لمن لا يعرف ” زاير حنتوش ” ؛ أقول بعجالة بسيطة : انه إنساني فطري التفكيري والهوى ، ويمكن أطلق عليه بالتعبير الدارج ” من أهل الله ” . يمتلك هذا الرجل الجنوبي حساً كوميدياً في تلطيف الأجواء في زمن لا يعرف الفضائيات الانترنيت والموبايل . حياة “زاير حنتوش” عبارة عن حمار يركبه وعباءة صوف يلبسها . لم يشرف بزيارة المدينة سوى في المناسبات . طريقته في التعبير عن إعجابه أو امتعاضه من شيء ما ؛ هي خلع عباءة الصوف لتبيدي عورته لأنه من النادر أن يرتدى ملابس داخلية .
ما ذكرني بـ” زاير حنتوش ” وطريقته ؛هو الحلم الذي راودني ذات مساءٍ بعد أن أكلتُ ماعوناً من ” الدولمه ” عن قيام احد المسؤولين السياسيين بزيارة المنطقة التي اسكن فيها . وقتها كنت جاساً في باب الدار اسلي نفسي بـ” تكريز ” حب ” السفايف” ،وإذا بمجموعة من الرجال المدججين بالسلاح ،وهم يمهدون الطريق للضيف القادم . هؤلاء ” اللوكيه ” أثاروا الناس ، وبثوا في نفسهم الرعب وليس على لسان سوى عبارة ” الحجي وصل ” . لمْ يقع عيني على ” حجيهم ” المزعوم ولمْ استطع تميزه عن غيره لكثرة حاشيته . المهم لمْ أعيرْ الموضوع أي الاهتمام ،وانشغلت في عملية “تركيز ” حب “السفايف ” فخر الصناعة العراقية ، حتى تقدم نحو احد أفراد جيش الحماية ،وهو يطلب مني أن أكون في حالة استعداد وتأهب ترحيباً بـ” الحجي” . تجاهلتُ الرجلَ ، وواصلتُ ” تكريز ” الحب ، وأنا أحاولَ أن القي القشور بعيداً عن وجهه قدر المستطاع . ما جعله يشتاط غضباً من فعلي هذا ، وصاحَ بصوتٍ كأنه الرعد ” مو كتلك الحجي وصل ؟” . ولم يكن بداً مني سوى تهديده باستخدام طريقة ” زاير حنتوش ” في الاحتجاج أن لم يجعلني أكمل ” تكريز ” حب عين الشمس . فرَ الرجلُ هرباً للحيلولة دون إثارة الفوضى ،وتعكير مزاج ” الحجي ” . المهم أن الظروف وقتها حالت دون أن يرى الناس ” زاير حنتوس ” وقد عاد إلى الواجهة بعد أن طواه الزمن والنسيان .