حسم برلمان كردستان العراق ، وقادة الحزبين الكرديين الكبيرين في كردستان العراق ، أمرهما في الاصرار على إجراء الاستفتاء في موعده المقرر في ال 25/9 ، بغياب حركة التغيير الكردية والجماعات الاسلامية في الاقليم ، ورفض منقطع النظير لجميع دول العالم عدا إسرائيل على لسان رئس وزرائها بنيامين نتنياهو، إضافة الى تهديدات الرئيس التركي أردوغان وقادة إيران ، وقادة الميليشيات التابعة لايران ،حيث يقول رئيس منظمة بدر هادي العامري ما نصه ( ان الحرب حتمية إذا أصر الاكراد على الانفصال والاستفتاء)، في حين أعلنت الادارة الامريكية رفضها وحذرت من تداعيات الاستفتاء وانعكاسه على الحرب ضد داعش ،هذا الاصرار على إجراء الاستفتاء في ظل الرفض الأقليمي والدولي ،يؤكد حقيقة أن الشعب الكردي مصمم على المضي الى النهاية وإقامة الدولة الكردية ، وحسب تعبير السيد مسعود برازاني (وليحدث ما يحدث)، أي أن القيادة الكردية تدرك أن طريق أقامة دولة كردستان غير مزروع بالورود ،وانما موحش لسالكيه ، هكذا يتحدى السيد رئيس الاقليم العالم كله ، ويصر على تنفيذ وعده للشعب الكردي، بإجراء الاستفتاء حتى (وهذا الأهم له) في المناطق المتنازع عليها، وفي مقدمتها محافظة كركوك الغنية بالنفط، نحن هنا لن نناقش قانونية الاستفتاء من عدمه رغم تصويت البرلمان العراقي على رفض الاستفتاء واعتباره باطلا ، ولكننا سنسلط الاضواء على مستقبل العراق بعد الاستفتاء ، وموقف الادارة الامريكية والدولة الاقليمية ، بل موقف حكومة العبادي الذي يطالبه التحالف الوطني ( بعمل عسكري) ضد الاقليم ، بعيدا عن الحوار والتوافقات التي أصبحت من الماضي ،بالنسبة للاقليم ، الذي أعلن إنهاء الشراكة والزواج الكاثوليكي مع التحالف الوطني ، واصفا ذلك بالخذلان ، مرددا مقولة احد مفكري حزب الدعوة المنشقين عنه ،(بأن الشيعة خذلوا الحسين (ع) كيف لايخذلون الكرد)، نحن نرى ومن خلال التجربة المرة ،التي مارستها الاحزاب المكونة للعملية السياسية(التحالف الشيعي والتحالف الكردستاني)، وخرقت الدستور وتخرقه كل يوم ،وهي من كتبه على مقاسها وملأته بالمفخخات والقنابل الطائفية والقومية والإثنية، إنفجرت وإرتدت عليهم ألآن ، حتى إعترفوا بألسنتهم أنهم (غدروا بالمكون السني وتآمروا عليه وأقصوه)، من أجل مصالحهم وأجنداتهم ، وهاهم الان يعضون أصابع الندم (لانهم خانوا السنة )، ما يعنينا هنا هو أن العراق بعد داعش سيدخل في نفق الحرب الاهلية ، بلا أدنى شك ، وهذه الحرب تحضر لها دول المنطقة ، ومنها إيران وتركيا تحديدا لوجود مطامع ومصالح وأهداف إستراتيجية وتاريخية في العراق، لايمكن لأحد أن ينكرها، وكانت هذه الدول وغيرها تنتظر الفرصة التاريخية ليكون العراق فيها ضعيفا وواهنا كي تعود هذه الدول لاحتلال العراق وتنفيذ استراتيجيتها فيه، وهاهي اليوم ترى العراق، مفككا ومحتربا ، تحكمه أحزابا طائفية وقومية وعنصرية وإثنية عميلة ، متصارعة فيما بينها لايمهما سوى مصالحها الحزبية الضيقة ، ناشرة الطائفية والفساد في كل مفاصل السلطة ، والتي اصبحت ظاهرة الفساد سرطان إنتشر بجسدها كالهشين في النار، يقوده حيتان الفساد الكبار في الاحزاب والسلطة، والامثلة كثيرة جدا آخرها وزير التجارة ،المحتجز في بيروت ،ومحافظ البصرة الهارب ،ورئيس مجلس محافظة البصرة المسجون بفضيحة فساد ،وغيرهم المئات ،منهم وزراء ومنهم قادة أحزاب طليقين للآن ،لا تستطع الحكومة إلقاء القبض عليهم رغم ثبوتيتها لسطوتهم الحزبية والحكومية ونفوذ هم الكبير كونهم تابعين لولي الفقيه الايراني ولاءا لاينفصم ،نعم العراق يعيش لحظات تاريخية فاصلة ، إما أن يقسم كانتونات ودكاكين حزبية وطائفية على مقاس مشروع بايدن سيء الصيت، وإما أن يدخل في نفق الحرب الاهلية ، وهذا الامر يحسمه الراعي الامريكي ، فمبعوث الرئيس دونالد ترمب ،بريت ماكغورت أبلغ الاطراف ،عندما زار السليمانية وإجتمع مع زوجة طالباني ، وبعدها وصل اربيل وإجتمع بالرئيس مسعود برازاني وذهب الى بغداد وإجتمع مع العبادي ،وأبلغهم الموقف النهائي الامريكي ،وقرار الرئيس ترمب وكان واضحا وحاسما ، أن أمريكا ترى أن الاستفتاء سيضر بمحاربة داعش ويؤخر القضاء عليه ، وإن أفضل الحلول ،هي الحوار مع بغداد وحكومة المركز، والاتفاق على إما تأجيل وإلغاء الاستفتاء ،أو إجراؤه في محافظات الاقليم فقط، دون المناطق المتنازع عليها مع ابقاء البرازاني رئيسا للاقليم لسنتين قادمتين ، وبغير ذلك ستتخلى الادارة الامريكية عن دعم الاقليم تماما ، وتترك النزاع والحرب مع المركز لحسمه عسكريا حسب وجهة نظرورأي وطلب التحالف الوطني الذي يقود العملية السياسية ، وتلح اطرافا لاجنة إيران وبدفع من حكام طهران الى الحرب ضد الاقليم وتحشيد الحشد الشعبي وتهديد اجتياح كركوك ومناطق اخرى كخانقين وجولاء وسهل نسنوى وغيرها ، وهو ما لاتريده الادارة الامريكية ألآن لانه يقوي تنظيم داعش ويؤخر حسم محاربته في العراق وسورية ، وربما يتمدد بوحشيته لاستهداف أمريكا واوروبا كما يفعل الان، إذن الأصرار الكردي يمهد الطريق نحو حربين داخلية( الجيش والحشد الشعبي)، وخارجية تنفذها تركيا وايران، وهما خياران أحلاهما أمر من المر نفسه، ويدخلان المنطقة في أتون حروب طويلة لانهاية لها في المدى المنظر ولسنين طويلة ،ومكالمة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مع العبادي رئيس الوزراء، وتفاهمهم حول مرحلة مابعد الاستفتاء ، نحو الحل العسكري ، وتصريح اردوغان وتهديده الشديد للاقليم ،في حالة اجراء الاستفتاء كان مباشرا وقاسيا وخطيرا جدا ، حذًّر وإنتقد رفع علم كردستان في كركوك، مطالبا بإنزاله فورا ،ويهدد ايضا بغلق تام للحدود مع الاقليم، وهذا الكلام ،يؤكد أن العلاقة المميزة بين رئيس الاقليم وتركيا ،قد إنتهت، لان تركيا ترى أن مصالحها الاستراتيجية العليا ،هي أهم من علاقة مصلحية اقتصادية بحتة ومؤقتة ، وأن تهديد الامن التركي خط أحمر ،من أية دولة أو جهة ، وهكذا جاء الرد التركي حاسما وواضحا ، أن الاقليم إذا اجرى الاستفتاء، فإنه يدخل المنطقة كلها في حرب يكون الخاسرالاول، فيها شعب كردستان واراضي كردستان ، لانها ستكون ساحة حرب داخلية واقليمية ،أعتقد الوضع خطير جدا ومقلق جدا ، ونحن نرى التهديدات المحلية والاقليمية وحتى الدولية تستهدف الاقليم، وهذا يحتاج حكمة الحكماء في الاقليم ، أن يخرجوا الازمة من عقال الحرب الى ساحة الحوار والتوافق، لاسيما ان الاقليم وشعب كردستان ،سيخسر تأييد اوروبا كلها وامريكا والدول العربية بقضيته القومية، في حق تقرير مصيره وهو حق شرعي له ، لا أحد ينكره إلا حاقد وشوفيني ، وان لايخسرالكرد التعاطف والتأييد العربي والدولي ،بضرورة حل الازمة بالتفاهم والحوار وضمان الحقوق التاريخية له، وهو يتطلب من السيد البرازاني ،قرارا شجاعا، وحكمة واعية سريعة لنزع فتيل الحرب المؤكدة ، وأن يفشل مخططات أعداء الكرد، لمنع تحقيق حلمهم الازلي، بإقامة دولة كردستان في العراق وايران وتركيا وسوريا ،التي وزعها الاستعمار على دول الجوار ذات يوم بمعاهدة سايكس- بيكو،في إجتراح حرب إفتراضية لاتؤدي الى الاستقلال الذي ينشده الكرد منذ مئات السنين، فما بناه الراحل البرازاني عبر تاريخه الطويل ،في مواجهة الحكومات العراقية لتحقيق الهدف الاسمى، سينهار بليلة وضحاها، وهو مشروع أمة الكرد ، وليس مشروع حزب أو فئة ، نتطلع الى أيام قليلة نرى فيها حل الازمة وإبعاد شبح الحرب الكردية –العربية ،التي( ليس المكون السني ) طرفا فيها، رغم أنه معني بها، وينظر لها على أنها فرصة لتقسيم وتدمير العراق، وتفكيك وتفتيت مجتمعه ونشر العرقية والطائفية والاحتراب، بين جميع مكوناته وطوائفه ومذاهبه ،نحن نرى أن مستقبل العراق ،مرهون بالاستفتاء (إذا جرى)، سيكون مجهولا ، وسيضع حداااا لنهايته ،وسيدخل في نفقً أشدّ ظلاماَ من النفق الذي هو فيه الآن …..