم لمحاوركم في قناة الحرة عراق حين سأل فخامتكم عن طلب الحكومة الاتحادية باستلام المنافذ الحدودية وإدارتها ؛ فكان جواب فخامتكم ((أن الموظفين فيها يتقاضون رواتبهم من الحكومة الاتحادية))!! ولذتم بالصمت !! فهل من المعقول ما يحدث ؟! الحكومة الاتحادية تصرف رواتب العاملين في المنافذ الحدودية لأنها المسؤولة حسب الدستور عنها ؛ بينما يقوم العاملون فيها بتسليم جميع إيراداتها إلى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني !! أي أمانة هذه وأي عدالة ؟!!
فخامة الرئيس :
إن الشعب العراقي الذي حطمته الحروب والكوارث التي مرّ بها في الماضي وما زالت ، ولوعه فساد الساسة وتناحرهم المصلحي ينتظر من فخامتكم الموقف الشجاع وقول الحق والصدق وعدم المجاملة أو المداهنة ، وهو يرى بوضوح ويجب أن يرى مسؤولوه رؤيته ؛ وإلا لماذا اختارهم ليحكموه ؟ إنه يرى عدم دستورية الاستفتاء وعدم شرعية الانفصال ، وأن من دعا له وأيده ويعمل لتنفيذه من المسؤولين في الإقليم أو خارجه خائنا للوطن خيانة عظمى ، ويستحق الملاحقة والاعتقال والمحاكمة وتنفيذ أقصى العقوبات بحقه ، ويرى الشعب ضرورة العودة إلى الدستور والالتزام بكل فصوله ومواده من دون استثناء ، ويتفق على أي تعديلات لاحقة لمواده ، ويطلب نشر ثقافة التآخي بين مكونات الشعب والابتعاد عن التعصب القومي والطائفي وثقافة الكره والعيش بأمن ورفاه وسلام مثل بقية شعوب العالم المتحضر .