حوار
إسماعيل فهد إسماعيل طائر جنوبي ولد عام 1940 في البصرة وعاش فيها لأكثر من ثلاثين عاما، إسماعيل نخلة متعددة الجذور فالأب كويتي وإلام عراقية. ويعد إسماعيل المؤسس الحقيقي لفن الرواية في الكويت، اذ قدم لروايته الأولى «السماء زرقاء»، التي كشفت عن موهبته المتميزة، الأديبُ المصري المعروف صلاح عبد الصبور في العام 1970، وقال عنها: أجد أن هذه الرواية هي رواية القرن، وكانت مفاجأة كبيرة لي كونها جديدة في فكرها وطرحها، وقادمة من أقصى المشرق العربي.
تميز هذا الروائي باحتضانه المواهب الأدبية الإبداعية الشابة من خلال الملتقى الذي أنشأه وسماه ملتقى الثلاثاء، أو من خلال طباعة روايات وكتب تحمل أفكارًا جديدة ومهمة بالنسبة الى القصة والرواية كتشجيع ودعم لتلك المواهب.
ومن مؤلفاته( البقعة الداكنة،قصص بيروت1965م، كانت السماء زرقاء – رواية- بيروت 1970م، المستنقعات الضوئية- رواية- بيروت 1971م، الحبل -رواية- بيروت 1972م، الضفاف الأخرى -رواية- بيروت 1973م، ملف الحادث 67 -رواية- بيروت 1974م، الأقفاص واللغة المشتركة – قصص – بيروت 1974م، الشياح- -رواية- بيروت 1976م، النص – مسرحية- بيروت 1980م، القصة العربية في الكويت- دراسة- بيروت 1980م، الفعل والنقيض في أوديب سوفوكل- دراسة- بيروت -1980م، خطوة في الحلم – رواية- بيروت -1980م، الطيور والأصدقاء – رواية- بيروت -1980م، النيل يجري شمالاً- البدايات ج1- رواية- بيروت -1981م، الكلمة الفعل في مسرح سعد الله ونوس- دراسة – بيروت 1981م،- النيل يجري شمالاً- النواطير ج2- رواية 1982م، النيل يجري شمالاً- الطعم والرائحة ج3- رواية 1988م)
* البحث عن الهوية شكل محورا في اغلب أعمالك الروائية ما سبب ذلك ؟
الإنسان لا يمكنه ان ينفرد عن هويته وانتمائه مهما ابتعد عن مكانه الاصل ومهما حاول الآخرون أن يقلعوه من جذوره،وعليه فأن موضوع الهوية هي من أكثر القضايا الروائية بالنسبة إلي جدلا،وقد تحدث أصدقائي في الاصبوحة عن الهوية وعن انقسامها وانا وربما توارد خواطر فقد كتبت ورقة عنوانها (الهوية صندوق عجب) قلت فيها: ورد في المجلد الأربعين من معجم تاج العروس للسيد محمد مرتضى الحسيني ان الهوية عند أهل الحق هي الحقيقة المطلقة كذلك ورد في المنجد ما مفاده ان الهوية حقيقة الشيء او الشخص عندما تطلق مجتمعة على صفاته الجوهرية وباشتمال التعريفين أي الحقيقة والإطلاق وهو ما منح الأنظمة أي الحكومات حق ان يطلقوا لفظ الهوية على البطاقة المحددة لانتماء الفرد الى بلد معين ضمن مسميات متفق عليها كالبطاقة المدنية وغيرها (الجنسية) (وثيقة السفر) وصولا الى (البطاقة التموينية) وإذا أخذنا الهوية بمعناها السائد نجدها مفرغة من تلك المرين اي (الحقيقة) و(الإطلاق) ما دامت تتعاطى مع الإنسان بصفته كائن ينتمي لمكان معين قبل انتماءه لوثيقة رسمية معترف بها او غير معترف بها.
