السلطة والوصول الى سدة الحكم , حلم كان يراود شيعة العراق منذ زمن بعيد ليس منذ وصول حزب البعث اليها و انما اقدم من ذلك , ازداد هذا الحلم تواردا في منامهم فهم كانوا يخشونه في اليقظة , حقبة ثمانينيات القرن الماضي بعد تولي البعثيين السلطة في العراق , و اندلاع ثورة رجل الدين الشيعي الايراني الخميني الذي رفع شعار ( تصدير الثورة – صنع في ايران ) , لقى هذا الشعار استحسان المعارضين لنظام البعث و تلافقوا هذه الفكرة و سعوا الى تحقيقها بكل الوسائل , معتمدين على الروح الثورية و الشعارات الرنانة التي كانت تنبض باسم المذهب الشيعي و الدين الاسلامي و اهل البيت عليهم السلام في ظاهرها فقط , و كان الباطن ابشع و اكثر سواد و مأساوية و دموية .
فرضت الظروف خوض حرب شعواء بين نظام الخميني و نظام صدام اختلف الرأي بين المؤيدين و المعارضين فمنهم من القى اللوم على الاول و منهم على الثاني , و الحقيقة ان للطرفين طموحات من وراء هذه الحرب فنظام صدام حسين اراد تحرير الاحواز العربية المُحتلة , بينما اراد الخميني احتلال الاراضي العراقية و الوصول الى مدينتي النجف و كربلاء المقدستين لدى الشيعة لوجود اضرحة الامام علي بن طالب وولديه الحسين والعباس عليهم السلام .
و في سبيل تحقيق هذه الغاية , و لإرغام الدول العربية و الغربية على ايقاف دعم نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قامت مجاميع ارهابية تابعة الى الاحزاب الشيعية المدعومة من نظام الخميني .
– بتفجير السفارة الامريكية و الفرنسية في الكويت عام 1983 صدر حُكم غيابي بالإعدام في الكويت بحق المُدان ( ابو مهدي المهندس ) نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي حاليا عام 1984 ,
– سفارة العراق في بيروت عام 1981 على يد ( نوري كامل المالكي ) رئيس الوزراء العراقي السابق 2006 – 2014 اعترف صراحة امام و سائل اعلام بذلك , باستخدام السيارات المفخخة وقع نتيجتها العديد من الضحايا المدنيين , مع بداية حرب الخليج الاولى , واقيمت شكوى بحق المالكي في بيروت عام 2014 ,
– تفجير الجامعة المستنصرية الارهابي عام 1980 الذي قتل فيه عدد طلبة هذه الجامعة في محاولة فاشلة لاغتيال طارق عزيز .
تؤكد الاعترافات الموثقة ان الاحزاب الشيعية المدعومة من ايران قامت بالكثير من الاعمال الارهابية مما حدا بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين الى تجريم هذه الاحزاب و ادراجها في قائمة الارهاب و مطاردة اتباعها و مؤيديهم في عموم العراق .
وضعت الحرب اوزارها عام 1988 , لكن ايران و اتباعها الطامحين الى السلطة لم يهدأ لهم بال , فقد استمروا بالعمليات الارهابية ضد الجيش العراقي الوطني في المناطق الحدودية بين العراق و ايران مستغلين اراضي الاحواز العربية المُحتلة لتنفيذ هذه العمليات .
شهدت حقبة تسعينيات القرن الماضي حراك متسارع , خاصة بعد اجتياح العراق للكويت عام 1990 و فرض الحصار الاقتصادي عليه انهكت قواه و دمرت اقتصاده و فسحت المجال لتمرير المؤامرات الخمينية برعاية امريكية و تحريض عملاء ايران .
استجابت الولايات المتحدة الامريكية لرغبات بعض العراقيين الذين يسمون انفسهم ( معارضة ) الرامية الى اسقاط نظام صدام حسين ليس لحماية حقوق الانسان او لأن الشيعة مضطهدين حسب زعمهم , , لكن المصالح الامريكية اقتضت ذلك بعد ان قدموا لها فروض الطاعة والولاء .
نسوا او تناسوا ان امريكا هي من ساعدت حزب البعث على قمعهم فيما يسمى بانتفاضة اذار 1991 , ما لبثت ان ادارت هذه الاحزاب ظهورها للولايات المتحدة الامريكية بعد ان غزت العراق عام 2003 و اسقطت النظام وغيرت معالم كل ما هو وطني وجميل في هذا البلد , توغلت ميلشيات ايران في كل مؤسسات الدولة و مرافقها الامنية و الخدمية وعاثت بها فسادا .
