تقول الاحصائيات العالمية والعربية ان رواتب الاساتذة الجامعيين هي الاعلى او أقل من الاعلى بقليل فضلا عما يمنح لاصحاب الكفاءات العلمية من امتيازات أخرى كتسهيل مشاركتهم في المؤتمرات العلمية على حساب دولهم او ابقاء مكاتبهم شاغرة لفترة وهي تحمل اسماءهم تقديرا لجهودهم في تعليم الاجيال وتنويرها ، فاغلب الدول المتطورة والتي تروم التطور تعتبر التعليم النواة الاولى والأهم لبناء الدول ..ولأننا نهوى التميزوالاختلاف عن بقية الدول في جميع قراراتنا واسلوب تعاطينا مع كفاءاتنا فقد هبط مستوى التعامل مع الاستاذ الجامعي الى الحد الأدنى منذ ان اصبح بضاعة مطلوبة لتجار الدم وبات معرضا للاعتداء والاهانة من الطلبة وصار يمكن ان يغادر الجامعة لاسباب طائفية بناءا على مااصطلح على تسميته بقانون المساءلة والعدالة فاقدا جميع امتيازاته وبكل بساطة ..
لهذا فقدت الجامعات العراقية اغلب العقول العلمية اما باغتيالهم او هجرتهم الى خارج البلد ، أما من صمد وبقي منهم فهو مطالب بأن يخضع لأمزجة رؤساء الجامعات الطائفية او الحزبية وأن يغض النظر عن سلوكيات بعض الطلبة التي تفقد الاستاذ الجامعي هيبته وتحوله الى أداة لتحقيق النجاح القسري ..
مؤخرا ، اصاب الاحباط الاكاديميين ومثلهم المتقاعدين وموظفي الدولة بعد ان خرجت علينا الحكومة بابتكارجديد يدعى (قانون التأمينات الاجتماعية) اذ شعروا ان سلبياته اكثر من ايجابياته التي هلل لها واضعوه بقولهم انه سيساوي بين شرائح المواطنين ويحقق لهم العدالة الاجتماعية في توزيع الثروات عبر ضمان حقوق العاملين في القطاع الخاص والمضحين من ذوي الشهداء والجرحى ، فهذا القانون يعتمد على صيغة تقليل رواتب الاساتذة الجامعيين والرواتب التقاعدية للموظفين لمنح المقتطع منها لشرائح اخرى ، وهو مايجعل القرار محبطا ويشبه عملية (تلزيك) مفتعلة ينتفي منها الهدف الايجابي والنية السليمة ، فمن ينوي رفع المستوى المعاشي للمواطنين وضمان حياة العاملين في القطاع الخاص عليه أن يجد سبلا اقتصادية اكثر جدوى كتنشيط العمل في القطاع النفطي والزراعي والصناعي واستغلال موارد السياحة الدينية ورسوم الكمارك التي تقدر بالمليارات بدل الاتكاء على الطبقات الضعيفة في المجتمع ووضعها في خانة العاجزين وبالتالي قد يضطر الاستاذ الجامعي الى الهجرة او الاستجداء او مخالفة ضميره المهني واستغلال مهنته في الاسهام في انحدار التعليم ومنح شهادات علمية لمن لايستحقها !!
كان الاحرى بمن يحاول انتشال البلد من منحدر الديون والهبوط الاقتصادي أن يقتطع من رواتب المسؤولين والنواب الذين اضاعوا ثروات البلاد بفسادهم المريع وحصولهم على امتيازات لايحلم بها أي موظف عراقي قدم احلى سنوات عمره لبلده ولم ينل سوى راتب تقاعدي يخضع للترشيق كلما تفتق ذهن الحكومة عن فكرة جهنمية لانقاذ البلد …خاصة وان كل تلك الافكار ليست حلولا جذرية ولاتعدو كونها محاولات (تلزيك) فقط ..