لذا فقد حاولت ومن خلال أعمالي الروائية والأدبية ان اطرح فكرة الوطن بشكلها الجميل والذي فقدناه وسط هذا الكم من الاغتراب والضياع الذي لامس حياتنا.
* انت تقول ان الذاكرة هي الهوية ماذا تحمل ذاكرتك عن البصرة؟
– تقول أيميل جوثان وهي كاتبة بلجيكية معاصرة (متى نعود إلى الديار) غالبا ما كنت اسأل ابي والديار هنا تعني (اليابان) ابدا لن نعود يجيبني ابي وكان القاموس أي المعجم يؤكد لي فضاعة تلك الإجابة.
أميلي عاشت طفولتها في اليابان وابيها يعمل في السلك الدبلوماسي تقول (أبدا) كانت هي البلد الذي اقطنه اليابان هي بلدي الذي خسرته لا كنه لم يخسرني ابدا كانت سمة لي بوصفي إحدى رعاياها ولان ذاكرة الفرد تجلد صاحبها تواصل أميلي سكان أبدا لا رجاء لهم واللغة التي يتكلمونها هي الحنين والعملة التي يتداولونها هي الزمن العابر هذا عن يابانية الهوية بالمعنى ألعرفاني بلجيكيتها بالتبعية الرسمية.
في روايته الأخيرة المعنونة (سرايا انتربول) يردد أميل حبيبي بين صفحة وأخرى ومشيت في درب الآلام والإحالة هنا على سيدنا المسيح (ع) والمراد لدى حبيبي انه بصدد ارتياد المكان واستعادة هل الذاكرة لان أميل حبيبي كان فرد من عائلة تتفكك متكونة من أب وأم وأخوة حين كتب سراياه جاوز سبعيناته حينما تركه الأخوة والأخوات والأولاد والبنات ليتكاثروا في بلدان أخرى أوربية او عربية.
لذا فيمكنني القول ان البصرة لم اخسرها ولم تخسرني لأني اعترف بفضلها وهي تفخر بكوني احد أبناءها البارين.فانا لا زلت احن للأيام التي كنا نقضيها في مقهى(هاتف) وهو مقهى معروف في المدينة يرتاده الأدباء والمثقفين نستمع لبعضنا حتى أصبح هذا المكان أشبه بمنتدى ثقافي يضم الكثير من الأدباء والشعراء.
* ماهو شعورك وأنت بين اهلك وأحبائك في البصرة ؟
– انا سعيد جدا ولكثرة سعادتي فأن الكلمات تهرب من فمي ويخونني التعبير عن سعادتي لان هذا اللقاء الذي يجمعني بهذه الأرض الطيبة وهذه الوجوه التي غيرت معالمها شمس البصرة التقيتها آخر مرة وبشكل سريع عام 1989م زرت حينها قضاء ابي الخصيب وتحديدا السبيليات لكي اطمئن على اهلها وناسها بعد انتهاء الحرب، واليوم يتملكني الكثير من الاحتشاد الشعوري والرغبة في الكتابة عن هذه المدينة المعطاء بصرة الأدباء والشعراء. هذه المدينة التي كونت فيها مجموعة من الأصدقاء الذين لم يبق منهم الا القليل بعدما شردت الحروب والاضطهاد كثيرا منهم ، ومن بين الأصدقاء الذين حظيت برؤيتهم القاص الكبير محمد خضير والناقد جميل الشبيبي وغيرهم من الأصدقاء الذين أتحفوني بشهاداتهم في الاصبوحة التي أقامتها لي جامعة البصرة الا إنني اشك بموضوعية هذه الشهادات لأنها شهادات صادرة من أصدقاء ومحبين وعادة ما يطغي الحب على الموضوعية في النقد.فشكرا لاهل البصرة وشكرا لجامعة البصرة التي استضافتني وعملت لي هذه الاصبوحة الجميلة.
[email protected]