لم تكن هذه الاحزاب و ميليشياتها تضع خطة مدروسة لإدارة العراق بعد تغيير النظام وكان همها الوحيد هو الاستحواذ على مقاليد الحكم مهما كانت الخسائر حتى و ان كان الثمن خراب العراق , تجاهلت عمدا او بغير قصد ان هذا البلد متعدد الطوائف و القوميات و المذاهب و الاعراق و فيه الكثير من المفكرين و المثقفين و من الصعب ان تديره جهة واحدة او يدار من الخارج , كما ان الخلافات بين العرب و الفرس تاريخية تضرب جذورها في عمق العلاقات العربية الفارسية , و من المستحيل ان يسمح العرب لاتباع ايران في العراق ان ينشؤوا كيان موالي للنظام الفارسي على حدود دولهم , ان العراق و جيرانه لم و لن يتقبلوا التدخلات الايرانية او انتشار الميليشيات المسلحة التي تهدد امن دولهم بخطابات ارهابية تحريضية , كما لم يحقق الشيعة او الحكومة الشيعية الموالية لإيران منذ استلامهم السلطة بعد عام 2003 اي انجاز يذكر بل على العكس وسعوا الهوى بين العراق و جيرانه و سمحوا لإيران بالسيطرة والاستحواذ و التحكم بمراكز القرار في العراق هذا التدخل كان من شأنه زيادة خصومهم في الداخل اولا حيث ان بقية المكونات من غير الموالين لإيران لا بل حتى من الشيعة انفسهم الذين يرفضون فكرة التحكم و التوغل الايراني في العراق , وثانيا في الخارج ابعد دول الجوار و جعلت من العراق ساحة لتصفية الحسابات بين ايران و خصومهم , يدفع ثمنها الشعب العراقي .
ان ما ارتكب من اخطاء خلال تولي حكم العراق من الاغلبية الشيعية لا تعد و لا تحصى فقد اهدرت مليارات الدولارات من اموال الشعب دون تغيير يذكر على واقع البنى التحتية او الخدمات و حتى الملف الامني الذي اصبح يؤرق المواطن و يشغل باله ففي الوقت الذي تمتلئ فيه السجون بألاف المعتقلين و المتهمين بجرائم ارهاب لم يمر يوم الا و نسمع فيه وقوع عمليات ارهابية بين الخطف و القتل و الجثث المجهولة والسيارات المفخخة , بينما يؤكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ان هنالك جهات حزبية و مسؤولين حكوميين متورطين في جرائم تفخيخ السيارات ,ان دل هذا على شيء فأنه يدل على ان سوسة الفساد نخرت جسد المؤسسة القضائية و ليس فقط المؤسسة الامنية او الخدمية لأنها عاجزة عن محاسبة المجرمين والفاسدين , لا نلقي باللوم على جهة معينة بذاتها فالعراق مقسم بين المتطرفين الاسلاميين من كل المذاهب و القوميين , تنوعت اهدافهم فمنهم من يطبق شريعته و من يحمي الامن القومي الايراني , و اخر من يثير الفوضى و يسعى للانتقام .
ان الدمار و الخراب الذي حل بالعراق لم يقتصر على فئة او مكون معين بذاته , فقد طحن الشيعة قبل السُنة , و الذين استولوا على مقدراته وثرواته بعد عام 2003 بحجة الدفاع عن مظلوميتهم , و خير دليل على هذا الخراب محافظات وسط وجنوب العراق التي تعاني من الاهمال و انعدام الخدمات و الفوضى , و سجن المعارضين للفساد و مطاردتهم و تهجير بعضهم وقتل المُتظاهرين و المطالبين بالإصلاح من الشيعة .
ما تناولته ليس بقصد الاساءة لجهة معينة او مدح لجهة او شخص ما , انما هي حقائق للتاريخ و للأجيال , نحن ندور في فلك الحقيقة اينما دارت , فمن يسمون انفسهم المدافعين عن الشيعة مزقوا العراق و اثبتوا فشلهم الذريع بالتعاون مع حلفائهم من السنة الذين ركعوا للولي الفقيه و زبانيته , سرقوا خيراته و دمروا شبابه , كما أثبت الاسلاميين عدم قدرتهم على بناء بلد او تحقيق انجاز .